للمرّة الأولى منذ عام 2005، خطت الهيئة المنظِّمة للاتّصالات خطوة مفصلية في مسار تنظيم قطاع الاتّصالات في لبنان، عبر إصدار النظام المتعلّق بأصول الترخيص لمقدّمي خدمات الاتّصالات، إلى جانب النظام الخاص بأصول إدارة حيّز التردّدات اللاسلكية والترخيص باستعمالها.
خطوة، وفقا للخبراء، تأتي بعد سنوات طويلة من الفراغ التنظيمي، الذي انعكس فوضى في آليات الترخيص، وغموضًا في إدارة الطيف الترددي، وأضعف قدرة الدولة على ضبط هذا القطاع الحيوي واستثمار موارده بشكل فعّال.
وينظر الخبراء، إلى هذين النظامين على أنّهما يشكّلان حجر الأساس لإعادة هيكلة قطاع الاتّصالات وفق معايير قانونية وتقنية أكثر حداثة وشفافية، بما ينسجم مع التطوّرات التكنولوجية العالمية ومع متطلّبات السوق المحلي.
فمن جهة، يحدّد نظام الترخيص الإطار القانوني الواضح لعمل مقدّمي الخدمات، ويضع معايير دقيقة للدخول إلى السوق، ما يحدّ من العشوائية ويعزّز المنافسة المنظّمة. ومن جهة أخرى، يوفّر نظام إدارة حيّز التردّدات آلية أكثر عدالة وكفاءة في توزيع هذا المورد النادر، بما يمنع الاحتكار وسوء الاستخدام. غير أنّ نجاح هذه الخطوة يبقى مشروطًا بمدى الالتزام بتطبيقها فعليًا، وبقدرة الهيئة على فرض رقابتها بعيدًا من الضغوط السياسية والمصالح المتشابكة، وإلا ستبقى هذه الأنظمة مجرّد نصوص قانونية بلا أثر عملي، على ما يؤكد العالمون.
أفادت مصادر مطّلعة الى أنّ أحد العوامل الجوهرية التي تقف خلف الأزمة الراهنة في قطاع الكهرباء، والتي انعكست تراجعًا ملحوظًا في ساعات التغذية بالتيار، ويتمّ التحذير من استمرارها في المرحلة المقبلة، يعود أساسًا إلى تعثّر عدد من المناقصات الخاصة بتأمين الفيول.
ووفق المصادر، فإنّ المناقصات فشلت إمّا بسبب إحجام الشركات عن التقدّم بعروض أسعار، أو نتيجة اقتصار المشاركة على عارض واحد فقط، ما أفقدها الحدّ الأدنى من المنافسة المطلوبة. ويُعزى هذا الواقع، بحسب المصادر نفسها، إلى تشديد الإجراءات الرقابية والإدارية، ولا سيّما ما يتعلّق بالتدقيق في البواخر المحمّلة بالفيول، وذلك في أعقاب الكشف عن ملفات وفضائح فساد سابقة هزّت القطاع.
هذا التشدد، رغم أهميته في تعزيز الشفافية ومنع التجاوزات، أدّى عمليًا إلى عزوف عدد من الشركات عن الدخول في المناقصات، ما ساهم في تعقيد الأزمة وزيادة حدّتها.
