Site icon IMLebanon

الجمهورية : تطمينات أميركية للبنان بالتعاون… إسرائيل توسع مطلبها من الليطاني إلى الأوّلي

 

عشية الاجتماع الثاني اليوم في الناقورة للجنة «الميكانيزم» بعد تطعيمها برئيسين مدنيين للوفدين اللبناني والإسرائيلي، وبعد توصل اجتماع باريس الرباعي إلى عقد مؤتمر دعم الجيش اللبناني في شباط المقبل، تلقّى لبنان، حسب مصادر رسمية لـ»الجمهورية»، تطمينات أميركية تؤكّد التعاون لإيجاد حلول تمنع إسرائيل من تنفيذ تهديدها بالحرب، فيما سيتركّز الاهتمام اليوم على ما يحمله رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، الذي وصل إلى بيروت مساء أمس، في إطار المسعى المصري. ولكن الجميع سينتظرون لقاء 29 من الجاري، بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، والذي يُقال إنّ على نتائجه يمكن استكشاف مآل الأوضاع في لبنان والمنطقة.

على وقع اجتماع باريس الأميركي ـ الفرنسي ـ السعودي ـ اللبناني، الذي اتُفق خلاله على عقد مؤتمر دعم الجيش اللبناني في شباط المقبل، وفي ظل التحضير لاجتماع «الميكانيزم» اليوم، شنّت إسرائيل موجة من الغارات الجوية العنيفة في منطقة شمال الليطاني وصولاً إلى عمق البقاع، بذريعة استهداف مواقع عسكرية لـ«حزب الله»، ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري وصف هذه الاعتداءات بأنّها «رسالة إسرائيلية لمؤتمر باريس المخصّص لدعم الجيش اللبناني، وبالتوازي مع حزام ناري من الغارات الجوية تكريماً لاجتماع الميكانيزم غداً».

 

وأفادت القناة 12 الإسرائيلية «أنّ إسرائيل ستزيد مستوى تمثيلها في المفاوضات مع لبنان»، لافتة إلى أنّ نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يوسي درازنين سيشارك في اجتماع الناقورة اليوم. وأضافت: «اجتماع الناقورة الجمعة (اليوم) سيبحث في منع استئناف الحرب مع لبنان وسيتناول التعاون الاقتصادي على الحدود».

 

مؤتمر دعم الجيش

وكان اجتماع باريس انعقد في مقر وزارة الخارجية الفرنسية وضمّ الموفدة الأميركية مورغن أورتاغوس، والموفد السعودي يزيد بن فرحان، والموفد الفرنسي جان إيف لودريان، ومستشارة الرئيس الفرنسي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط آن-كلير لوجاندر، وقائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل.

 

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال كونفافرو بعد الاجتماع: «نعمل على تزويد اللجنة وسائل عملية في الميدان للتحقق من التقدّم المحرز في عملية نزع سلاح «حزب الله». وأوضح أنّ «قائد الجيش اللبناني عرض خلال الاجتماع التقدّم المحرز في عمل قواته في جنوب البلاد، إضافة إلى احتياجات الجيش»، مشيراً إلى «وجود إجماع على توثيق هذا التقدّم في شكل جدّي، والعمل في إطار آلية مراقبة وقف إطلاق النار».

 

واتفق المجتمعون، وفق كونفافرو، على «مبدأ عقد مؤتمر دولي لدعم الجيش اللبناني في شباط، من دون تحديد مكان انعقاده». واعلن «انّ هدفنا في لبنان تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وهو يشمل نزع سلاح حزب الله». وأشار إلى انّه «إذا كانت هناك حاجة لتأخير الموعد النهائي لنزع سلاح «حزب الله» فسنناقش الأمر مع أطراف الاتفاق».

 

حفاوة بهيكل

وقبل الاجتماع حظي العماد هيكل بحفاوة كبيرة في مقر قيادة أركان الجيوش الفرنسية، حيث استقبله نظيره الفرنسي فابيان ماندون، الذي قال: «بحثت مع قائد الجيش اللبناني في التحدّيات الأمنية في لبنان والمنطقة. ونقف مع الجيش اللبناني للحفاظ على استقرار واحترام سيادة لبنان».

 

«حزب الله»

وفي غمرة هذه التطورات، كشف مصدر بارز في «حزب الله» لـ«الجمهورية»، عن انّه «لا نزال في مرحلة الضغوط والمناورات السياسية، وبتنا مقصداً لموفدين عرب ودوليين لهدف واحد هو سلاح «حزب الله»، سواء للوصول إلى احتوائه وتعطيل دوره او نزعه». وقال المصدر: «احتواء السلاح يعني تجميد استخدامه في شكل واضح وصريح، من خلال انتزاع ضمانات معينة يسوقها كل موفد على طريقته، كتلك التي طرحها مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد مباشرة او بطريقة ملتوية، كعقد اتفاق تحت الطاولة، كما نقل الينا همساً، والفكرة الأساسية التي يدور كل شيء حولها هي انّ الإسرائيلي يعتبر انّ فرصته ذهبية لنزع ‏سلاح «حزب الله» كلياً، ويعمل لتحقيق هذا الهدف بكل ما أوتي من وسيلة، ويشرك الجميع بكل الأطر والاتجاهات». وأضاف المصدر: «في قراءة هذا الأمر يضعف احتمال الحرب، لأنّ وجهة نظر الأميركي في النهاية هي أنّ هذه الضغوط تسمح بالوصول إلى ما يريده الإسرائيلي، والدولة اللبنانية تقدّم التنازل تلو التنازل، وخطوة بعد خطوة، لذلك يرى الأميركي انّ الاستمرار في محاصرة «حزب الله» يوصل إلى تعطيل دور استخدام السلاح وفعاليته، او أقله الضغط على «حزب الله» لتقديم تنازلات. فالأميركي يستفيد من التعنت الإسرائيلي واستمراره في الاعتداءات وعدم التزامه باتفاق وقف إطلاق النار، ويبقى أن لقاء ترامب ـ نتنياهو هو بالتأكيد لقاء مفصلي ومؤشر أساسي لاتجاه الامور. هم يعلمون أنّ الحرب غير مضمونة النتائج في النهاية، ولن تؤدي إلى نزع سلاح «حزب الله» او سحبه، فهذا الأمر لن يتحقق إلّا عبر الدخول براً، وهي عملية ستتحول إلى ملحمة لا نهاية لها، وتؤدي إلى مزيد من المجازر والدمار من دون تغيير المعادلة. وفي النهاية لبنان ملتزم وقف إطلاق النار، والجيش انتشر جنوب النهر وأخلاه من السلاح، ويجري الآن التشاطر لتوسيع جغرافياً إخلاء السلاح والانتقال من جنوب الليطاني إلى نهر الأولي».

 

وكشف المصدر، انّه «بدأ تسويق شرط جديد لإسرائيل بطلبها توسيع المنطقة التي تريد نزع السلاح منها، وهي من جنوب الليطاني شمالاً حتى الأولي، وتطلب ضمانات أمنية في هذه البقعة الجغرافية، لأنّها في اعتقادها تكون قد أبعدت «حزب الله» من مسافة 40 كلم إلى 70 كلم وحولتها منطقة آمنة ينتشر فيها الجيش اللبناني فقط، وتشمل ايضاً نزع السلاح من المخيمات، وبالتالي تصبح في نظرها ظروف أي معركة هي غير متكافئة، فتفرض قواعد اشتباك جديدة تجعلها تمسك كل هذه المناطق بسهولة، وهذا الأمر لن يقبل به «حزب الله»، لأنّه عملياً إذا تسلّم العدو هذه الورقة يعني انّه لن ينسحب إلى الوراء بل يتقدّم إلى الأمام، مثلما يجري في غزة وسوريا». واكّد المصدر انّه «على رغم من كل ما حصل فإنّ «حزب الله» ليس ضعيفاً، لذلك سنشهد مزيداً من الضغوط وحملات التهويل. وإنّ تسليم السلاح هو امر غير وارد والأولوية هي لإلزام العدو بتطبيق الاتفاق».

 

تحذير من فراغ

وكان اللافت أمس تحذير مندوب لبنان في الأمم المتحدة أحمد عرفة، خلال جلسة لمجلس الأمن، من حصول فراغ أمني في الجنوب، خصوصاً بعد انسحاب قوات «اليونيفيل»، أو في الفترة الانتقالية التي تفصل ما بين خروج هذه القوات وانتشار الجيش اللبناني، وفق ما هو مقرّر في نهاية السنة المقبلة.

 

وتقول مصادر مواكبة للموقف اللبناني الرسمي لـ«الجمهورية»، إنّ «هذا التحذير يرتدي أهمية قصوى بالنسبة إلى لبنان، لأنّ هناك مخاوف حقيقية من مخطط قد تلجأ إسرائيل إلى تنفيذه في الأشهر القليلة المقبلة من ولاية «اليونيفيل»، وتهدف إلى تعطيل عملها ودفعها إلى الانسحاب المبكر من معظم المناطق التي تنتشر فيها اليوم، بهدف جعل هذه المناطق جزءاً من بقعة نفوذ واسعة، تتفرّد إسرائيل بالسيطرة عليها أمنياً جواً وبحراً وبراً، ولو لم تتوغل قواتها في هذه المنطقة، متذرعة بتنفيذ قرار إبعاد «حزب الله» وسلاحه بكامله من منطقة جنوب الليطاني قبل مطلع السنة المقبلة.

 

وأكثر ما تخشاه المصادر هو أن تستغل إسرائيل خروج القوات الدولية، لتزيح آخر شاهد دولي يمكن أن يستند إليه لبنان ليُسمِع صوته ويشكو التجاوزات التي يتعرض لها، وبذلك تتفرّد بالهيمنة على جنوب الليطاني بلا رقيب. وهذا الأمر قد يهدّد بتحويل السيطرة الأمنية إلى احتلال فعلي كامل.

 

الجلسة التشريعية

نيايباً، انعقدت الجلسة التشريعية أمس برئاسة الرئيس بري بنصاب قانوني على رغم من مقاطعة بعض الكتل والنواب، وتوافر هذا النصاب بحضور نواب كتلة «الاعتدال الوطني». وأقرّ المجلس مجموعة من مشاريع القوانين كان من ابرزها مشروع قانون اتفاقية قرض مع البنك الدولي بقيمة 250 مليون دولار لإعادة ترميم البنى التحتية في الجنوب، وقانون تنظيم القضاء العدلي بعد الأخذ بملاحظات رئيس الجمهورية عليه. وفي هذا الصدد قال النائب علي حسين خليل: «انّ هذه الملاحظات كانت محلّ إجماع داخل لجنة الإدارة والعدل».