Site icon IMLebanon

 بعد العيد: ملف النفط أولاً… وجنبلاط يلتقي لافروف

المشهد الداخلي على موعد مع صورة جديدة يفترض أن تطبع الوقائع الداخلية في مرحلة ما بعد عيد الفطر، ربطاً بالزخم الذي ولّدته «وثيقة بعبدا» وخريطة الطريق التي رسمتها في اتجاه إعادة بعثِ الحيوية في مؤسسات الدولة. وإذا كان الطاقم السياسي قد حَكم نفسه بأولوية ترسيخ الاستقرار الداخلي، والنأي بلبنان عن النار المشتعلة من حوله، فإنّ المهمّة الأساس ملقاة بالدرجة الأولى على الحكومة كما على المجلس النيابي للشروع مباشرةً في ورشة العمل الموعودة، بما يجعل فترة التمديد الجديدة للمجلس فترةَ إنتاج حقيقي ومقاربةً جدّية للملفات المتراكمة، سواء السياسية أو تلك المتصلة مباشرةً بحياة المواطنين ومصالحهم، واقتصادِهم الذي بات يتطلّب حالة طوارئ حقيقية واستثنائية توفّر له ولو الحدَّ الأدنى من أسباب الانتعاش. وكذلك أمنِهم المهدّد بالفوضى والفلتان المتنقّل من منطقة إلى أخرى، وبالإرهاب الذي يضعه في دائرة استهدافاته، ويخِلّ بأمن المنطقة ككلّ، كما فعلَ بالأمس في السعودية حيث أعلِنَ في المملكة أنّ الأمن السعودي تمكّنَ من إحباط عملية إرهابية كبيرة تستهدف الحرم المكّي.

دخلت «وثيقة بعبدا» دائرة التقييم الإيجابي، وتُعوّل الأطراف المشارِكة في إعدادها عليها كفرصة للانتقال بالبلد خارج إطار المراوحة السلبية التي حكمته طيلة الفترة الماضية، وتبقى العبرة في جدّية ترجمتها.

يأتي ذلك في وقت يتواصل فيه تَهاوي المجموعات الإرهابية وسقوطها في قبضة الأجهزة الأمنية. والبارز في هذا السياق تمكُّن مخابرات الجيش اللبناني من إلقاء القبض على إرهابي خطير في عرسال تولّى في فترة معينة تأمينَ الانتحاريين وإعداد العديد من السيارات المفخّخة.

فقد أوقفَت مديرية المخابرات قبل يومين، اللبناني محمد بدرالدين الكرنبي الملقّب بـ«أبو بدر» في عرسال، الذي كشَف خلال التحقيقات أنّه بدأ العمل مع شخص يدعى «أبو عبدالله العراقي»، وهو ضابط عراقي سابق، انتقل إلى جرود عرسال في بدايات الأزمة السورية ومكث في لبنان بعدما أنشأ مجموعة كانت تنفّذ عمليات إرهابية، وكان يؤمّن الإنتحاريين كما يؤمن لهم الطريق إلى الداخل اللبناني لتفجير أنفسهم عبر الكرنبي الذي كان سائق «فان» أجرة يعمل على الخط بين بيروت والبقاع، حيث كان يذهب إلى مطار بيروت وينقل الانتحاريين إلى عرسال، ومنها إلى سوريا مقابل بدل مادي، وقد تحوّل الكرنبي بعدما اكتشفَ حقيقة عمله، ووطّد علاقته بالإرهابيين، الى معِدٍّ للسيارات المفخخة في غالبية العمليات الإرهابية التي حصلت في الفترة الأخيرة.

ويُعتبَر الكرنبي صيداً ثميناً كونه يملك تفاصيل الفترة الأخيرة التي كانت محجوبة عن الأجهزة الأمنية، وسيكون مخزنَ معلومات مهم للقبض على باقي الإرهابيين. (تفاصيل صفحة 9).

الراعي

سياسياً، نوَّه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي «بالوثيقة وبكل حوار وطني من شأنه الدفع الى الافضل في حياة الوطن والمواطنين».

وأجرى الراعي، عشية سفرِه الى البرتغال والفاتيكان، اتصالاً هاتفياً برئيس الجمهورية العماد ميشال عون متمنياً انطلاقة جديدة لعجَلة الدولة ومؤسساتها.

بري

من جهته، عبّر رئيس مجلس النواب نبيه بري عن ارتياحه الى مسار لقاء بعبدا والابحاث التي تناولها. وقال امام زوّاره: «كان لقاءً جيّداً، ونأمل أن يكون مثمراً، والمهم أن يعمل الجميع في خدمة هذا البلد».

وأكّد بري مجدداً على أنّ مرحلة ما بعد عيد الفطر هي مرحلة عمل وإنتاج، إنْ على المستوى السياسي في سبيل ترسيخ الاستقرار الداخلي على كلّ المستويات، وإنْ على المستوى التشريعي، مشيراً في هذا السياق الى أنّه في صددِ الدعوة الى جلسة تشريعية قريباً (ربّما في منتصف تموز) لدرسِ وإقرار مجموعة من البنود الأساسية وفي مقدّمها سلسلة الرتب والرواتب التي هي حقّ للموظفين ولمستحقّيها.

ملفّ النفط

إلى ذلك، علمت «الجمهورية» انّ ملف النفط البحري سيكون بنداً أساسياً في مرحلة ما بعد العيد. وفي هذا السياق، علِم انّ بري سيعيد فتح هذا الموضوع خصوصاً من الجانب المتعلق بالثروة النفطية وتحقيق حق لبنان بها.

وينتظر بري ردوداً واضحة من الاميركيين حول بعض الاستفسارات التي طرِحت في السابق، وهو سيلتقي ممثلة الأمين العام للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ حول هذا الموضوع. وقد تسلّمَ رئيس المجلس أخيراً مجموعة من الوثائق والخرائط الدقيقة التي تحدّد المساحة الفعلية للبنان برّاً وكذلك المساحة البحرية وصولاً حتى المنطقة الاقتصادية الخالصة.

الحريري

وأوضَح رئيس الحكومة سعد الحريري أنّ اللقاء التشاوري في قصر بعبدا أراده الرئيس عون للتشاور بين أفراد الحكومة، مؤكداً أن لا استبعاد لأحد من المعارضة.

وأكّد الحريري من جهة ثانية، على متانة العلاقة بين تيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية»، وأشار عقب تلبيتِه دعوةَ رئيس حزب «القوات» سمير جعجع على مائدة سحور إلى أنّ «الكهرباء تَجمعنا، وهناك أسئلة تمّ توضيحها في هذا الملف».

وعن إمكان التحالف في الانتخابات النيابية المقبلة بين «المستقبل» و«القوات» أجاب الحريري «اسألوا الحكيم».

وردّ جعجع على هذا السؤال ممازحاً بالقول إنّ التحالف ممكن «إذا بيقعُد عاقل» الحريري، مؤكّداً التفاهم بين الجانبين على المسائل الاستراتيجية.

«القوات»

وأوضَحت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية» أنّ لقاء معراب أكّد على متانة العلاقة التي تجمع الحريري وجعجع «في ظلّ حِرصهما على التلاقي بشكل دوري من أجل تنسيق المواقف والخطوات في كلّ مرحلة تبعاً للاستحقاقات المطروحة».

ولفتت الى انّ اللقاء «جاء في مرحلة فاصلة بين محطتين: محطة إنجاز قانون الانتخاب، وهو إنجاز استثنائي يصبّ في خانة العهد والحكومة ويُزخِّم الحياة السياسية ويُحصِّن الاستقرار، ومحطة التفرّغ للمسائل الاقتصادية والاجتماعية والحياتية التي لها صلة بحياة الناس ومعيشتهم وتُشكّل الأولوية بالنسبة إليهم.

وقد شكّلَ هذا الموضوع تتمة موضوعية للنقاش الذي دار في اللقاء التشاوري، حيث أكّد جعجع للحريري أنّ ما حصل على المستوى السياسي في أقلّ من سنة مهم جداً لجهة انتخاب رئيس جديد ممثّل لبيئته، وتشكيل حكومة متوازنة، وإقرار قانون جديد للانتخاب، وطيّ الصفحة الخلافية داخل المؤسسات التي كانت تُعطّل عملها، والانتقال الى مرحلة جديدة من التعاون والإنتاجية، وبالتالي كلّ هذا المسار أدّى إلى تحصين الاستقرار السياسي، الأمر الذي يتطلب العملَ من الآن فصاعداً على تحصين الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، لأنّ لا استقرار سياسياً من دون ارتياح اقتصادي، والعكس صحيح.

واعتبَر جعجع انّ الفرصة مؤاتية لتحقيق انتظارات الناس ومطالبهم تأسيساً على التوافق السياسي القائم والإجماع على ضرورة تجنّبِ الملفات التي تحتاج إلى أشهر من اللقاءات ومن دون ايّ نتيجة ربّما، فيما لولا تضافُر عوامل عدة داخلية لكان استحالَ إقرار قانون انتخاب جديد شكّلَ فرصة لتصحيح الخلل التمثيلي تطبيقاً لاتفاق الطائف.

ونوَّه جعجع بدور الحريري في الوصول إلى قانون جديد، كذلك نوَّه بالتعاون القائم بين الرئاسات والمؤسسات، وبآليات النقاش التي تقود إلى حلول على غرار ملف الكهرباء الذي دعا إلى بتِّه سريعاً على قاعدة الشفافية وتوسيع الخيارات وتأمين الكهرباء 24/24 بأكثر سرعة وأقلّ كلفة على المواطن والدولة.

وأكّدت المصادر انّ جعجع «تَقصّدَ الكلام عن العناوين التي تَجمعه بالحريري بدءاً من مشروع الدولة وحصرية السلاح داخلها إلى دور لبنان، وما بينهما الالتزام بالمرجعيات العربية والدولية، وذلك للدلالة على التفاهم السياسي الكبير الذي يجمعهما والذي تتحوّل معه الانتخابات إلى حلقة من حلقات هذا التفاهم، إلّا أنّه من المبكر جداً الكلام عن تحالفات انتخابية ودوائر وترشيحات في وقتٍ ينصرف كلّ فريق إلى تهيئة ماكيناته الداخلية، وفي ظلّ قناعة انّ الفترة الفاصلة عن تحوّلِ لبنان إلى ماكينة انتخابية يجب ان تتكلّل بإنجازات حياتية تستجيب لحاجات الناس وتطلّعاتهم».

وعلى رغم أولوية الملفات الداخلية وأهمّيتها، لم تحُل مناسبة اللقاء دون مقاربة قضايا المنطقة وتشعّباتها وكيفية مواصلة تحييد لبنان بالاتكاء على التفهّم الدولي والعربي للوضع اللبناني وضرورة الحفاظ على استقراره وتحصينه».

نصرالله

في هذه الأجواء، أحيا «حزب الله» ذكرى «يوم القدس العالمي» في احتفال أقامه في الضاحية الجنوبية ألقى خلاله الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله كلمة، كان اللافت فيها استمرار هجومه على السعودية، إلّا أنّه لم يأتِ على ذِكر وثيقة بعبدا وأيّ ملف لبناني آخر. بل ركّز على الوضع الاقليمي.

جنبلاط في موسكو

على صعيد سياسي آخر، وفي لقاء هو الأوّل بينهما منذ سنتين، استقبلَ وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط في موسكو، وعقَدا مؤتمراً صحافياً مشتركاً.

وأكّد لافروف أنّ الوضع في الشرق الأوسط شهد خلال هذه الفترة تغيّرات كثيرة، لكنّه لا يزال بعيداً من الاستقرار. غير أنّه لفت إلى بروز بعض النزعات الإيجابية، بينها التأثير الإيجابي للاتفاق السياسي في لبنان والذي سمحَ بانتخاب عون رئيساً للجمهورية وتسمية الحريري رئيساً للحكومة. وأبدى سرورَه لتقدّم لبنان في طريق استعادة الاستقرار.

من جهته ورداً على سؤال عمّا إذا كان إنشاء مناطق آمنة في سوريا يساعد في عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، أجاب جنبلاط:»سنرى إذا كانت هذه المناطق الآمنة تشكّل المجالَ لعودة اللاجئين، وسنرى إذا هذه المناطق الآمنة ممكن أن تتوسّع وتصبح كلّ سوريا آمنة. لكن لا بدّ من الحلّ السياسي».