Site icon IMLebanon

الى متى سرقة أراضي الدولة؟!

«الشرق» – خاص

يوماً بعد يوم نتأكد كم كان المرحوم الشهيد رفيق الحريري بعيد النظر، وبالرغم من كل الانتقادات التي وجهت الى «سوليدير» يتضح أين كانت هذه المنطقة وأين أصبحت، وإذا قارنا أين كانت وأين صارت مع الاوزاعي والرمل العالي، وتشمل المقارنة السان سيمون والسان ميشيل والأكابولكو و»ساندس» تلك المنطقة التي كانت جميلة وعلى المستوى السياحي العالمي، أما اليوم فالوضع الحالي معروف وذلك كله نتيجة استباحة المناطق والأبنية غير الشرعية، ما لا يليق بالعاصمة بيروت ولا بالشعب اللبناني. وآخر الارتكابات بحق أراضي الدولة العقار الذي بنوا عليه مجمعات ومصالح بذريعة العوز والحاجة والفقر، بينما الحقيقة أنّ «المال السايب يعلم الناس الحرام».

كذلك ومن أسف شديد استغلال بعض المواطنين بقوة السلاح لاستباحة أراضي الغير وأراضي الدولة.

من هنا لا بد أيضاً من أن نذكر أنّ «مشروع أليسار» والشركة التي أسسها رفيق الحريري للنهوض بالمنطقة لم ترَ النور لأنّ قوى الأمر الواقع تريد التعرض والتعديات وليس الحياة الكريمة… طبعاً واستباحة أملاك الدولة وأملاك المواطنين.

فعلاً، مع مرور الزمن، لم تسقط الأسئلة والتساؤلات، التي لم تلقَ إجابات دقيقة وحازمة وحاسمة، حول ملكية منطقة الرمول والاوزاعي، التي يُقال إنها تابعة عقارياً لبلدية برج البراجنة؟.. وهي منطقة تقدّر مساحتها بآلاف الامتار المربعة… وباتت تشكل عصباً رئيسياً في الاستثمارات المتنوّعة الموزعة بين المطاعم ومحلات ومستودعات السيراميك، وغيرها…

الارض على ما يقول عارفون تعود ملكيتها الى بلدية برج البراجنة على ما يقول نائب رئيس البلدية زهير جلول، مستنداً في هذا الى ورقة من السجل العقاري في بعبدا، تثبت أنّ العقار رقم 6794، والبالغة مساحته 21 ألف متر مربع، هو ملك خاص للبلدية.

بالنسبة لهذا العقار على ما تقول المعطيات، هناك خلافات قديمة حوله، بين بلديتي برج البراجنة والغبيري.. وأثناء رئاسة حسين ناصر لبلدية البرج تمكن، عبر القضاء من أن يحصل على حكم بأنّ منطقة الاوزاعي تتبع بلدية برج البراجنة.. وتم شراء عقار مساحته 21 ألف مربع من أجل بناء ملاعب رياضية ومراكز ثقافية واجتماعية بمبلغ مليونين وثمانمائة ألف ليرة لبنانية…

لكن المفاجأة، وبما أنّ بلديات ساحل المتن الجنوبي تدار بأوامر «القوى الفاعلة» وبدعوى من رئيس بلدية الغبيري محمد سعيد الخنسا، حكم مجلس شورى الدولة لصالح بلدية الغبيري في ذلك العقار، وبغياب ممثل عن بلدية البرج، التي لم تبلغ أصلاً بالدعوى… وقسمت الاوزاعي من «القوى الفاعلة» الى قسمين:

– الاول أعطي للغبيري ويتضمن مناطق نادي الغولف، ثكنة هنري شهاب، وقصر رياض الصلح ومؤسسات محمد خالد…

– الثاني يتبع بلدية برج البراجنة وتشمل منطقة الرمول ومطعم الساحة والجهة الغربية من طريق المطار وتم تأجيرها لمآرب «القوى الفاعلة»..

أمّا مطعم البريدج، وشركة سلامة للسيراميك وكسر الخنسا ونادي السد ومحطة البنزين، فقد شغلوا المساحات بكاملها وأنشئت هذه المؤسسات من دون أي مسوغ شرعي أو قانوني، وهي تابعة لبلدية برج البراجنة، ولم يجرؤ أي أحد على السؤال والمحاسبة، خصوصاً وأنّ هذه المؤسسات أقيمت بدعم من قوى الأمر الواقع، التي يقال إنّها محمية وفوق القانون ولا أحد يجرؤ على مساءلتها… ولدى مطالبة المؤسسات التي أنشئت بتسديد ما عليها من رسوم وقد تراكمت، وتسديد ما عليها لبلدية البرج، كانت ترفض بحجة انها «دفعت أموالاً كثيرة عندما أقيمت هذه المنشآت…».

جرت محاولات عديدة لإظهار الحدود، لكن هذه المحاولات لم تبصر النور حقيقة، خصوصاً بعدما تبيّـن أنّ هناك احتلالاً في العقار 6794 وكان هناك معرض سيارات لشخص من آل مظلوم.. فجاء شخص من آل سليمان (تميم سليمان) وأخذ الارض منه وأقام عليها الهنغار الذي صار لنادي السد، وكان الى جانبه أرض فارغة، أصبحت اليوم «البريدج»، يومها واجهت البلدية إشكالات، خصوصاً أنّ معظم عقارات المنطقة هناك كانت مشمولة ضمن «مشروع أليسار» وعندما أتت البلدية لتطالب المحتلين بالخروج بدأت الاشكاليات تتظهر… وبعناوين عديدة، هذا مع الاشارة الى أنّ «مشروع أليسار» توقف منذ سنوات ولايزال… وفي العام 2008 أعيد الحديث عن المشروع لكنه سرعان ما توقف الامر عند اجتماع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة وقتذاك سعد الحريري.

اليوم هناك مطالبات بإعادة وضع المشروع على السكة، ودونه مشوار طويل يبدأ بإصدار قرار بالإخلاء ومن ثم تنفيذ مشروعي الضم والفرز.. لكن ذلك دونه عقبات من بينها حاجته الى قرار سياسي من «حزب الله» و»أمل» و»المستقبل»…

الموضوع بالغ التعقيد، والمخالفات في النطاق البلدي لبرج البراجنة عديدة، ولا من يجرؤ على السؤال، بحكم سيطرة «قوى الامر الواقع» أو «القوى الفاعلية، على الارض التي يبدو أن لها مصلحة حيوية في غض النظر عن المخالفات وعن ممارسة المؤسسات التي أقيمت على العقارات اياها.. والكل يسأل ماذا حصل للمبنى الذي شيد على حساب دولة الكويت، ومع من؟ وماذا فعل «جهاد البقاء» التي يقال إنها محسوبة على «حزب الله» والهيئة الصحية لـ»حزب الله» في المركز الذي شيّدته دولة الكويت؟!.

من المفارقات ان البعض يذهب بعيداً، ويقول إنّ من يملك اسهماً في العقار 3908، وهو للمناسبة مساحة كل الاوزاعي، يحق له أن يتملك أينما كان، ولو على أرض العقار 6794، بما أن العقار بات واحداً، بفعل «وضع اليد» على ما يقول أحد المهندسين في «مشروع أليسار»، وهو يتحدث عن ان العقار 6794 مسجل في الدوائر العقارية لملك خاص لبلدية البرج وإن كان خاضعاً لمشروع الضم والفرز وهو مشروع لم ينتهِ بعد، والقاضي العقاري يحدد مصيره..

أياً كانت الملابسات فإنّ في قناعة محامين وقضاة، إنّ الاشغال طالما انه ليس بموجب عقد أو اتفاق مبرم بين طرفين، فهو اشغال من دون مسوغ شرعي…» لكن أين القانون وأين الواقع ومن هي الجهة التي ستحسم في ظل تحكم قوى الامر الواقع بالواقع..».