«لا أحد يملك جواباً واضحاً، والكل ينتظر اجتماع واشنطن، نهاية الشهر بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو»، بهذه العبارة لخّص مرجع كبير لـ«الأخبار» توقّعاته بشأن مستقبل المساعي القائمة عبر لجنة الـ«ميكانيزم». وأضاف: «ما جرى تداوله مؤخّراً شمل اقتراحاً من الرئيس نبيه بري، بأن تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل للانسحاب من مناطق محتلة وإطلاق سراح الأسرى، بما يسهم في مساعدة الجيش على تنفيذ القرار 1701.
إلا أنّ الجانب الأميركي عاد بجواب سلبي، مؤكّداً أنّ إسرائيل ترفض الربط بين مهمّة الجيش واتخاذ خطوات من جانبها، وأنها تعتبر نفسها في وضع يسمح لها بمواصلة الضربات لإعاقة عملية إعادة البناء التي يقوم بها حزب الله».
في هذه الأثناء، تتكثّف المساعي الدبلوماسية عبر واشنطن وباريس والقاهرة، إضافة إلى قنوات عربية أخرى، لإيجاد مخرج للأزمة، فيما تواصل إسرائيل تصعيد اعتداءاتها اليومية، ويبقى الجيش اللبناني واقعاً تحت سياسة ابتزاز، مع تكرار الحديث عن اشتراط تقديم المساعدات إليه بمستوى تجاوبه مع التوجيهات الأميركية، التي تتوافق مع مصالح العدو الإسرائيلي.
وتستضيف باريس اليوم، اجتماعاً يضمّ ممثّلين عن فرنسا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة ولبنان، في ظلّ تصاعد المخاوف من تصعيد إسرائيلي يفجّر الساحة اللبنانية. وأفادت مصادر مطّلعة أنّ «باريس منخرطة جدّياً في عملية تعزيز الثقة بالجيش اللبناني، وكان لها دور محوري في آلية التحقّق التي تستند إلى أدلّة ملموسة»، وهو ما لخّصه وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، بقوله سابقاً إنّ فرنسا «تعمل على آلية ثانية لمتابعة نزع سلاح حزب الله».
وقالت المصادر إنّ «الاجتماع اليوم، هو تتويج للحراك الفرنسي الذي شمل محطّتين أساسيتين: الأولى لآن كلير لوجاندر، مستشارة الرئيس إيمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأوسط والعالم العربي، وجان إيف لودريان، إلى جانب الاتصالات الفرنسية لتأمين موافقة على مؤتمر دعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية، والثانية تتعلّق بالدعم الاقتصادي وإعادة الإعمار».
أميركا رفضت تقديم ضمانات وقالت إنّ اسرائيل تصرّ على الفصل بين المفاوضات وبين «إجراءاتها»
ضدّ حزب الله
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإنّ قائد الجيش اللبناني، العماد رودولف هيكل، الذي يشارك في اجتماع باريس، سيعقد لقاءات في وزارة الدفاع الفرنسية والإليزيه، حيث سيقدّم عرضاً متكاملاً حول الصعوبات التي يواجهها الجيش في الجنوب، لا سيّما في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية ورفض إسرائيل الانسحاب من المواقع الخمسة الإضافية التي تحتلّها. وأوضحت المصادر أنّ نقاشات الاجتماع ستركّز على عمل «الميكانيزم»، بعدما انضمّ إليها السفير السابق سيمون كرم، ومدير السياسات الخارجية في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، يوري رسنيك.
يجدر بالذكر أنّ مورغان أورتاغوس ولودريان، المشاركين في اجتماع باريس، سيتوجّهان إلى لبنان لحضور اجتماع «الميكانيزم» يوم الجمعة. وكان السفير سيمون كرم، قد التقى أمس، رئيس الجمهورية، جوزيف عون، للحصول على التوجيهات قبيل انعقاد اللجنة غداً، كما اجتمع عون بنائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب، الذي نفى «الكلام عن تعيين سفراء آخرين غير كرم في الميكانيزم».
وتشير المصادر إلى أنّ ملف الحدود اللبنانية – السورية سيُطرح على طاولة البحث في اجتماع باريس، الذي سبق وأن عرض تقديم المساعدة إلى البلدين.
ميدانياً، وفي مشهد بات اعتيادياً في جنوب الليطاني، طلبت «لجنة مراقبة وقف إطلاق النار» من الجيش اللبناني التثبّت من وجود بنى تحتية عسكرية أو نفق للمقاومة في وادي تولين. علماً أنّ دوريات قوات «اليونيفيل» نفذت في أثناء الأيام الماضية بحثاً مكثّفاً في المنطقة التي تعرّضت إلى غارات عنيفة في أثناء العدوان.
وتوجّهت قوة من الجيش، مزوّدة بجرافة، لحفر الموقع الذي زعمت إسرائيل وجود منشآت للمقاومة فيه، ليتبيّن بعد البحث أنّ النفق يتكوّن من غرفتين صغيرتين فارغتين من أي سلاح أو عتاد. وكان الجيش على تواصل مباشر مع «الميكانيزم»، وبعد ثبوت عدم صحة الادّعاء الإسرائيلي، طلب الجيش حضور «اليونيفيل» لتوثيق نتيجة الحفر، وتمّ ردم النفق، بانتظار حضور «اليونيفيل» اليوم.
تجربة تولين، استنسخت تجربة يانوح التي دحضت الادّعاءات الاسرائيلية بوجود بنى تحتية تحت أحد المنازل. لكنها فضحت التهويل والضغط الذي يتعرّض إليه الجيش. إذ تمارس إسرائيل الابتزاز عليه وعلى الجنوبيين ليثبتوا خلوّ الأماكن من السلاح، حماية لها من القصف. لكنّ الأداء الإسرائيلي في تحويل «الميكانيزم» إلى ساعي بريد لادّعاءاته، فيما تتجاهل منذ تأسيسها الاعتداءات اليومية وقتل اللبنانيين.
