أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، أن الودائع مؤمنة والمصارف في لبنان لديها أموال موظفة في الخارج ومع الدولة ومع القطاع الخاص، وقال إن كلفة ديون القطاع الخاص من المصارف تساوي 10% من حجم الاقتصاد.
وأشار سلامه، إلى أن إحتياطي مصرف لبنان من دون الذهب يقارب 38 مليار دولار بما فيه اليوروبوند واستثمارات المركزي. وقال إن القدرة النقدية «الكاش» بحدود 30 مليار دولار.
وأضاف، أن المصرف يحاول المحافظة على الإستقرار في سعر صرف الليرة الموجود حالياً في المصارف، وقال إن هناك فروقات بين السعر الموجود في مصرف لبنان والسعر الموجود لدى الصرّافين.
كلام الحاكم سلامة جاء في مؤتمر صحافي عقده في المقرّ الرئيسي للبنك المركزي، في حضور رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط «ميدل إيست» محمد الحوت، نقيب الصحافة عوني الكعكي وأعضاء في النقابة.
وبدأ سلامة كلمته بتوجيه الاعتذار من الصحافيين الذين لم تتم دعوتهم إلى المؤتمر الصحافي، وقال: مصرف لبنان عمل عبر السنوات في بيئة صعبة وشهدنا وقطعنا في مراحل لكانت دول أخرى تعثرت بنتيجتها، واستطعنا المحافظة على الاستقرار في سعر صرف الليرة.
إن الحرب في سوريا ومنذ اندلاعها، حوّلت ميزان المدفوعات من فائض إلى عجز، وتراجع النمو الاقتصادي من 8 إلى 2 في المئة. كما أننا واجهنا العقوبات الأميركية بدءاً من العام 2015، وكان لها تأثير عل حركة الأموال إلى لبنان وحركة العمل المصرفي. واتخذنا التدابير اللازمة ليبقى لبنان منخرطاً في العولمة المصرفية.
كذلك واجهنا مشكلات داخلية، ونتذكّر الفراغ في سدّة الرئاسة وفي المرة الأخيرة دام فترة طويلة امتدت لسنتين تقريباً، إضافة إلى الصعوبات في تشكيل الحكومات في لبنان، وعشنا فراغات كبيرة وطويلة مراراً في كل مرة يصار فيها إلى تشكيل حكومة، والمرة الأخيرة كانت في العام 2018 خلال تسعة أشهر، فيما كنا في أمسّ الحاجة إلى إصلاحات ومبادرات. كذلك عشنا جواً من تأجيل الانتخابات النيابية مرات عديدة. وفي تشرين الثاني 2017 كانت استقالة الرئيس سعد الحريري في السعودية فتركت آثاراً كبيرة على الوضع النقدي في لبنان. ومنذ تلك الفترة شهدت الأسواق اللبنانية تراجعاً في السيولة الذي نتج عنه ارتفاع في معدلات الفوائد، وليس العكس. وهذه الفائدة ارتفعت منذ ذلك الحين إلى اليوم، بمعدل 3 في المئة.
أضاف: كل ذلك تزامن مع توسّع أكبر في حجم القطاع العام، فوصلنا إلا عجز مرتفع خلال العام 2018 وصل إلى أكثر من 11 في المئة نسبةً إلى الناتج المحلي في وقت أن الاقتصاد كان بحاجة إلى تمويل ليتمكن من النمو.
كذلك لاحظنا تراجعاً في التصنيف الائتماني للبنان حيث خفضت وكالات دولية عدة تصنيف لبنان الائتماني، وشهد تقارير متتالية ومستمرة سلبية تصف الواقع إنما بوتيرة متلاحقة مستمرة ما أدى إلى زعزعة الثقة بالبلد. كل ذلك إلى جانب الشائعات وترويجها بطريقة ممنهجة وبث أخبار من قِبل أشخاص ربما يعلمون لكن غايتهم سلبية، أو من قِبَل أشخاص لا يعلمون. كل ذلك أثّر على معنويات الأسواق.
وتابع: في ظل كل تلك المعطيات كان هدف مصرف لبنان أن يلعب دوره كما حدّده القانون، وكما كان القرار على صعيد البلد ككل، وهذا الدور كان المحافظة على الثقة ولا سيما الثقة بالليرة اللبنانية. وهذا الأمر أساسي لأن الليرة اللبنانية هي أداة للتمكّن من تحقيق نمو اقتصادي ممكن، واستقرار اجتماعي. نعلم أن نِسَب التضخم ترتفع بشكل مهم جداً، والقدرة الشرائية تراجع إذا كانت الليرة اللبنانية تنحدر.
وقال: أعتقد أن هذا النجاح في المحافظة على الليرة اللبنانية نقيسه بقدر ما خدم اللبنانيين، وأمّن لهم حداً معيناً من العيش الكريم. إنما التراجع في الحركة الاقتصادية والنمو الذي بلغ الصفر في العام 2019، هذا التراجع زاد من معدل البطالة وأثّر على فئات عديدة من الشعب اللبناني ولمسناه من خلال التعثر في تسديد القروض السكنية، حيث ارتفع التعثر بشكل لافت.
وهنا طلبنا من المصارف أن يكونوا مرنين قي التعاطي مع هذا النوع من القروض، وهذا ما حصل.
وتابع سلامة: نحن في اقتصاد مدَولر، بمعنى أنه إذا لم يتوفر الدولار الأميركي في الأسواق، لن يكون هناك اقتصاد، لذلك الليرة اللبنانية وثباتها هي عنوان ثقة أيضاً كي يستمر دخول الدولارات إلى لبنان.
أضاف: لقد قمنا بكل ذلك، لأننا استطعنا القيام بهندسات مالية ساعدت لكنها ربما لم يفهمها البعض أو لم يطلع عليها، وقد يكون حوَّر في معالمها البعض الآخر.
وسأتوقف الآن أمام الهندسة المالية التي يتم الحديث عنها، والتي تعود إلى العام 2016. هذه الهندسة المالية، سمحت بالفعل بأن أكوّن احتياطات كبيرة دعمت الليرة وسمحت بتكوين رسملة لدى المصارف والتي ساعدت في تطبيق المعايير الدولية في العمل المصرفي، كما ساعدت في استمرار وجود ملاءة في المصارف ونحن نعيش تراجعاً في التصنيف الائتماني، كما ساهمت في المحافظة على إمكانات تمويل البلد.
وهنا سأدخل في تفاصيل الأمور، وقال: الودائع بالدولار الأميركي التي أخذناها من المصارف دفعنا عليها فائدة بين 15،6 و89،6 في المئة. وللتذكير الفائدة اليوم تفوق الـ15 في المئة في الأسواق العالمية. أي أننا كسبنا أموالاً بالدولار بفوائد مقبولة.
أما في ما يتعلق باستخدام المال العام في تلك الهندسات فأكد سلامة أن ذلك «لم يحصل، بل على العكس. فقد قبضت الدولة ضرائب من نتائج هذه الهندسات في حدود 800 مليون دولار. وحسم مصرف لبنان من الفوائد على الأوراق التي أخذها بالليرة اللبنانية ما يساوي 5 مليارات دولار. فمَن يطالب اليوم بإعادة أموال الهندسات المالية يكون كلامه ليس دقيقاً. وإذا أردنا أن نُعيد هذه الأموال فذلك يعني أن الدولة ستدفع 800 مليون دولار للمصارف وأن يُعيد مصرف لبنان الـ5 مليارات.
فهذا الكلام يجب أن يكون واضحاً ونعلم تماماً تفاصيل هذه الهندسة، وهي منشورة على الموقع الإلكتروني لمصرف لبنان.
وقال: بسبب التطورات الأخيرة دخلنا في ظروف استثنائية. فعلياً كانت الأمور النقدية تتحسّن، إذ ارتفعت موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية بين تموز ومطلع أيلول، بما يساوي ملياريّ دولار. إنما في أوائل أيلول عدنا ودخلنا في انتكاسة بدأت مع تسمية مصرف على لائحة «أوفاك»، الأمر الذي كان له ردات فعل في الأسواق اللبنانية لمسناها من خلال التوجّه إلى سحب نقدي بمبالغ كبيرة بالليرة اللبنانية من صناديقنا في مصرف لبنان.
ففي خلال أشهر أيلول وتشرين الأول وتشرين الثاني، تم سحب أوراق نقدية بالليرة اللبنانية فاق ما تم سحبه في خلال السنوات الثلاث الأخيرة. الأمر الذي أثّر على سوق الأوراق النقدية بالدولار الأميركي. لذلك لاحظنا ارتفاعاً للدولار الأميركي لدى الصيارفة. والظاهرة كانت عند اللبنانيين أن يدّخروا أوراقاً نقدية في منازلهم. ووصلت تلك المبالغ إلى ما يساوي الـ3 مليارات دولار انسحبت من القطاع المصرفي.
هذا عنصر أساسي لنقول إن الوضع استثنائي لأن الاقتصاد اللبناني حرّ واقتصاد سوق، ونحن نؤمن بأنه يجب أن يبقى كذلك، وحرية التداول تطاول كل السلع ومنها النقدي.
خلال الـ27 سنة الماضية، اعتمد مصرف لبنان أهدافاً وسياسات ساعدت لبنان في ظل الأجواء التي ذكرتها في بداية حديثي، لم تكن أجواء تساعد عمل البنك المركزي، ونأمل أن تكون كل هذه السياسات قد خدمت اللبنانيين في المحافظة على قدرتهم الشرائية ومن خلال قيامنا بضخّ السيولة والذي استفادت منه شرائح عديدة من المجتمع اللبناني وقطاعات اقتصادية عديدة.
أضاف: لقد دعمنا قروضاً سكنية لأكثر من 125 ألف مسكن، ودعمنا الصناعة والسياحة بالمليارات والطاقة البديلة والبيئة كلها خلقت فرص عمل وحركة في البلاد.
استمر مصرف لبنان في هذه العملية ولو بوتيرة مختلفة ولكن هذا الأمر فُرض عليه منذ أن بدأت السيولة تتراجع في العام 2017، وكان الهمّ الأساسي ألا تكون هناك سيولة تخلق تضخماً وخطراً على الليرة اللبنانية، لذلك كان يقوم بضبط تلك المبادرات.
وقال: نحن اليوم أمام مرحلة جديدة أحب أن أؤكد فيها أننا سنحافظ على استقرار سعر صرف الليرة. هذا الاستقرار موجود، والمصارف تتعاطى بالسعر الذي أعلنه مصرف لبنان. بالطبع هناك فارق بين السعر الموجود في مصرف لبنان وذلك الموجود لدى الصرافين.
ومصرف لبنان لم يُرد هذا الفارق إنما جاء نتيجة عرض وطلب، وأن مصرف لبنان لا يتعاطى بالأوراق النقدية بالدولار، ولن يكون لديه مخزون بالأوراق النقدية بالدولار لأسباب عديدة ولن يذهب إلى الصرافين ليعطيهم الدولار بهدف المحافظة على السعر.
المواطن يعلم ما هي مصلحته، وأيضاً ربما لدى الصيارفة هناك عمليات لا تتعلق فقط بالادخار، إنما بتمويل بعض العمليات التجارية والاستيراد الصناعي. وهذا يعود إلى المؤسسات ذاتها.
وهذا الواقع هو ظاهرة لأن الوضع استثنائي ولأن سيولة كبيرة بالليرة اللبنانية انخفضت. وهذه الظاهرة ستتراجع عندما يتراجع الطلب على النقد بالليرة اللبنانية وعندما يحصل ارتياح أكبر إلى وضع البلد، ورؤية ونظرة للمستقبل.
في هذه الظروف الاستثنائية التي نتحدث عنها، مصرف لبنان إذاً هدفه الأساسي والأول، هو الحفاظ على الاستقرار بالليرة اللبنانية وإمكاناتنا متوفرة لذلك.
ولدينا هدف أساسي أيضاً، وأخذنا التدابير من أجله، هو حماية المودعين، وحماية الودائع في لبنان. وهذا موضوع أساسي ونهائي. وأخذنا مما يقتضي من إجراءات لتجنيب المودِعين أي خسائر.
وأكد سلامة أنه لن يكون هناك ما يسمّى بالـ»Haircut» على الودائع، وقال: هذا الأمر غير وارد، أولاً لأن مصرف لبنان ليست لديه صلاحية قانونية ليقوم بذلك، كما أنه لا يريد ذلك بالطبع، ولن يحصل ذلك. ولا أعتقد أنه سيمرّ قانون يسمح باقتطاع ودائع موجودة لأنها ملك اللبنانيين، المقيمين أو في الخارج. من هنا ليس هناك أي نوع من الـ»Haircut».
1 Banner El Shark 728×90
وقال: الآلية التي وضعناها هي لحماية المودِع من خلال عدم تعريض أي مصرف للتعثّر. فبالفعل عندما تحصل خسائر في الودائع تكون ناتجة عن تعثّر أحد المصارف، عندها يأخذ المودِعون ما تبقى في هذا المصرف.
عندما نقول إنه لن يكون هناك مصارف متعثرة، نكون تلقائياً حمينا الودائع الموجودة في لبنان.
من أجل ذلك، أعلمنا المصارف أن في إمكانها أن تستلف من مصرف لبنان حاجاتها من السيولة بالدولار الأميركي بفائدة 20 في المئة. لكن الأموال التي تستدينها المصارف من البنك المركزي غير قابلة للتحويل إلى الخارج. بل إنها أموال يحق لأي مودع أن يستعملها في لبنان وينقلها من مصرف إلى آخر أو استثمارها… إلخ، إنما لأنها أموال مصرف لبنان، لا يمكنه أن يحوّلها إلى الخارج.
إن عملية التحاويل إلى الخارج تعود إلى العلاقة القائمة بين المصارف وزبائنها، وتتم من حساباتهم في الخارج. ولكن في الظروف الاستثنائية يجب أن تكون التحاويل حتى لو من أموال المصارف أن تلبّي الضرورات. وهنا طلبنا من المصارف تلبية العمليات الضرورية، لأن للوهلة الأولى وعندما فتحت المصارف في ظروف صعبة حيث لا حلول سياسية للأزمات السياسية التي يعيشها لبنان، اتخذت المصارف قرارات متحفظة.
وهنا طلبنا من المصارف:
1- العودة إلى ممارسات تساوي بين الوضع الاستثنائي والضرورات وتلبية حاجات اللبنانيين ليس فقط في الداخل ولكن أيضاً في الخارج.
2- أن تدرس كل التسهيلات التي خفضتها من 17 تشرين وتعيد النظر فيها، وتعيدها تبعاً لدراستها إلى وضعها وتلبي الشيكات المرتجعة الناتجة عن تخفيض تلك التسهيلات.
3- ألا تخفض التسهيلات عندما يكون هناك تسليف وتكون سقوف التسليف أقل.
4- الإبقاء على سقوف البطاقات الائتمانية وتلبية السيولة لهذا الغرض.
5- أن يستطيع اللبناني ولو بقروض التجزئة، أن يغطي دينه، وإذا كان بالدولار أن يغطيه بالليرة، لا أن يُطلب منه التوجّه إلى الصيارفة لتأمين الدولار من أجل سداد القسط المتحق عليه.
أضاف سلامة: كل هذه الأمور، ستعقد جمعية المصارف اجتماعاً للبحث فيها وإقرارها وتنفيذها فوراً، لأنها ضرورية ليبقى الاقتصاد على حركته المطلوبة لتأمين حاجات اللبنانيين.
في ما يتعلق بأسعار الدولار والصيرفة والاستيراد، قال: أصدر مصرف لبنان تعميماً سمح بتلبية الاحتياجات بالدولار الأميركي لاستيراد البنزين والقمح والأدوية. وبدأ تنفيذه. والاعتمادات الخاصة بها هي سارية المفعول طالما المصارف تتعامل مع المصارف المراسلة.
الودائع مؤمّنة، ولكن هناك إدارة للسيولة، وهي لا تعني أن ملاءة القطاع المصرفي انخفضت أو أنها تشكّل مخاطر على الودائع.
طبعاً عندما تكون هناك أوضاع استثنائية، على القطاع المصرفي أن يتخذ تدابير لإدارة سيولته. وبهذه التدابير يكون يحمي جميع المودعين، ولهذه التدابير أسس تعرف كيف تتعاطى بها مع زبائنها.
ليس كل أموال المصارف موضوعة في مصرف لبنان، هذه المقولة غير دقيقة، بل مصارف لبنان لديها أموال توظفها في الخارج وأخرى توظفها مع الدولة، وأموال توظفها مع القطاع الخاص. ويجدر الذكر أن المصارف أقرضت القطاع الخاص اللبناني بما يساوي 110 في المئة من حجم الاقتصاد.
والأموال التي تُدخلها المصارف إلى البنك المركزي تعود وتخرجها من مكان آخر. وإذا أردنا التوازن بين الأموال التي دخلت البنك المركزي من المصارف عام 2019 وتلك التي خرجت منه إلى القطاع المصرفي، فالنتيجة تظهر أن مصرف لبنان ضخّ أموالاً للمصارف أكثر مما أخذ منها.
وأصدر مصرف لبنان تعميماً طلب فيه من المصارف زيادة التقديمات النقدية للمصارف بالدولار الأميركي وبنسبة 20 في المئة، على أن تكون الـ10 في المئة قبل آخر السنة الجارية، و10 في المئة في حزيران 2020. وهذه مبالغ مهمة تزيد من رسملة القطاع المصرفي وتطمئن المراسلين العاملين معه، وستزيد من السيولة المتوفرة بالعملات الأجنبية. وستظهر مدى التزام المساهمين بمؤسساتهم وهذا أمر طبيعي أن يقف أصحاب المصارف مع مصارفهم.
سنحاول في هذه الفترة وفي إطار تنظيم السيولة، تخفيض الفوائد وهذا أمر مهم، حفاظاً على استمرارية المصارف في لبنان، وملاءة الاقتصاد اللبناني والقطاعات.
طلبنا من المصارف أن تعقد اجتماعات مع جمعية الصناعيين وجمعية تجار بيروت من أجل التفاهم على كيفية العمل إن من حيث تأمين الاستيراد أو سداد القروض وأن تكون هناك مرونة في ذلك، وتوفير التسهيلات. وهذا نأمل أن يتم سريعاً.
مصرف لبنان لديه الإمكانات، إن كانت السيولة بالعملات الأجنبية، منها استثمارات وسندات للجمهورية اللبنانية وحركة على أساها لعب دور الممول ليس للقطاع الخاص قفط، بل للقطاع العام، وهذا أساسي.
وقال: نحن موّلنا، ولم نصرف. ومَن صرف هو مَن قرّر موازنات الدولة وراقبها، ومصرف لبنان لا علاقة له بهذا الموضوع. وهذا يجب أن يكون واضحاً للجميع.
نحن نؤمّن التمويل للبنان حفاظاً على استمرارية البلد الذي نحب، ولسنا نحن مَن يصرف الأموال.
على صعيد آخر، قام مصرف لبنان بمبادرات مهمة من خلال تواجده في الهيئة الخاصة لمكافحة تبييض الأموال ومن حيث أيضاً مساعدة الدولة في مكافحة التهرب من الضرائب. ومصرف لبنان هو الذي وضع الشبكة الأساسية التي حمت سمعة لبنان وهي التي فرضت أن تكن هناك دوائر امتثال وطرق للعمل بشفافية وضمن القانون اللبناني للعمل المصرفي وكافح واطلع على ملفات عدة تتعلق بالفساد وتبييض الأموال، وأقفل مصارف عدة لتعاطيها حركة أموال مشبوهة…
وأصدرنا تعاميم على كل المصارف بمؤشرات الفساد وكيفية التأكد من مصادر الأموال وعلى المصارف تنفيذ هذه التوصيات. كذلك وضعنا التقييم الوطني لمخاطر الفساد والجرائم الداخلية وطلبنا من المصارف وكتّاب العدل أن يتقدموا بشكواهم إلى الهيئة الخاصة التي تتلقى الشكاوى من الخارج ومن المصارف ومن القضاء اللبناني والآن من كتّاب العدل. ونحقق في كل شكوى من دون تردّد أو تأخر.
كذلك عملنا على تأسيس أسواق للأوراق المالية والنقدية الغاية منها خلق سيولة للقطاع الخاص.
وقال: نحن اليوم في وضع يحكى فيه عن Capital Control أو «تقييد التحاويل» بشكل قانوني في لبنان. هذا الأمر غير وارد. أولاً إن مصرف لبنان لا يملك صلاحية في قانون النقد والتسليف أن يقوم بذلك، كما أن لا يرغب فيه. لأن لبنان يعيش من التحاويل ويتموّل من تحاويل اللبنانيين غير المقيمين، ومن غير الطبيعي ألا يتمكن المحوّل من استعادة أمواله بحرية.
في ما يتعلق بالـBank Note قال: هناك شحن مرخص، ولا يحق لغير المرخص له أن يشحن، ومن يريد رخصة عليه التقدم من مصرف لبنان للحصول عليها. لكن طلبنا من المصارف أيضاً أن يكون للمودع Debit Card لحمايته من التزوير أو السرقة، لكن ذلك يبقى اختيارياً للمودعين في القطاع المصرفي.
يعيش لبنان اليوم في مرحلة تاريخية ونتمنى أن تنحى الأمور التي نعاني منها في لبنان، نحو مستقبل أفضل.
في رؤيتنا يجب أن تكون موازنة الدولة العامة خالية من العجز وأن يتحقق ذلك من دون إلحاق الضرر لا بالعاملين في القطاع العام ولا بالمواطن بتحميله الضرائب. ونأمل أيضاً إجراء إصلاحات أساسية في الخدمات التي يحتاج إليها المواطن. ونتمنى إعادة تفعيل القطاع الخاص وتكون هناك شراكة بين القطاعين الخاص والعام، في القطاع العام ولا بالمواطن بتحميله الضرائب. ونأمل أيضاً إجراء إصلاحات أساسية في الخدمات التي يحتاج إليها المواطن من كهرباء ومياه وبيئة… ونتمنى إعادة تفعيل القطاع الخاص وتكون هناك شراكة بين القطاعين الخاص والعام، وعمليات بيع مؤسسات للقطاع الخاص، لأن لبنان لديه الإمكانية في رسملة نفسه سريعاً، من دون أن يخسر سيطرته على القطاعات الأساسية وحماية المستهلك.
إنها عناوين مهمة لمستقبل لبنان والخروج من هذه الأزمة ونعود إلى استقطاب الاستثمارات وخلق وظائف في لبنان.
مصرف لبنان في خدمة كل اللبنانيين ونحن نعمل ضمن القانون، ولديه مبادرته وسياسته. ولكن في آخر المطاف، يتحمّل مصرف لبنان نتائج الأوضاع الاقتصادية أو المالية العامة، وهو الذي يستطيع معالجتها بالطريقة التي يراها مناسبة وهي المناسب عندما يكون يخدم مصلحة لبنان.