Site icon IMLebanon

الرياض لموسكو: عواقب وخيمة لتدخّلكم ولا دور للأسد

مصادر على اتصال بالنظام: روسيا بصدد تقويض النفوذ الإيراني وطرد «حزب الله»

الرياض لموسكو: عواقب وخيمة لتدخّلكم ولا دور للأسد

نقلت وكالة «رويترز» أمس عن مصدر سعودي أن المملكة حذرت موسكو من عواقب وخيمة جراء تدخلها في سوريا، وذلك بناء على مواقف حددها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع خلال الاجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أكد خلال مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو أول من أمس، أن لا دور لبشار الأسد في مستقبل سوريا.

وفي سياق متصل بالتدخل الروسي في سوريا، تقاطعت معلومات بثتها وكالة «آكي» الإيطالية نقلاً عن مصادر على صلة بالنظام مع معلومات خاصة لـ»المستقبل» من مصادر معارضة مطلعة، عن إجراءات روسية لضرب النفوذ الإيراني لدى نظام بشار الأسد وإضعاف دور «حزب الله» كمقدمة لإخراجه من الساحة السورية نهائياً.

فقد ذكر مصدر سعودي لـ»رويترز» أمس إن مسؤولين سعوديين كباراً أبلغوا الزعماء الروس، أن التدخل العسكري الروسي في سوريا ستكون له «عواقب وخيمة» وسيؤدي إلى تصعيد الحرب هناك وسيدفع متطرفين من أنحاء العالم الى المشاركة فيها.

وقال المصدر إن «التدخل الروسي في سوريا سيدخلهم في حرب طائفية»، مضيفا أن المملكة «تحذر من العواقب الوخيمة للتدخل الروسي. وأوضح أنه يتحدث استنادا الى المواقف التي حددها ولي ولي العهد السعودي ووزير الخارجية الجبير خلال الاجتماعات مع بوتين ولافروف في منتجع سوتشي الروسي المطل على البحر الأسود. وتابع المصدر «سيسهم التصعيد الأخير في اجتذاب متطرفين وجهاديين للحرب في سوريا»، وأضاف أن تصرفات الكرملين ستنفر المسلمين السنة العاديين في مختلف أنحاء العالم. وأوضح المصدر أن السعوديين حضوا روسيا على المساعدة في محاربة الإرهاب في سوريا بالانضمام إلى التحالف الذي يحارب «داعش» ويضم أكثر من 20 دولة. وأكد من جديد أن بشار الأسد يجب أن يرحل في إطار عملية تم الاتفاق عليها خلال مؤتمر جنيف للسلام الذي انعقد في حزيران 2012 وحدد مسارا للسلام والانتقال السياسي.

وفي تصريحات للصحافيين الأحد عن الضربات الروسية قال الجبير إنه عبر عن قلق المملكة من أن هذه العمليات يمكن أن تعتبر تحالفا بين ايران وروسيا. وقال إن روسيا ذكرت أن هدفها الرئيسي هو مكافحة الإرهاب.

وقال الجبير إنه تم توضيح موقف المملكة في ما يتعلق بالعمليات العسكرية الروسية في سوريا وقلق المملكة بأن تفسر هذه العمليات بأنها تحالف مع إيران و«حزب الله« وبشار الأسد، مشيراً إلى أنه تم التأكيد بأن هدف العمليات الروسية هو محاربة تنظيم «داعش« الإرهابي. وأكد أن موقف المملكة تجاه الأزمة في سوريا وتجاه بشار الأسد بالتحديد لن يتغير، وقال «نعتقد أن الحل الأفضل في سوريا هو حل سياسي مبني على مبادئ تفاهم «جنيف1« الذي يدعو إلى تأسيس سلطة انتقالية من النظام والمعارضة تقوم بإدارة شؤون البلاد والتحضير لانتخابات جديدة ووضع دستور جديد وتنحي بشار الأسد لكي يكون لسوريا مستقبل جديد دون أي دور لهم. وأوضح أن موقف المملكة هو الإصرار على عدم وجود أي دور لبشار الأسد في مستقبل سوريا والاستمرار في تقديم الدعم للمعارضة السورية المعتدلة، مشيراً إلى أنه تم بحث أفكار جديدة بين الطرفين حيال كيفية تفعيل وتطبيق مبادرة مبادئ «جنيف1« وآلية للوصول للهدف المشترك بين الطرفين الذي يتمثل في دولة سوريا موحدة تعيش فيها جميع مكوناتها بحقوق مكفولة لها وبمساواة.

وأعرب الجبير عن تطلعه للحل المناسب لسوريا الذي يضمن وحدة البلاد ويحافظ على مؤسساتها العسكرية والمدنية ويحفظ جميع حقوق شعبها، مشيراً إلى أن نظيره الروسي أوضح أن الرئيس الروسي وولي ولي العهد اتفقا على أن يكون هناك تكثيف في التشاور والزيارات المتبادلة بين المسؤولين في الحكومتين في القطاعات المختلفة من أجل تكثيف التشاور والتنسيق في الأمور ذات الاهتمام بين البلدين.

وأوضح وزير الخارجية الروسي أن لقاء بوتين والأمير محمد بن سلمان ناقش العلاقات الثنائية بين البلدين بما في ذلك ما تم الاتفاق عليه خلال الزيارة الماضية في حزيران الماضي حيث تم الاستخلاص لوجود فرص جيدة في مختلف المجالات مثل الاقتصاد والاستثمارات والتعاون العسكري الفني وتم تحديد الخطوط التي سيتم تطبيقها لاحقاً. وأمس قال لافروف إن موسكو وواشنطن والرياض لم تتفق بشكل تام «بعد» على الحل النهائي للأزمة السورية لكن هناك تقدما واضحا بين الدول بشأن الأزمة.

وفي اللوكسمبورغ، اعلن مجلس خارجية الاتحاد الاوروبي في بيان عقب اجتماعه امس ان لا سلام دائم في سوريا في ظل قيادة الأسد، وشدد على ضرورة تأمين التطلعات المشروعة لكافة مكونات الشعب السوري بحل سياسي وفق بيان «جنيف1«. ونصحت الممثلة العليا لخارجية الاتحاد فيدريكا موغيرني موسكو بالتنسيق مع الدول الاخرى التي تحارب داعش من اجل تفادي حصول اي عواقب وخيمة لحادث عسكري قد يحصل بسبب الطلعات الجوية التي يقوم بها الروس والتحالف الدولي في سوريا.

ودعا الوزراء روسيا الى لعب دور سياسي اكبر في سوريا من الدور العسكري. موضحين ان «الحرب على داعش تتطلب تنسيقا دوليا بين كافة الدول، وذلك بهدف القضاء عليه وعلى كافة المجموعات التي صنفتها الأمم المتحدة إرهابية بما في ذلك جبهة النصرة». واعرب الاوربيون عن «قلقهم من ان العمليات العسكرية الروسية في سوريا، تستهدف بشكل كبير الثوار المعتدلين وبدرجة اقل المجموعات الارهابية. لذا يجب ان تتوقف روسيا عن استهداف المعارضين للأسد فورا، كما يجب ان تكف الطائرات الروسية المقاتلة عن انتهاك اجواء الدول المجاورة». 

وفي النروج، اتهم الامين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبيرغ امس روسيا بالاسهام في اطالة امد النزاع في سوريا من خلال دعمها الاسد ضد المعارضة المعتدلة. وقال في مداخلة امام برلمانيي الحلف الاطلسي المجتمعين في ستافنغر (جنوب غرب النروج) «ان على روسيا ان تحارب تنظيم داعش في سوريا وعدم مساندة الاسد». وردا على سؤال عما إذا كان الحلف سيكون مستعدا للدفاع عن تركيا ضد روسيا قال ستولتنبيرغ إن «الحلف موجود لدعمها ومساعدتها إذا احتاجت«.

وفي سياق مساعي الحل، قال مبعوث الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا إنه يأمل أولا في التوصل إلى تفاهم بين روسيا والولايات المتحدة يشكل الأساس لمجموعة أو أكثر من «مجموعة اتصال» تضم الدول المعنية الداعمة للمحادثات. وأوضح في مؤتمر صحافي إنه سيجري محادثات في روسيا ثم بعد ذلك في واشنطن وقال إن تصاعد العنف جعل إجراء حوار بين الحكومة السورية وجماعات المعارضة أكثر إلحاحا. 

وتحتاج العملية السياسية إلى تمهيد ميداني، يبدو أن روسيا باشرته في سوريا على ما نشرت وكالة «آكي» الايطالية للانباء من معلومات نقلاً عن مصادر سياسية سورية لها صلات بالنظام في دمشق إن القيادة العسكرية الروسية في سوريا طالبت من النظام السوري تفاصيل كاملة عن الميليشيات غير النظامية التي شكلها وقوائم بأسماء المنتسبين لها، ورجحت أن يكون الهدف حل بعض هذه الميليشيات ودمج الأخرى في الجيش النظامي السوري. وأكّدت المصادر للوكالة أن «القيادة الروسية على دراية تفصيلية بهذه الميليشيات ومن الصعب أن يتهرب النظام أو يتلاعب بهذا الملف». وقالت «اتضح بشكل مؤكد أن روسيا على علم تفصيلي بقادة هذه الميليشيات وأسماء مموليها من رجال الأعمال المقربين من النظام، وعلى رأسها قوات الدفاع الوطني ولواء درع الساحل، وطالبت القيادة السورية بتقديم قوائم عددية ومكانية تفصيلية عنها، وكذلك نسبة العسكريين فيها، ومن الواضح أن لديها قوائم ظل«. وأشارت إلى أن روسيا لن تسمح بـ»فوضى الميليشيات في المنطقة التي تعمل بها، وتعمل على تشكيل ألوية عسكرية غالباً ستضم إليها جزءاً من هذه الميليشيات تحت قيادة عسكرية من الجيش السوري، وستطلب بحل جزء آخر منها وسحب السلاح منه«. وذكرت أن روسيا لا ترى مانعاً من استعانة النظام السوري بمقاتلي «حزب الله« حالياً، لكنها قريباً ستطلب خروجه من سوريا في إطار خطة لإبعاد كل الميليشيات الأجنبية المدعومة إيرانياً، وأبدت تحفظات تجاه التغيير الديمغرافي الذي يسعى حزب الله لإحداثه في الزبداني والرستن قبل الانسحاب المتوقع.

وتقاطعت معلومات آكي مع ما قالته مصادر على صلة بالمعارضة السورية (راجع الصفحة 11)، من أن موسكو، وبمساعدة ضباط علويين كبار، أبعدت الكثير من الضباط الموالين لإيران، والذين كانوا يتحكمون بحركة الوحدات النظامية ويعملون على إضعافها وتحويلها لميليشيات لمصلحة إيران، وثبتت ضباطاً آخرين موالين لموسكو، أو معارضين للسياسة التي اتبعتها إيران إزاء الجيش النظامي، علماً بأن طهران كانت تتحكم بالنظام من خلال إبعاد الضباط العلويين المحيطين ببشار الأسد، واستبدالهم بضباط آخرين موالين لها أو من غير الطائفة العلوية. 

وفي واشنطن اعلن متحدث باسم قيادة القوات الاميركية في الشرق الاوسط (سنتكوم) الكولونيل باتريك رايدر في بيان امس ان طائرة شحن من طراز «سي 17» تابعة للقوات الجوية الأميركية ألقت ما مجموعه 50 طنا من الذخائر لمجموعات كردية وعشائرية في محافظة الرقة، دعماً لمعركتها ضد «داعش». وقال إن هذه العملية الجوية «الناجحة» باسم التحالف «وفرت ذخائر لمجموعات عربية سورية خضع المسؤولون عنها لعمليات تدقيق ملائمة من جانب الولايات المتحدة».

(رويترز، واس، أ ف ب، آكي، «المستقبل»)