ابراهيم ناصرالدين
البابا طالب بادرة «حسن نية»… ومخاوف من تضليل اميركي
قاسم يشرح «الهواجس» اليوم… ولا ازمة ثقة مع عون وبري
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب لم تمر ساعات على «الايجابية» اللبنانية، او على ما يراه البعض تنازلا مجانيا، عن شروط تم وضعها سابقا، مقابل تعيين ممثل مدني في لجنة «الميكانيزم»، حتى دخلت «اسرائيل» على خط تثبيت قواعد «اللعبة» السائدة منذ توقيع اتفاق وقف الاعمال العدائية، عبر غارات عنيفة استهدفت العديد من منازل المدنيين في قرى الجنوب، في «رسالة» واضحة انه لا تراجع عن التفاوض «تحت النار»، وان الخطوة اللبنانية لن تغير من الوقائع الميدانية، خصوصا بعد تمسك الجانب الرسمي اللبناني بتقييد السفير سيمون كرم بقواعد صارمة في عملية التفاوض التي تقتصر على تامين انسحاب قوات الاحتلال من الاراضي اللبنانية، ووقف الاعتداءات، واطلاق سراح الاسرى، وهي اجندة لا تتناسب مع الاستراتيجية الاسرائيلية القائمة على فصل المسار السياسي عن العسكري، كما كشف الاعلام الاسرائيلي امس، اي «توريط» لبنان بتفاوض على قضايا سياسية واقتصادية، دون ان يكون المسار الامني جزءا من التفاوض. وفي هذا السياق، يتواصل «التهويل» بان احتمال التصعيد لا يزال قائما، وان هذه الخطوة مجرد «شراء للوقت»، وستعمد «اسرائيل» لاحقا الى موجة جديدة من التصعيد لاجبار لبنان على تقديم تنازلات جديدة وفي مقدمتها الموافقة على منطقة عازلة تحت عنوان «المنطقة الاقتصادية». وعلم في هذا السياق، ان الحكومة الاسرائيلية رفضت اقتراحا اميركيا بتخفيف التواجد العسكري داخل لبنان، وهي تصر على ان اي تهدئة ستكون مقابل «نزع» سلاح حزب الله على كامل الاراضي اللبنانية، وليس اي شيء آخر، لكنها مستعدة للتعاون الاقتصادي بما يشمل التعاون في ملف حقول الغاز.
من تحفظ في الحكومة؟
وفي الانتظار،غاب بيان «كتلة الوفاء للمقاومة» امس، وترك موقف الحزب للامين العام الشيخ نعيم قاسم اليوم، فيما شرح الرئيس جوزاف عون في جلسة الحكومة، حدود صلاحيات كرم في لجنة «الميكانيزم»، عرض قائد الجيش رودولف هيكل تقريره قبل النهائي حول خطة «حصر السلاح»، محملا «اسرائيل» مجددا تعطيل استكمال التنفيذ، وكان لافتا ان الجلسة لم تشهد اي اعتراضات على مسالة تعيين السفير كرم، من قبل وزراء «الثنائي» الا ان المفاجىء كان تحفظ وزير الخارجية يوسف رجي على عدم اطلاع «الخارجية» على تعيينه، معتبرا الامر تجاوزا لصلاحياته، فلم يعلق الرئيس عون على كلامه، وجرى تجاوز الاعتراض دون اي نقاش!
لماذا «يتحفظ» حزب الله؟
وبانتظار موقف الشيخ قاسم اليوم،الذي سيسهب بشرح «هواجس» حزب الله، لفتت مصادر مطلعة على اجواء الحزب «للديار» الى ان خلفيات «التحفظ» على خطوة اشراك مدني في لجنة «الميكانيزم»، لا ترتبط بالمهام الموكلة اليه، خصوصا ان الاتفاق تام مع رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، حول عدم تجاوز حدود المهام الثلاث المحصورة بوقف الاعتداءات ، والانسحاب، واطلاق الاسرى.
الثقة بعون وبري..ولكن!
والثقة كبيرة بكلا الرجلين حيال الالتزام بهذه البنود وعدم تجاوزها الى نقاشات سياسية او اقتصادية، لكن المشكلة في التوقيت والشكل، شكلا واشنطن تدخلت بتسمية السفير كرم، ورفضت تزكية رئيس الجمهورية لبول سالم، اما التوقيت فهو سيء لان لبنان قدم تنازلا تحت التهويل بالحرب دون ان يحصل على شرطه المسبق لرفع مستوى التمثيل، مقابل وقف الاعتداءات الجوية، وهذا سيؤدي حتما الى المزيد من التعنت الاسرائيلي، واستخدام المزيد من القوة لتحصيل المزيد من التنازلات، بغياب اي ضمانة اميركية يمكن الركون اليها.
وبالعودة الى الماضي القريب، تقول تلك الاوساط، يمكن فهم ما ينتظرنا في المستقبل، فبمناسبة عيد الاستقلال ،أعلن الرئيس جوزاف عون، الاستعداد للتفاوض مع «إسرائيل» فاتحا الخيارات لرعاية أممية أو أميركية أو دولية مشتركة، ردّت «إسرائيل»، باستمرار الغارات والاغتيالات التي كان أخطرها اغتيال الشهيد هيثم الطبطبائي. بعدها رفعت واشنطن سقف الضغوط، ووجهت إنذارا للدولة اللبنانية بإمهالها حتى نهاية العام لتنفيذ حصر السلاح، فتحرك المصريون والاوروبيون وساهموا في تعزيز المخاوف من حصول ضربات واسعة، وجاءت زيارة البابا لتسرع من التنازلات اللبنانية.
ماذا طلب البابا؟
ووفق المعلومات، فان المحادثات السياسية على هامش الزيارة افضت الى موافقة المسؤولين اللبنانيين على طلب «الفاتيكان» الاقدام على خطوة حسن نية لمساعدة البابا في اتصالاته الدبلوماسية المقبلة لتخفيف التوتر ومنع «شبح الحرب»، فكانت الاستجابة اللبنانية فورية وجرى الاتفاق على المشاركة المدنية في لجنة «الميكانيزم» شرط ان لا تتجاوز هذه الخطوة، حدود التركيز على الإجراءات الأمنية على الحدود، والانسحاب الإسرائيلي من النقاط المحتلة، وإعادة الأسرى اللبنانيين، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية.
«التنازل» يقابل بالتصعيد
لكن الذي حصل ان «اسرائيل» سارعت الى استغلال التراجع ورفعت سقف مطالبها واعتبرت ان الخطوة غير كافية ويجب ان تقرن بتوسيع عملية التفاوض بدءا من الاقتصاد، ووصولا الى السياسية، وبعد ان اعرب المسؤولون اللبنانيون عن رفضهم تجاوز «الخطوط الحمراء» اللبنانية، جاء الرد بالامس عبر تصعيد الاعتداءات على الجنوب، ورفعت من منسوب تحليق مسيراتها خصوصا فوق الضاحية الجنوبية وبيروت، «والرسالة» واضحة، كل تنازل لبناني يقابل بالتصعيد وليس التهدئة، لان حكومة اليمين المتطرفة لم تعد معنية بسلام او تطبيع وانما تنفذ استراتيجية تقوم على «اخضاع الخصم» عبر اجباره على تقديم تنازلات مجانية!
الاعلام الإسرائيلي يفضح «المستور»؟
من جهته كشف الاعلام الاسرائيلي عن حقيقة النوايا الاسرائيلية، وفي هذا السياق، اوضحت صحيفة «إسرائيل اليوم» المقربة من رئيس حكومة العدو، ان ثمة مسارين منفصلين: الحملة ضد حزب الله وجهود تفكيك ترسانته العسكرية، والعملية السياسية مع لبنان، ولفتت الى ان الإدارة الأميركية منحت «إسرائيل» الضوء الأخضر لمواصلة عملياتها العسكرية ضد الحزب، بينما تضغط في الوقت نفسه على «إسرائيل» لدعم خطوات الحكومة اللبنانية والرئيس عون!
دور واشنطن
من جهتها أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تمارس ضغوطًا شديدة على إسرائيل ولبنان لمنع انهيار وقف إطلاق النار. ونقلت عن مسؤول إسرائيلي، قوله «الآن أنه لا يوجد قرار بالتصعيد بشكل قاطع»، موضحة أن «العامل الأميركي أساسي في عملية صنع القرار، في ظل تأثير واشنطن الهائل على السياسة الإسرائيلية على غرار الضغط الذي مارسه الرئيس دونالد ترامب لتنفيذ خطته في قطاع غزة».
ضغط اميركي مكثف
من جهتها، اعتبرت صحيفة «هآرتس» ان الامر يمثل اختراقًا دبلوماسيًا قد يُبطئ أو حتى يُوقف السباق نحو صدام عسكري. وأشارت إلى أن موافقة لبنان على الدخول في مفاوضات دبلوماسية، لا عسكرية فقط، جاءت بعد أن اعتُبر خطر توسع الحرب خطرًا حقيقيًا وقائِمًا، مصحوبًا بضغط سياسي أميركي مكثف على لبنان، وضغوط عربية على واشنطن لتهدئة «إسرائيل».ولفتت الصحيفة الى ان سلوك «إسرائيل» سيثبت ما اذا كانت ستتراجع عن مبدأ إجراء المفاوضات تحت النار فقط، بينما المطلوب من لبنان إثبات تصميمه ميدانيًا وقدرته على «تطهير» جنوب لبنان من أسلحة حزب الله ومنشآته.
اختبار نوايا لبنان
أما بالنسبة لنزع السلاح في شمال لبنان، فمن المرجح أن تستغرق هذه الخطوة وقتًا أطول، وفقا للصحيفة،» لكن على الولايات المتحدة تزويد الحكومة اللبنانية ذخيرة دبلوماسية وسياسية تُسهّل عليها التوصل إلى اتفاقات مع حزب الله أو حشد الشرعية الشعبية إذا ما دعت الحاجة إلى مواجهته».وعلى «إسرائيل»، ان تقدم للبنان إنجازات دبلوماسية، مثل الانسحاب من المواقع الخمسة التي تسيطر عليها داخل لبنان، وإعادة السجناء اللبنانيين الذين تحتجزهم، والسماح بعودة آلاف اللبنانيين، معظمهم من الشيعة، الذين فروا من قراهم في جنوب لبنان ولم يعودوا إلى ديارهم بعد حسب تعبير «هآرتس».
المنطقة الاقتصادية؟
وكان مسؤول أميركي، كشف لموقع «اكسيوس»عن حقيقة النوايا الاميركية، واشار الى إن الرئيس دونالد ترامب يخطط لإنشاء منطقة اقتصادية على الحدود بين لبنان و«إسرائيل» تكون خالية من حزب الله، وزعم الموقع، ان المحادثات خلال لجنة «الميكانيزم» ركّزت بشكل رئيسي على التعارف بين الطرفين، لكن القضية الأكثر جوهرية في الاجتماع الأول كانت التعاون الاقتصادي، وخاصة في ما يتعلق بإعادة إعمار المناطق اللبنانية المتضررة من الحرب، ولا تزال رؤية واشنطن على المدى الطويل هي إنشاء منطقة ترامب الاقتصادية على طول الحدود، وتكون خالية من حزب الله والأسلحة الثقيلة.ووفقاً للمصدر الاميركي، فإن الطرفين اتفقا على الاجتماع مرة أخرى قبل العام الجديد، والمجيء إلى طاولة المفاوضات بمقترحات اقتصادية تساعد في بناء الثقة.
قلق من «التضليل»
وفي تصريح تخشى اوساط لبنانية بازرة ان يكون مضللا، أفاد المسؤول الأميركي بأن إدارة ترامب تعتقد أن اغتيال القيادي في حزب الله هيثم الطبطبائي، في 23 تشرين الثاني الماضي، هو آخر عملية إسرائيلية كبرى محتملة بلبنان. وأضاف «أن الإدارة تعتقد أيضًا أنه بغض النظر عن خطاب بعض السياسيين والجنرالات الإسرائيليين، فإن استئناف إسرائيل الحرب ليس واردًا في الأسابيع المقبلة». ووفق تلك الاوساط، يجب الحذر من التطمينات الاميركية التي استعملت خلال الحرب الاخيرة لنصب افخاخ للمقاومة وادت الى تنفيذ عمليات اغتيال كبرى، وفي مقدمها اغتيال الامين العام السابق لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله.
المشكلة في اميركا واسرائيل؟
وللدلالة على ان المشكلة في واشنطن وليس في «اسرائيل» اكدت صحيفة «واشنطن بوست» الاميركية إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يركل أكثر من كرة دبلوماسية في نفس الوقت. فمن أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، وهو يعد بما لا يستطيع تحقيقه، واليوم تهدر الفرص بسبب سوء الإدارة والمماطلة من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل والدول العربية. ونقل عن مسؤول إسرائيلي بارز قوله «كل شيء عالق»، لأن الدبلوماسيين فشلوا وكل الجبهات في الشرق الأوسط لا تزال مفتوحة. ولفتت الصحيفة الى إن خطوة الرئيس ترامب الجريئة لوقف الحرب في غزة زادت من أمال حدوث اختراق ما بالمنطقة، إلا أن عدم المتابعة من واشنطن وشركائها تركت الشرق الأوسط ينتظر «اليوم التالي» الذي يتحقق فيه الاستقرار.
الفرصة الضائعة اميركيا
وبراي الصحيفة، لبنان هو الفرصة الثانية الضائعة.. «اسرائيل» تواصل ضرب أهداف لحزب الله، لكن هذا مجرد تكرار لصيغة «جز العشب» القديمة، فـ «إسرائيل»، التي يجب ان تحقق السلام مع جميع جيرانها، لا تريد وينبغي أن توافق. لكن مشكلة ترامب أنه يلعب بالعديد من الكرات الدبلوماسية في وقت واحد، لدرجة أن بعضها سيسقط حتما وهذا ما حدث بعد اتفاق السلام مع غزة. لقد وعد بأكثر مما حققه حتى الآن.و مصداقيته باعتباره وسيطا متعدد الاتجاهات سوف تتعزز إذا استطاع أن يثبت أنه لا يعلن عن المشاريع بضجة فحسب، بل وينجح في تنفيذها أيضا.
الاعتداءات الإسرائيلية
وكانت قوات الاحتلال قد صعدت اعتداءاتها جنوبا، ونفذت غارات على مبان سكنية مدنية بعد تحذير سكانها باخلائها، وتم استهداف عدد من المنازل في بلدات جباع ومحرونة، وبرعشيت والمجادل واستهدفتها بغارات عنيفة.
تقرير قائد الجيش
وفيما يصل سفراء دول مجلس الامن الـ 15 الى بيروت اليوم، ويجولون جنوبا، انعقدت جلسة الحكومة على وقع ازيز المسيرات الاسرائيلية، وعلمت «الديار» ان قائد الجيش العماد رودولف هيكل تقريره الشهري حول خطة «حصر السلاح»، واكد ان المرحلة الاولى من الخطة باتت في آخر مراحلها، مجددا التاكيد على تعاون كافة الجنوبيين بما فيهم حزب الله مع الخطة جنوب الليطاني، مشددا على ان العائق الوحيد يبقى الاحتلال الاسرائيلي، والاعتداءات اليومية. وقدم هيكل عرضا مفصلا بالارقام حول السلاح المصادر والانفاق التي تم الدخول اليها. كما ابلغ الحكومة سد الثغرات الامنية في مخيمي البداوي والرشيدية، كما عرض لانجازات الجيش في القبض وملاحقة تجار المخدرات.
عون: لا تنازل عن السيادة
من جهته شدد رئيس الجمهورية جوزاف عون على وجوب ان تسود لغة التفاوض بدل لغة الحرب، وقال انه لا تنازل عن سيادة لبنان، «وعندما نصل الى اتفاق سيظهر ما اذا كان هناك من تنازل، وعندها سنتحمل المسؤولية، اما قبل ذلك فلا يجوز الحكم على النوايا قبل ان يتم الإعلان عن أي اتفاق، وليس هناك من خيار آخر سوى التفاوض، موضحا ان التوجيهات التي أعطاها الرئيس سلام الى السفير كرم، عنوانها العريض هو التفاوض الأمني، أي وقف الاعتداءات والانسحاب من النقاط المحتلة، وترسيم الحدود، وإعادة الاسرى، وليس اكثر من ذلك، مهما قيل ويقال عكس ذلك».