Site icon IMLebanon

لبنان ينجو من «قطوع» ليبيا.. فماذا عن «الافخاخ» الاميركية ؟

لبنان ينجو من «قطوع» ليبيا.. فماذا عن «الافخاخ» الاميركية ؟
هيل يفشل في «استدراج» لبنان لحضور قمة وارسو ضد ايران
بري يتجه «للتهدئة» مع عون.. ورسالة باسيل تعكس الانقسام
كتب ابراهيم ناصرالدين

هدأت «العاصفة السياسية» والمالية على وقع استمرار «العاصفة الطبيعية» التي تبلغ ذروتها خلال الساعات المقبلة، وفيما تواصل سندات لبنان الدولارية مكاسبها بعد «استيعاب» تداعيات تصريحات وزير المال الاخيرة، وتاكيد الرئيس ميشال عون أن الودائع ستدفع كاملة وكذلك السندات مع فوائدها في آجالها، وكذلك اعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عدم المس بسعر صرف الليرة، حاولت الولايات المتحدة الاميركية «استدراج» الساحة اللبنانية الى «اتون» «عاصفة» جديدة من خلال محاولة وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية دايفد هيل «جس نبض» رئيس الحكومة سعد الحريري حيال امكانية حضور لبنان للقمة المزمع عقدها في الشهر المقبل في العاصمة البولندية وارسو لتشكيل «حلف» دولي اقليمي لمواجهة النفوذ الايراني، وهو الامر الذي لم يناقشه المبعوث الاميركي مع اي مسؤول لبناني آخر..

ووفقا لاوساط وزارية بارزة، كانت زيارة هيل الى «بيت الوسط» المحطة الاهم في جولة المسؤول الاميركي على المسؤولين اللبنانيين، فالمواقف العالية «السقف» التي تلت اللقاء ضد حزب الله وايران، عكست اجواء الاجتماع الذي تضمن «مأدبة غداء»، وما لم يطرحه هيل على رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، افاض في شرحه على مسامع رئيس الحكومة المكلف، وهو نقل «رسالة» واضحة من وزير الخارجية مايك بومبيو اكد فيها ان بلاده لن تتخلى عن حلفائها على الساحة اللبنانية، ولن تتركهم لمواجهة التغيير الحاصل لموازين القوى في سوريا، واشار الى ان الانسحاب العسكري لا يعني خروج المنطقة من دائرة اهتمام الادارة الاميركية، مؤكدا ان اصرار الخارجية الاميركية على حضوره شخصيا بالتزامن مع جولة وزير الخارجية في المنطقة لها دلالات يجب ان «تقرأ» جيدا على الساحة اللبنانية، وهي «رسالة» واضحة الى حزب الله والمحور الذي يمثله، بان واشنطن لن تسمح بتجاوز مصالح «الحلفاء» على الساحة اللبنانية..

«الافخاخ الاميركية»…

وبحسب تلك الاوساط، فان الاكثر خطورة في طروحات هيل كانت «استمزاج» «رأي» الحريري في مسألة دعوة لبنان لحضور قمة وارسو في بولندا المزمع انعقادها في شهر شباط المقبل، وطرح العديد من الاسئلة حول اهمية قيام ادارته بهذه الخطوة لجهة اخراج لبنان من «التصنيفات» المعتادة التي تشير الى سيطرة حزب الله على مقدراته السياسية والامنية، وكان حريصا على معرفة كيفية تصرف الدولة اللبنانية مع دعوة مماثلة، ومدى تاثير هذا الامر على «التوازنات الداخلية»، مؤكدا ان بلاده مستعدة لدعم خيار القوى السياسية اللبنانية التي ستؤيد حضور المؤتمر..ووفقا للمعلومات، لم يكن الرئيس الحريري متحمسا للطرح الاميركي وشرح وجهة نظره الداعمة للسياسة الاميركية التي تعمل على الحد من «النفوذ» الايراني الذي يعاني منه لبنان، لكنه شدد على ضرورة المحافظة على معادلة «النأي بالنفس» القائمة في البلاد راهنا، مؤكدا ان طرحا مماثلا سيثير انقسامات لا ضرورة لها في هذه المرحلة الشديدة الحساسية حيث لا تزال القوى السياسية غير قادرة على تشكيل حكومة..وقد وعد هيل بنقل وجهة نظر الحريري الى ادارته على ان «يبنى على الشيء مقتضاه».

«8 آذار» تحذر..؟

ووفقا لتلك الاوساط، لم يحمل الدبلوماسي الاميركي معه «خطة عمل» قائمة بذاتها حول كيفية تعامل ادارته مع المرحلة المقبلة، ودور لبنان في مرحلة المواجهة مع حزب الله وايران في المنطقة، ويمكن اعتبار زيارته «استطلاعية» من جهة، ومحاولة لتاكيد الحضور الاميركي من جهة اخرى في «ساحة» اختلت فيها التوازنات على نحو واضح لصالح المحور المقابل، لكنه شدد على ان اسرائيل ابلغت الولايات المتحدة عدم رغبتها في التصعيد على الحدود الجنوبية..

وفي هذا السياق حذرت مصادر بارزة في 8 آذار من ان البعض يخطئ في لبنان بحساباته ويعول من جديد على ادارة اميركية «مربكة» وتعيش ازمات متلاحقة في الداخل والخارج، مشيرة الى ان ما بعد القمة الاقتصادية في بيروت سيكون الاختبار الاول لمفاعيل هذه الزيارة حيث ستتكشف تردداتها مع استئناف الاتصالات لمحاولة تشكيل الحكومة، في ظل بداية ظهور مؤشرات سلبية اقليمية من خلال تراجع عدد من الدول العربية عن سياسة الانفتاح على سوريا…

هيل يصعد ضد حزب الله

وكان هيل قد اكد بعد لقاء الحريري أن الشعب اللبناني وحده يجب أن يتخذ القرارات الكبيرة ويحق للدولة وحدها أن تدافع عن نفسها ولا يجوز أن يكون هناك ميليشيا تقوم بحفر الأنفاق أو جمع ترسانة من مئات الصواريخ التي تهدد الإستقرار»، لافتاً الى «أننا نمضي قدما في مواجهة ايران في المنطقة و«حزب الله» في لبنان»، مشددا على ان «الولايات المتحدة تدعم المؤسسات اللبنانية ولاسيما الجيش اللبناني لتأمين الحدود والحفاظ على الأمن في لبنان». وعن تشكيل الحكومة، أكد «أن تأليفها يعود الى لبنان وحده لكن نوع الحكومة مهم بالنسبة للجميع وعلى اللبنانيين ان يتّخذوا قرارات صعبة في ظل الوضع الاقتصادي»…

وبحسب المعلومات حرص هيل على التحريض على حزب الله…وخلال لقائه مع رئيس الجمهورية ميشال عون اكد الاخير انه عندما تدعم الولايات المتحدة السلام العادل في المنطقة سينعكس استقرارا في لبنان، وامل ان تستانف عملية ترسيم الحدود قريبا مشددا على ان لبنان يعمل على الصعيد الاقتصادي على مكافحة الفساد…اما رئيس مجلس النواب نبيه بري، فقد عرض مع هيل للوضع في لبنان والمنطقة وتوقف بري امام «التمادي الإسرائيلي بالخروقات والإنتهاكات اليومية للقرار 1701، وتجاوزه لقوات «اليونيفيل» واللجنة الثلاثية بالإعتداء على الخط الأزرق والأراضي اللبنانية». وشدد مرة اخرى على «الحل السياسي في سوريا، وضرورة إستعادةالعلاقات اللبنانية – السورية لطبيعتها على الصعد كافة…»

ووفقا للمعلومات، اكد وزير الخارجية جبران باسيل امام هيل الذي فاتحه «بخروقات» حزب الله للقرار 1701انه اذا كان حزب الله «خرق» بخمسة انفاق» فان اسرائيل كل يوم ترتكب خمسة خروقات، كما شدد باسيل على ان لبنان لن يتنازل عن «شبر» من حدوده معولا على حل الامور من قبل الامم المتحدة، كما شدد على ضرورة مشاركة لبنان في اعادة اعمار سوريا، مطالبا بعدم قيام واشنطن بادراجه على قائمة العقوبات…وقد التقى هيل مساء امس السفير السعودي في لبنان الوليد البخاري وبحسب المعلومات اكد المسؤول الاميركي على ضرورة تفعيل المواجهة مع حزب الله وايران، مشددا على متانة العلاقات مع المملكة، واكد ان الانسحاب من سوريا لن يؤدي الى تراجع اهتمام ادارته بالساحة اللبنانية.. وبعد اللقاء التقى هيل مع عدد من الشخصيات والنواب اللبنانيين على عشاء اقامه النائب ميشال معوض.

هدوء «العاصفة» الليبية..

في هذا الوقت عكس زوار «عين التينة» رغبة الرئيس نبيه بري في خفض التوتر الحاصل مع رئيس الجمهورية ميشال عون مشيرين الى انه لا يسعى الى قطيعة او ازمة مع بعبدا، وهو يرى ان الامر انتهى عند هذا الحد في مسألة دعو ليبيا الى القمة، وان الرئيس نبيه بري كان يتمنى لو ان الامر عولج بغير هذا الاسلوب والطريقة التي ولدت التوتر وكاد ينعكس فلتانا في الشارع، مشددا على ضرورة معالجة اي خلاف بالحوار وهو لطالما كان وسيبقى اول الداعين اليها ومن المذكرين بها عند كل منعطف وحدث؟ وعن المبالغة في ردات الفعل قالت المصادر، ان بري اوفد الوزير علي حسن خليل الى القصر الجمهوري لمعالجة المشكلة قبل حدوثها نظرا لمعرفته بما قد ينجم عن هذا الامر نظرا لما تمثله قضية الامام الصدر بالنسبة الى ابناء الطائفة الشيعية واللبنانيين، اضافة الى ان هذه القضية هي قضية وطنية ولطالما كانت بندا اساسيا من بنود البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة في لبنان منذ قرابة اربعين سنة.

التحضيرات للقمة

وفيما سحبت ليبيا نفسها من القمة احتجاجا، اعلنت اللجنة العليا للقمة العربية التنموية الإقتصادية والإجتماعية في مؤتمر صحافي «انتهاء التحضيرات العملانية واللوجستية للقمة كافة وفق الخطة الموضوعة لهذه الغاية من قبل اللجنتين العليا والتنفيذية بالتنسيق مع سائر الوزارات والإدارات العامة المعنية بالقمة ومحافظة مدينة بيروت وبلديتها وبلديات الضاحية الجنوبية واتحادها». واكّد مدير عام رئاسة الجمهورية انطوان شقير انّ «عنوان القمة الذي اعتمده لبنان وهو الإزدهار من عوامل السلام أتى في سبيل التشديد على ضرورة إيلاء الأهمية للقضايا التنموية والاقتصادية ودعم الجهود العاملة لمعالجة الأسباب الجذرية للنزاعات لضمان عدم استغلالها والتوصّل إلى حلولٍ مستدامة» وأِشار شقير الى انه «سيصدر عن القمة العربية إعلان يوجز مجرياتها ومن الممكن إطلاق مبادرة تنموية».

«اعتداء» على السفارة اللبنانية

وبعد ساعات على احراق مناصري «حركة امل» علم ليبيا في بيروت ، جاء الرد الليبي من خلال قيام عدد من الشبان الى مهاجمة السفارة اللبنانية في طرابلس الغرب، والاعتداء على مدخلها، وقد نفى سفير لبنان في ليبيا محمد سكينة التعرّض لداخل السفارة، وقال «ان ما جرى نزع للافتة الخارجية فقط». واكد ان طاقم السفارة في طرابلس الغرب بخير ولم يصب اي من الموظفين بأذى»، موضحاً «انه لم يصر الى اقتحام حرم السفارة كما تم التداول في عدد من وسائل الاعلام، الا ان ما حدث ان مجموعة من الشباب الغاضب في ليبيا استفزهم تنزيل اعلام ليبيا في بيروت فجرى تدافع ونزع اللافتة الخارجية التي تحمل عبارة سفارة لبنان في طرابلس، وعمدوا الى ركل البوابة الخارجية ونتج عن ذلك تكسير زجاج، من دون اقتحام حرم السفارة».

ليبيا «تقاطع» رسميا

وأعلن رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج ان بلاده قررت «مقاطعة» القمة الاقتصادية مبديا اسفه لـ«افعال سلبية» بدرت من الدولة المضيفة ودفعت الحكومة الليبية الى اتخاذ هذا القرار،واكد السراج في بيان قرار مقاطعة هذا المؤتمر والامتناع عن المشاركة في أعماله بعدما تبين لها أن الدولة المضيفة لم توفر المناخ المناسب وفق التزاماتها والأعراف والتقاليد المتبعة لعقد مثل هذه القمم..من جهته طالب المجلس الأعلى للدولة في ليبيا وزارة الخارجية «بتجميد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين… بدوره، طالب الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط، بـ«ضمان احترام الوفود المشاركة»، مؤكداً في بيان «ان من غير المقبول في اي حال من الأحوال او تأسيساً على اي حجة ان يتم حرق علم اية دولة عربية..»

رسالة باسيل تعكس الانقسام..؟

وفي خطوة تعكس حقيقة الانقسام اللبناني، وجه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل رسالة إلى نظيره الليبي، عبر خلالها عن أسفه لعدم مشاركة ليبيا في أعمال القمة العربية التنموية ،معلنا رفضه المطلق للأمور والأعمال التي طالت دولة ليبيا ومشاركتها والتي لا تعبر عن موقفه وموقف لبنان. كما أكد على حرصه على العلاقات بين البلدين وضرورة وضعها على السكة الصحيحة من دون أن يتخلى لبنان اطلاقا عن واجبه الوطني بمعرفة مصير سماحة الإمام المغيب موسى الصدر ورفيقيه وحل هذه المسألة التي عكرت العلاقات بين البلدين لأكثر من أربعة عقود. وسأل الوزير باسيل نظيره الليبي مجدداً تقديم كل ما يلزم من مساعدة لمعرفة مصير سماحة الامام مكرراً أسفه لما حصل ومؤكداً وجوب معالجته.

سلامة: لا خطر على الليرة..

اما على الخط المالي، وبعد الاجتماع المالي في بعبدا ، اعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن «هذا الاجتماع أفاد أن الدولة اللبنانية ملتزمة تسديد الدين وفوائده»، وقال في لقاء- غداء نظمه مجلس إدارة تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم مع الحاكم سلامة في فندق «فورسيزنز» حضره عدد من رؤساء مجالس ادارات المصارف، «صحيح أن ردّة الفعل في سوق السندات في السوق اللبنانية كانت حذرة، لكنها مرتاحة، علماً أن لدينا القدرة على تسديد الديون في تواريخها المحدّدة وبدون أي اقتطاع منها»، واعتبر أن «تأليف الحكومة وإعلان برنامج اقتصادي وتطبيق مؤتمر «سيدر» ومشاريع أخرى، سيساعد لبنان على تخطي أزماته الاقتصادية الراهنة». وأكد أن «لا خطر على سعر صرف الليرة اللبنانية تجاه الدولار الأميركي، وأن الشائعات الراهنة لم تؤثر علينا والعملة مستقرة، والكميات من الليرة متوافرة في السوق ومدعومة بأرقام وليست بشعارات…وفي السياق نفسه اعتبر مصرف «بنك أوف أميركا- ميريل لينش» ان لبنان السياسي والاقتصادي وجّه «أخيرا» رسالة موحّدة ومتماسكة إلى الأسواق، لتتبدد الشكوك حول استعداد لبنان لسداد إلتزاماته المالية، متوقعا استمرار هذه السياسات ودعم استعادة الثقة الداخلية، موضحا في تقرير له امس الى «أن الإدارة الاقتصادية تؤكد على أن خطط الإصلاح لا تشمل إعادة هيكلة الديون الخارجية للبنان. وهذا يتماشى مع وجهة نظرنا بأن إعادة هيكلة سندات اليوروبوند ليست في مصلحته».