وقت كانت الانظار مركزة على جولة وفد اعضاء مجلس الامن الدولي والمواقف الصادرة من كبار المسؤولين في الدولة وفي مقدمهم رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي اكد ان القرار بالتفاوض اتخذ ولا عودة الى الوراء، موضحاً ان اعتماد خيار المفاوضات مع إسرائيل لتجنيبه جولة عنف إضافية ولأن الحروب لا يمكن ان تؤدي الى نتائج إيجابية، في الوقت اياه اطلّ أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم ليواجه الدولة اللبنانية وقراراتها بإعلانه المباشر ان “حزب الله لن يوافق على نزع سلاحه والحدود التي يجب أن نقف عندها في أي اتفاق مع العدو ترتبط بجنوب الليطاني حصراً، وبأن “تعيين لبنان لـ”مدني” بلجنة رقابة وقف النار مخالف للقانون وتنازل مجاني وسقطة إضافية للحكومة”، مضيفاً: “على الحكومة دراسة خطواتها جيداً قبل غرق السفينة بالجميع”.
وان لم يُحدِث كلام قاسم مفاجأة، ولو انه حاول بقوله أن “الدولة اللبنانية قررت حصر السلاح ولا علاقة للخارج كيف نتفق داخلياً ونتعاون مع الدولة ونؤيد خيارها الديبلوماسي لوقف الحرب”، تليين الموقف واضفاء بعض مساحيق التجميل اليه، الا انه بدا واضحاً ان القرار الايراني ما زال اياه بجر لبنان الى الحرب، “وماضون حتى النهاية” كما بشّر الامين العام، الذي عكس خطابه استكمالا لمسار انكار الواقع المُستجد منذ اتفاق وقف اطلاق النار.
التفاوض تجنباً للعنف
ولأن الكلام والقرار لرئيس الجمهورية والسلطة الرسمية لا لسواه، ابلغ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ، وفد أعضاء مجلس الامن الدولي برئاسة مندوب سلوفينيا السفير Samuel zbogar خلال استقباله امس، ان لبنان اعتمد خيار المفاوضات مع إسرائيل وكلف سفيرا سابقا ترؤس الوفد اللبناني، لتجنيبه جولة عنف إضافية من جهة، ولان لبنان مقتنع بان الحروب لا يمكن ان تؤدي الى نتائج إيجابية وان وحده التفاوض يمكن ان يوفر مناخات تقود الى الاستقرار والأمان وتجد حلولا للمسائل العالقة وتبعد العذابات عن المواطنين.واكـد الرئيس عون للوفد الدولي ان ما يقوم به لبنان على صعيد التفاوض ضمــــن لجنة “الميكانيزم” ليس لارضاء المجتمع الدولي، بل لأنه لمصلحة لبنان. وقال: “لقد اتخذنا القرار ولا مجال للعودة الى الوراء، وهذا الامر ابلغته لجميع المسؤولين العرب والأجانب الذين التقيتهم بما في ذلك وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو عندما التقيته في نيويورك في شهر أيلول الماضي، ونحن ملتزمون بهذا الخيار. وقد بدأ قبل يومين فصل جديد من المفاوضات بعد تعيين السفير السابق سيمون كرم رئيسا للوفد اللبناني، واشكر كل من عمل لتسهيل هذا الامرلاسيما السيدة مورغان اورتاغوس التي شاركت في الاجتماع. ان هذه المفاوضات تهدف أساسا الى وقف الاعمال العدائية التي تقوم بها إسرائيل على الأراضي اللبنانية واستعادة الاسرى، وبرمجة الانسحاب من المناطق المحتلة وتصحيح النقاط المختلف عليها عند الخط الأزرق. ونأمل ان تؤول هذه المفاوضات الى نتائج إيجابية. لكن لا بد من التأكيد على ان نجاح هذه المفاوضات يرتبط بشكل أساسي بموقف إسرائيل التي يتوقف عليه وصول المفاوضات الى نتائج عملية او فشلها”. وحول مسألة حصرية السلاح، قال رئيس الجمهورية ان هذه المسألة تشكل هدفا أساسيا، نعمل له بعد القرار الذي اتخذ في هذا الصدد وبالتالي فنحن مصممون على تنفيذه وطلبنا من جميع الافرقاء التعاون لتحقيق هذا الهدف الذي لا رجوع عنه وان تطلب ذلك بعض الوقت، لان اللبنانيين تعبوا من المواجهات العسكرية ويجمعون على ان لا قوى مسلحة على الأراضي اللبنانية الا القوى العسكرية والأمنية الشرعية. وختم الرئيس عون مداخلته قائلا: “نحن لا نريد الحرب من جديد. لقد تعذب الشعب اللبناني بما يكفي ولن تكون هناك عودة الى الوراء. الجيش اللبناني سيقوم بدوره كاملا وسيحمي أبناء شعبه في كل المناطق اللبنانية ولا سيما في الجنوب، وعلى المجتمع الدولي ان يسانده ويدعمه، خصوصا وان الامن متداخل بين كل الدول، ومن الضروري تعزيز استقرار لبنان وتثبيت الامن فيه لان في ذلك حماية ليس فقط له بل لدول عدة شقيقة وصديقة”.
التزام اممي
وكان رئيس مجلس الامن السفير زبوغار تحدث في مستهل اللقاء فشكر الرئيس عون على استقباله والوفد، مؤكدا التزام المجلس بالاستقرار في لبنان والمنطقة، ودعم سيادة واستقلال لبنان السياسي. وقال: “ان المجلس ينظم المداولات حول الوضع في لبنان وعلى طول الخط الأزرق، وزيارتنا اليوم هي تأكيد إضافي على التزامنا تجاه بلدكم. نأتي إلى بيروت في وقت محوري، من أجل تنفيذ القرار 1701 وتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية في 27 تشرين الثاني من العام الماضي، ونؤمن بان الزيارة تأتي في الوقت المناسب”. أضاف: “نقدّر تقييمكم لتنفيذ القرار 1701 واتفاق وقف النار، بما في ذلك التحديات التي تعيق التنفيذ. وفي هذا السياق، نود أن نعرف رأيكم بشأن عملية وضع جميع الأسلحة تحت سيطرة الدولة اللبنانية. نحن ندعم الجهود الديبلوماسية المطلوبة لحل النزاع أو التسوية المتعلقة بالحدود الدولية مع إسرائيل. وندعم البدء في المفاوضات مع سوريا حيث كنّا بالأمس”.
برّاك قلق
في المقابل، أبدى المبعوث الأميركي توم براك قلقا بالغا من خطر عودة الحرب في لبنان، ودعا إلى مفاوضات مباشرة بين لبنان وإسرائيل. كما أكد براك أن “نزع سلاح حزب الله لا يمكن أن يحصل بالقوة”.
اليونيفيل
وليس بعيداً، أعلنت اليونيفيل في بيان انها “رصدت بعد ظهر اول أمس سلسلة من الغارات الجويّة الإسرائيلية في منطقة عملياتنا بجنوب لبنان، في قرى محرونة والمجادل وبرعشيت. يأتي ذلك في الوقت الذي تواصل فيه القوات المسلحة اللبنانية عملياتها للسيطرة على الأسلحة والبنيّة التحتيّة غير المصرّح بها في جنوب لبنان”.