تشدد «كتلة المستقبل» النيابية على ان الاولوية في مناقشاتها واجتماعاتها «هي عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان.. وقد باتت هذه المسألة محور اتصالات لبنانية – دولية، ولبنانية – عربية، كما ولبنانية – لبنانية بالنظر لأهمية هذه العودة ودورها في «انتظام الأمور في لبنان..».
ليس من شك في ان الاسراع في العودة مسألة قد لا تكون سهلة كما يتوقع البعض من المتابعين، خصوصاً في مثل هذه الظروف الدقيقة والملتبسة في أكثر من جانب، ومع ذلك، فإن الافرقاء اللبنانيين في غالبيتهم الساحقة يشددون على هذه العودة، اليوم قبل غد، وغداً قبل بعد غد، وذلك على الرغم من ان البعض يرى ان العودة محتمة قبل احتفال عيد الاستقلال في الثاني والعشرين من تشرين الثاني الجاري، الذي يرعاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي يتمسك بالعودة ولقائه الرئيس الحريري والوقوف منه شخصياً على الأسباب الحقيقية لاعلان استقالته من خارج لبنان، «ليبنى على الشيء مقتضاه» ويبدأ مرحلة جديدة يكون «الحوار الوطني» مادة أساسية وعلى جدول الأعمال البيان الوزاري لحكومة «استعادة الثقة» الذي وافق على جميع الافرقاء وحظي بمباركة مجلس النواب، ويتضمن تحييد لبنان عن صراعات المنطقة ويؤكد اعتماد سياسة النأي بالنفس والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية..» مع ضرورة بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وضرورة التزام القرارات الدولية وأولها القرار 1701 واستكمال تنفيذه بكل مندرجاته، بحيث يكون للدولة، ولقواها العسكرية والأمنية الدور الوحيد والأساس في حماية استقرار وأمن وحدود لبنان..» أي العودة الى «الاستراتيجيا الدفاعية» من أجل إيجاد حل لسلاح «حزب الله» الموصوف بـ»اللاشرعي»..
وعلى أهمية الزيارة التي قام بها البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الى المملكة العربية السعودية، وهي الأولى من نوعها لمرجعية مسيحية منذ العام 1975، ولقائه قيادات المملكة والرئيس الحريري، فإنها لم ترقَ الى مستوى «الضمانات» التي يتطلع اليها البعض لتنطلق مرحلة جديدة، حيث أبدى عديدون خشيتهم من ان تكون المرحلة المقبلة، أشد ايلاماً على الوضع في لبنان من الاستقالة نفسها، قبلت او لم تقبل، ثم التراجع عنها او لم تم.. إذ ليس من شك في ان مرحلة ما بعد الاستقالة لن تكون بالطبع كما قبلها.. لكن كيف ومتى وبأية وسائل؟!
لم يتردد البطريرك الماروني، في «دردشة» مع الصحافيين بعد لقائه الرئيس لحريري في الرياض أول من أمس من ان يصف اللقاء بأنه كان «جيداً» وبأن «الحريري» قال له أنه «سيعود الى لبنان في أسرع وقت ممكن، فهو عبر من خلال استقالته عما في قلبه»، وأنا – يقول الراعي – «مقتنع بأسباب الاستقالة وبأنه يجب ان يحصل كلام بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وبين الرئيس الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري والقيادات اللبنانية كافة..» لافتاً الى ان الحريري أبلغه سأنه مستعد لمواصلة عمله (البعض رأى في هذه العبارة عودة عن الاستقالة او تصريف أعمال) والتواصل مع كل الفرقاء» – (بمن فيهم «حزب الله»).
اللافت حتى اللحظة ان «حزب الله»، كما والرئيس بري وسائر حلفائهما، يعتصمون بـ»الصمت الايجابي» ازاء ما قاله الرئيس الحريري، وتحديداً في مقابلته التلفزيونية، وهم يعطون الاولوية – كما الرئيس عون – لعودته الى بيروت على ما عداها، على خلفية قناعة تولدت لديهم خلاصتها أنه «أجبر في السعودية على قول ما قاله في اعلان الاستقالة» ولا يتوقعون منه ان «يقلب الطاولة».. مع اشارة الى ان الجميع، بمن فيهم رئيس الجمهورية، ماضون في قناعتهم بأن الحريري في «اقامة جبرية في الرياض» بدليل المواقف الدولية والبيانات الصادرة عن العديد من وزراء خارجية الدول الاوروبية، بمن فيهم الولايات المتحدة التي أشارت تلميحاً، او تصريحاً الى أنه «ليس حراً في تحركاته..»؟!
قد لا يختلف اثنان على ان المسألة أكثر تعقيداً مما يتصور البعض، وأن البطريرك الراعي – على أهمية موقعة والدور الذي يمكن ان يؤديه محلياً ودولياً، لا يملك مفاتيح الحل ولا الضمانات المطلوبة من الافرقاء كافة.. ما يفسر معني تقاطع زيارته السعودية، مع الزيارات الاوروبية التي يقوم بها وزير الخارجية جبران باسيل بأمر من الرئيس عون، وحققت «نجاحات نسبية لافتة» على ما يظهر من المواقف الدولية المعلنة، خصوصاً من فرنسا وايطاليا والمانيا وبريطانيا.. الامر الذي أثار عدداً من الاسئلة والتساؤلات حول ما يمكن أن تكون عليه المرحلة المقبلة.
في قناعة الجميع، ان الحريري عائد الى لبنان، وأن عودته باتت محسومة قبل ذكرى الاستقلال في 22 الجاري، وستكون له جولة لقاءات واتصالات أبرزها مع الرئيسين عون وبري، يستكمل بها طلته الاعلامية «الهادئة» عبر تلفزيون «المستقبل» مساء الاحد الماضي.. وهو، كما الرئيسين عون وبري وغالبية الافرقاء اللبنانيين (باستثناء «القوات اللبنانية» وعدد من قياديي 14 آذار) يراهنون على «طاولة الحوار بصيغة جديدة غير تلك التي اعتمدها الرئيس السابق ميشال سليمان، صيغة تقود الى تثبيت الاستقرار الداخلي الذي صبغ السنة الاولى من عهد الرئيس عون وحكومة الحريري.. واعتماد الواقعية في معالجة «المسائل الخلافية» من مثل «خروج «حزب الله» من سوريا وتسليم سلاحه، واعادة قرار الحرب والسلم الى يد الدولة..».
الجميع يتمنى عودة سالمة وأمنية وقريبة جداً للرئيس الحريري.. وهي عودة ستكون، ولا شك، مفتاح حلول العديد من القضايا والملفات العالقة».