وكالة «فارس» الإيرانية تستبق الانفجار بتهديد «جيش لحد المصرفي بـ 7 أيار جديد»
اهتزّت بيروت مساء أمس، في وقت الإفطار، بدويّ رسالة متفجّرة استهدفت بنك «لبنان والمهجر» في محلّة الكونكورد، سبقتها رسائل إعلامية وإلكترونية متواصلة وضعت «حزب الله» في دائرة الاتهام خصوصاً أن آخرها جاء في تقرير إخباري في وكالة أنباء «فارس» الإيرانية، نُشر قبل ساعتين فقط من موعد وقوع الانفجار وتضمن تهديداً صريحاً منسوباً الى أحد المقرّبين من «حزب الله» بـ»7 أيار جديد».
لم يكن صعباً إدراك مغزى الرسالة المتفجّرة والجهة المستهدفة لتزامنها مع التوتّر المتصاعد بين «حزب الله» والقطاع المصرفي على وقع العقوبات الأميركية، لكن مصادر في مصرف لبنان المركزي أبلغت «المستقبل» أن هذه الرسالة «لن تجدي لأن لا خيار لديه سوى تطبيق القوانين المحلية والأميركية والدولية». فيما قال رئيس مجلس إدارة بنك «لبنان والمهجر» سعد أزهري لـ«المستقبل» أن «من المبكر الاستنتاج أو الإدلاء برأي قبل ظهور نتائج التحقيق»، مؤكداً أن الأهم كان «اقتصار أضرار الانفجار على الماديات».
وجاءت الرسالة مسبوقة بمواقف تفجيرية ضد القطاع المصرفي بلغت ذروتها في وكالة «فارس» التي أكدت أن المواجهة أصبحت «شبه حتمية» بين «حزب الله» والمصارف»، مضيفة أن الحزب يريد أن تبقى المواجهة معه حصراً «وإلا سنكون أمام ردات فعل متوقعة وغير متوقعة.. حين يداهمه خطر التأثير على أشرف الناس أو القضايا المحرّمة كـ»شبكة الاتصالات السلكية» في السابع من أيار 2008، فكيف الحال إذا كان الأمر يختصّ بالإثنين معاً، كما في قضية الحرب المالية». (
وإذ هدّد التقرير بأن الطاولة «ستقلب على الجميع عندما ترتفع أسهم المواجهة الشعبية مع المصارف»، اعتبر أن «مشاطرة حاكم مصرف لبنان رياض سلامه وزملاءه للأميركيين يعرّض الاستقرار المصرفي لخطر داهم». وشبّه المشهد الحالي بمرحلة القرار 1559 وبحقبة «جيش لحد» عندما كان «يشاطر الإسرائيليين على أبناء الوطن فيما يحصل اليوم «جيش لحد» مصرفي».
واعتبر التقرير أن أولى التبعات للانهيار السياسي هو «الانهيار المصرفي الذي سيجعل العديد من المتواطئين مع أميركا على الطائفة الشيعية في لبنان، ولاحقاً من يدعمها من المسيحيين والسنّة، أمام مصير مشابه لما حصل مع المتواطئين مع إسرائيل قبل العام 2000»، محذراً إما «أن تستثنى بيئة الحزب الحاضنة وتنحصر المواجهة معه بشكل مباشر، وإلا نكون في النهاية أمام 7 أيار جديد، وربما الخامس والعشرين منه«.
وكانت شهدت وسائل التواصل الاجتماعي وجريدة «الأخبار» الناطقة بأجواء «حزب الله» حملة مركّزة ضد القطاع المصرفي، وخصوصاً بنك «لبنان والمهجر» الذي أفردت له «الأخبار» مقالاً كاملاً نالت فيه أيضاً من حاكم المصرف المركزي، علاوة على بيان كتلة «الوفاء للمقاومة» الأخير، فضلاً عن تعليقات «صحافيي الممانعة» التلفزيونية إثر وقوع الانفجار أمس.
الوقائع
وفي التفاصيل، فقد دوى صوت انفجار بعيد الثامنة مساء، تبين أنه ناتج عن انفجار عبوة ناسفة أمام الحائط الخلفي لمبنى بنك «لبنان والمهجر« المواجه لمبنى الكونكورد، وأدى الى اصابة شخصين أحدهما حارس المبنى اصابات غير خطيرة، وتضرر عدد كبير من السيارات اضافة الى مبنى البنك المذكور. وعلى الفور قامت عناصر الشرطة العسكرية، التي وصلت إلى مكان الانفجار، بضرب طوق أمني، وبوشرت التحقيقات الأولية.
وفرض الجيش اللبناني طوقاً أمنياً كبيراً في محيط مكان التفجير، وأبعد المدنيين خوفاً على سلامتهم من تساقط الزجاج وتحسباً من عبوة ثانية. وعزلت قواته محيط التفجير من كل الجهات، فمنعت الدخول الى المكان حتى للاعلاميين، ولم يسمح بالبقاء إلا لسيارات النقل المباشر للتلفزيونات. وقامت الأدلة الجنائية بعملية المسح في المكان، بما فيها داخل مبنى البنك، لجمع الأدلة.
وكلف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي، إجراء التحقيقات والاستعانة بخبير متفجرات والأدلة الجنائية للكشف على مكان الانفجار وتحديد ملابسات الجريمة. كما عاين مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود مكان الانفجار.
وأعلنت قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه في بيان أن «عبوة ناسفة انفجرت قرابة الساعة 20,00 في محلة فردان قرب أحد المصارف، وعلى الفور تحركت دورية من الجيش الى موقع الإنفجار وعملت على عزله بالتعاون مع القوى الأمنية الأخرى وحضر الخبير العسكري للكشف وتحديد نوعية الانفجار وطبيعته«.
من جهته، أعلن الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة، أن الانفجار أدى إلى سقوط جريحين، نقل أحدهما بسيارة مدنية إلى مستشفى الجامعة الأميركية، والثاني أصيب في يده وعولج ميدانياً في المكان.
وفور وقوع الانفجار، أوضح المكتب الاعلامي لوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، في بيان، أن المشنوق بخير وهو في منزله. وقال وزير الداخلية لوكالة «رويترز»: «من الواضح أن بنك لبنان والمهجر هو المستهدف«. ولفت الى أن «العبوة وضعت في حقيبة بجانب جدار بنك لبنان والمهجر»، مشيراً الى أن «التفجير خارج سياق التفجيرات العادية ولا علاقة له بالتفجيرات السابقة».
وتفقد المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، المكان، وكشف أن «الانفجار ناتج عن عبوة موضوعة في حوض زهور إلى جانب الجدار الملاصق لمبنى بنك لبنان والمهجر، وليس في داخل المبنى وتقدر زنتها بـ 15 كيلوغراماً من المواد المتفجرة«. وأكد أن «الاجهزة الامنية مجتمعة، تعمل على كشف ملابسات الانفجار، ولكن هناك صعوبة في الاقتراب من الحفرة التي أحدثها الانفجار، بسبب استمرار تساقط الزجاج من الطوابق العليا لمبنى المصرف«، مشيراً الى أن «الجيش وقوى الامن يتخذون إجراءات أمنية مشددة، لحماية كل الاماكن السياحية والاقتصادية في المناطق اللبنانية كافة».
وتفقد وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، مكان الانفجار، معلناً في حديث الى قناة «الجديد« أنه «سيتم استبدال مدرسة رينيه معوض المتضررة بالانفجار بثانوية شكيب ارسلان لاستكمال اجراء الامتحانات الرسمية«.
الحريري يستنكر
وفي المواقف، استنكر الرئيس سعد الحريري بشدة التفجير الإرهابي، وقال خلال رعايته غروب امس حفل الإفطار السنوي الذي أقامه قطاع المهن الحرة في تيار «المستقبل» في مجمع «البيال«: «إن معركتنا مع الإرهاب والتفجير وعمليات القتل والاغتيال والرسائل المباشرة وغير المباشرة طويلة، وهي معركتنا نحن، وستكمل، ولبنان سينتصر في نهاية المطاف، وكل أنواع الإرهاب لن تخيف اللبنانيين، وجميعنا سنكون في مواجهته ولبنان سينتصر في النهاية».
وفي تغريدات عبر «تويتر» قال الحريري إن التفجير «رسالة خطيرة تستدعي تحركاً عاجلاً من الحكومة والهيئات المعنية لمعالجة التداعيات، وإنه عمل مخابراتي بامتياز يتخذ من تهديد المصارف منصّة لتهديد الاستقرار». وأكد أن القطاع المصرفي «ضمانة أساسية للاقتصاد الوطني ومسؤولية حمايته تقع على كل اللبنانيين».
.. وجنبلاط
ورأى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط أن من «الضروري الخروج من السجال العلني في الصحف والاعلام والكف عن التهجم على حاكم المصرف المركزي«. وقال في سلسلة تغريدات عبر صفحته على موقع «تويتر»: «لأن المواجهة اليوم تستهدف «حزب الله« وجمهوره ولبنان، وهي ليست مواجهة بالصواريخ او الدبابات او الطائرات او غيرها من الاسلحة، لذلك يتقن المجاهدون في المقاومة التعاطي معها ودحرها كما فعلوا في كل الجولات السابقة من أيام الاحتلال الى 2006«.
واعتبر أن «المواجهة اليوم هي في كيفية التخفيف بالقدر الممكن من أضرار العقوبات والتعاطي بذكاء للحفاظ على القطاع المصرفي«، ناصحاً بـ «تشكيل فريق اخصائي بعيد عن الانظار والهيجان الاعلامي لدراسة الموضوع ومعاونة رياض سلامه لدرء الاخطار عن كل لبنان». وأكد أن «أي تهييج اعلامي قد يجعل أي مصرف اميركي كبير او متوسط الحجم يطيح بكل لبنان وليس من المسموح بأي خطأ في هذا المجال، لأننا على ما يبدو قادمون على مزيد من الصعوبات الاقتصادية«.
وفي حديث تلفزيوني دعا جنبلاط الى «الخروج من الجدال البيزنطي حول الافضلية لانتخاب رئيس او مجلس نيابي«، ولم يستبعد «اليد الاسرائيلية في التفجير«.
ودعا الرئيس ميشال سليمان عبر «تويتر»، الجميع الى «المساهمة في كشف الفاعل لإبعاد الشبهات«. فيما حض الرئيس نجيب ميقاتي، عبر «تويتر»، الجميع على «اليقظة والتنبه وضبط الانفعالات لأن الوضع دقيق«.
ورأى وزير البيئة محمد المشنوق أن «رسالة التفجير يمكن فهمها باتجاهات عدة». وقال: «لا يكفي الاستنكار والمطلوب موقف موحد لحماية اجراءات مصارفنا والالتزام بقرارات الحكومة لحماية اقتصادنا». واستنكر وزير الاقتصاد آلان حكيم عبر «تويتر» بشدة الإنفجار، داعياً إلى «الحفاظ على القطاع المصرفي«.
وطالب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دي فريج الأجهزة الأمنية بـ «كشف الجناة في أسرع وقت منعاً للمزيد من التوتر على الساحة الداخلية«، محذراً من أن «المس بالقطاع المصرفي سيؤدي إلى كوارث تصيب جميع اللبنانيين من دون تفرقة«.
وشدّد عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر عبر «تويتر» على ضرورة اتخاذ الدولة «كل إجراءات الحماية اللازمة لحماية القطاع المصرفي الذي يشكل عماد الاقتصاد اللبناني«. ووصف منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد عبر «تويتر» الانفجار بأنه «بخطورة اغتيال الحريري«.
وأوضح رئيس حزب «القوات اللبنانية« سمير جعجع لـmtv أن «المستهدف من انفجار بيروت هو بنك لبنان والمهجر والهدف منه بعث رسالة بموضوع العقوبات الدولية«، وقال: «المطلوب اليوم من الاجهزة الامنية ان تعمل على اكتشاف أطراف خيوط للجهة المنفذة كما حصل في الانفجارات السابقة«.
كما استنكر حادث التفجير مفتي بعلبك – الهرمل الشيخ خالد صلح، الذي لفت الى «أننا نعيش أوضاعاً دقيقة وحساسة تتطلب من الجميع توحيد الصفوف لمواجهة ما يتعرض له لبنان من خطر على استقراره وأمنه«. واعتبر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الامير قبلان التفجير «عملاً تخريبياً يهدف الى زعزعة الأمن والاستقرار في لبنان، فضلاً عن ترهيب اللبنانيين وبث الفتن في صفوفهم«.
