حتى في مستهل شهر الصيام، يمنع نظام بشار الأسد السوريين من الشعور بأي لحظة أمان.. في الأسواق الشعبية، في المنازل، في الشوارع.. يقع المئات منهم أطفالاً ونساء ومدنيين ضحايا لصواريخ وقنابل الموت الروسية ـ الأسدية. أول أيام رمضان حوّلته طائرات الموت إلى يوم دموي، بصواريخها الفراغية التي سقطت على رؤوس المدنيين الصائمين في دير الزور وحلب وحمص، متسببة بمجازر راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح.
ففي دير الزور ارتكبت طائرات روسيا ونظام الأسد مجزرة في سوق إحدى البلدات فيما كان سكان عدد من القرى يتسوقون لإفطار أول يوم صوم. وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن: «قتل 17 مدنياً بينهم 8 اطفال في قصف لطائرات حربية في اول ايام شهر رمضان استهدف سوقا شعبية مكتظة في بلدة العشارة التي يسيطر عليها تنظيم «داعش« في ريف دير الزور الشرقي»، موضحا انه «لم يتضح اذا كانت الطائرات سورية ام روسية». ومن بين القتلى بحسب عبد الرحمن، «افراد ينتمون الى عدد من العائلات، اذ قتل رجل وزوجته واثنان من اطفاله، وقتل رجل آخر وزوجته وثلاثة من اولاده، واصيب آخر فيما قتل اطفاله الثلاثة». واشار عبد الرحمن الى ان «عدد القتلى مرشح للارتفاع لوجود جرحى بعضهم في حالات خطرة».
وفي موسكو، نقلت وكالات أنباء عن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشنكوف قوله إن القوات الجوية الروسية لم تنفذ أي مهام قتالية في المنطقة.
وتعد هذه السوق في بلدة العشارة بحسب المرصد، «سوقا رئيسية يقصدها زوار من القرى والبلدات المجاورة، وكانت مكتظة بعائلات تتسوق لشهر رمضان».
وفي شرق حمص، قضى خمسة أطفال في حصيلة أولية، وأصيب عشرة مدنيين أغلبهم نساء وأطفال في إثر استهداف الطيران الروسي لمنزل يقطنه نازحون في منطقة السخنة الخاضعة لسيطرة «داعش« بريف حمص الشرقي بغارة جوية.
وأفادت صفحة ««السخنة الحدث« عبر حسابها في «فايسبوك« أن مجزرة مُروعة قام بها الطيران الروسي عشية شهر رمضان المبارك باستهدافه منطقة أبو زورة شرق مدينة السخنة، حيث استهدف منزلاً «يسكنه الكثير من الأطفال والنساء الذين لجأوا إليه سابقاً هرباً من القصف على مدينة السخنة«.
وفي بلدة مضايا المحاصرة في ريف دمشق، قضى مدني صباح أمس من جراء استهدافه من قبل قناصة ميليشيا «حزب الله«. وأفادت الهيئة الطبية في مضايا، عبر حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، بأن أول شهيد في أول أيام رمضان المبارك في سوريا استشهد فجر أمس هو رضوان حليمة الملقب بأبي عمار.
وفي بلدة بقين المجاورة أيضاً، استهدفت قوات النظام البلدة بالرشاشات والأسلحة المتوسطة ما أسفر عن وقوع عدد من الإصابات واندلاع حرائق ضخمة في ما تبقى من أشجار في الجبل الشرقي وحرش بقين.
وفي حلب، قتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرون من جراء استهداف الطيران الحربي عدة غارات على منطقة جسر الحج بحلب. وقتل 4 آخرون في قصف لقوات النظام على حي المرجة، دمر 5 منازل للمدنيين.
وفي المقابل استعاد الثوار عصر امس السيطرة على مستودعات خان طومان بعد طرد ميليشيات الأسد من كل النقاط التي تقدموا إليها في الصباح على جبهة الحميرة ومعراتة موقعين أكثر من ثلاثين قتيلاً ومدمرين عدة آليات.
وفي منبج، باتت «قوات سوريا الديمقراطية» المعروفة اختصاراً باسم «قسد» على مشارف مدينة منبج التي يسيطر عليها «داعش» منذ نحو عامين، حيث تقدمت من عدة محاور وباتت على بعد 8 كيلومترات منها.
ونقلت مصادر ميدانية أن «قسد» التي تشكّل «وحدات حماية الشعب« الكردية عمادها الرئيس، تقدمت من الجهة الشرقية والشمالية للمدينة حيث سيطرت على عدة قرى في المنطقة.
وبالترافق مع ذلك، شنّت طائرات التحالف الدولي غارات مكثفة على مواقع تنظيم الدولة في محيط منبج، فانسحب مقاتلو التنظيم من عدة مواقع.
وقال المتحدث باسم مجلس منبج العسكري شرفان درويش إن مقاتلي التنظيم يرحلون عن مدينة منبج مع أسرهم، بينما تقترب القوات الكردية مسافة نحو ستة كيلومترات من المدينة في هجوم أدى إلى مقتل أكثر من 150 مقاتلاً من التنظيم، بحسب قوله.
ومع تصاعد القتال، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أمس إن المعارك تسببت في نزوح نحو 20 ألف مدني ويمكن أن تتسبب في نزوح نحو 216 ألفاً آخرين إذا استمرت.
وفي جنوب دمشق، أعلنت ألوية الفرقان التابعة للجبهة الجنوبية في الجيش السوري الحر امس، اطلاق معركة «لبيك داريا« التي تهدف لتحرير عدة نقاط في ريف القنيطرة.
وقال الناطق باسم ألوية الفرقان صهيب الرحيل في حديث خاصة لـ»الهيئة السورية للإعلام«، إن «الهدف من المعركة هو تحرير تل كروم وبلدة الدوحة بريف القنيطرة، وتخفيف الضغط عن مدينة داريا المحاصرة، وتم سحب عدد من الآليات وناقلات الجند نحو خان أرنبة من ريف دمشق«.
وعلى صعيد آخر، اعلن المتحدث باسم الامم المتحدة ان المنظمة الدولية تواصل التشديد على ضرورة السماح لها بالوصول براً الى كل البلدات المحاصرة في سوريا، ولم تطلب بعد من السلطات السورية اذناً ببدء القاء المساعدات جواً.
وكانت الامم المتحدة اعلنت الجمعة الماضي رغبتها بان تطلب الاحد اذناً لإلقاء المساعدات جواً.
وقال المتحدث الدولي ستيفان دي جاريك «ارسلنا البارحة (الاحد) طلباً شفوياً الى وزارة الخارجية السورية نطلب اذناً بتسليم مساعدات عبر طريق البر الى كل البلدات» التي تريد الامم المتحدة الوصول اليها في حزيران وهي 34 بلدة يعيش فيها مليون ومئة الف نسمة.
وتابع دو جاريك «ننتظر الجواب» من دون ان يحدد اي موعد لاحتمال وصول جواب الحكومة السورية.
وقال ايضاً «نركز حالياً على تسليم المساعدات عبر طريق البر بسبب المشاكل اللوجستية والامنية التي تعترض ايصالها عبر اسقاطها من الجو»، مضيفاً «ان الامر اكثر اماناً عبر البر وبإمكاننا ان نرسل مساعدات اكثر» مما يمكن ارساله عبر الجو.
ومن اصل 34 طلب تسليم لم توافق السلطات السورية سوى على ارسال مواكب برية الى 23 منطقة محاصرة او من الصعب الوصول اليها، خلال شهر حزيران.
وكانت القوى الكبرى اتفقت الشهر الماضي على اللجوء الى القاء المساعدات من الجو ابتداء من الاول من حزيران في حال تعذر ارسالها براً.
ولم ينف دوجاريك احتمال ان تلجأ الامم المتحدة في نهاية المطاف الى طريق الجو «كملاذ أخير»، مضيفاً «في حال وجدنا في وقت من الاوقات ان الوصول عبر طريق البر لن يسمح لنا القيام به، فإننا ننوي عندها اللجوء الى الاسقاط من الجو».