Site icon IMLebanon

توقيع رئاسي على ورقة بيضاء

دخل لبنان هذا الأسبوع مرحلة حاسمة يفترض أن تُفضي إلى تبلور الاستحقاق الرئاسي في آخر الشهر الحالي، سلباً أم إيجاباً.

الأمر متوقف على عبارة ينطق بها الرئيس سعد الحريري الذي بات يملك مفتاح قصر بعبدا أمام العماد ميشال عون. صحيح أن طريق الجنرال الى القصر الجمهوري بعد ذلك، يعترضها بعض الحواجز، لكن هذه المعوقات قابلة للإزالة إذا ما عرف القائد العسكري السابق التعاطي معها، وبغير اللغة العسكرية.

في كل الأحوال، أصبح المسرح مهيّأ لملء الشغور الرئاسي الأطول في حياة الجمهورية اللبنانية، وباتت كل المواقف المتصلة بالرئاسة اللبنانية واضحة، من أعلى الهرم الى أسفل القاعدة، دولياً وإقليمياً ومحلياً.

وهذا عرض بما أنضجته الأسابيع الماضية من فوق الى تحت:

÷ دولياً، الجميع مع انتخاب رئيس للبنان، أيّ رئيس، تثبيتاً للاستقرار الداخلي الذي تحرص عليه القوى الكبرى، خشية تدفق مليوني لاجئ سوري الى دول الغرب، بعدما خبرت هذه الدول جيداً وطأة اللجوء الى أراضيها. ثم إن هموم العالم اليوم في أمكنة أخرى غير لبنان ورئاساته.

÷ إقليمياً، تتوزع الاهتمامات هنا بالتحديد بين السعودية وسوريا وإيران.

ـ المملكة لم تقل «نعم» لميشال عون، لكنها لا تقول «لا». فليتحمل سعد الحريري نتائج موقفه. وربما هذا ما يربك الرجل ويحمل حلفاءه على تفسير الأمور وفق الأهواء والطموحات. لكنه في النتيجة سيحسم خياره، سلباً أو إيجاباً.

ـ أما سوريا وإيران فكل من ساءلهما في الأمر، قالتا بالفم الملآن: «راجعوا السيد حسن نصرالله».. ونقطة على السطر.

÷ محلياً، ثمة ثلاثة ممرات إلزامية بعد كلمة سعد الحريري.

ـ الأول يمثله «حزب الله». وواهم من يعتقد أن الحزب لا يريد رئيساً للبنان وبأسرع وقت. أساساً هموم الحزب باتت أكبر من لبنان ورئاساته. همه الأساسي استقرار البلد في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ المنطقة. وبالتأكيد لبنان برئيس سيكون أكثر استقراراً. هو يدعم العماد ميشال عون للرئاسة بقوة (قال السيد حسن «جربونا».. فجرِّبوه). لن يفتح الحزب خلافاً ولا صراعاً مع ميشال عون ولا مع نبيه بري ولن يضغط على أحد من حلفائه. صحيح أن تفاهمه مع «التيار الحر» مقدس، لكن تحالفه مع حركة «أمل» أكثر قداسة، لأنه يعني صحة الطائفة الشيعية واستقرار ساحتها

ومقاومتها، وهذا الاستقرار خط أحمر وفوق كل اعتبار..

ـ الثاني، يمثله الرئيس بري. وهو آخر من يعرقل انتخاب رئيس للجمهورية. لكن الرجل لا يوقع على بياض. وواهم من يعتقد أن ثمة من يمون عليه، في الداخل أو في الخارج. أساساً وفي مسيرته الطويلة كان ثمة رجل واحد يمون على نبيه بري، هو الرئيس الراحل حافظ الأسد، لأنه كان يحترم خبرة القائد الراحل، وكان على قناعة بأن الأسد يجتهد دائماً لصالح نبيه بري، وقد أثبتت الأيام ذلك.

الرجل يريد ضمانات وتفاهمات مسبقة، لا مع ميشال عون فقط، بل مع سعد الحريري أيضاً في موقعه العتيد كرئيس للحكومة.. لكن ما من عاقل يفترض أن يفكر بتجاوز عين التينة أو تجاهل نبيه بري والقفز فوق الطائفة الشيعية، ولا بإحياء ميثاق 43 التقليدي من القبور.

ـ الثالث، يمثله وليد جنبلاط. فالرجل يستعد لتسليم الزمام لنجله تيمور. وهو يريد أيضاً ضمانات للمستقبل، كي يكون تقاعده مريحاً. التفاهم مع وليد جنبلاط ليس صعباً.

على أساس هذه المعطيات يمكن أن يكون للبنان رئيس ظُهر الإثنين في 31 تشرين الأول 2016. لكن الخطوة الأولى مطلوبة من سعد الحريري. صحيح أن الرجل لم ينف حتى الآن كل ما تردد عن دعمه للعماد عون، لكنه وقّع حتى الآن على ورقة بيضاء يحتفظ بها في جيبه، وهي قابلة لأن يكتب عليها أي كلام.. وأي احتمال.