Site icon IMLebanon

بري قلق.. وسلام ينتظر.. وعون يتمسك بـ«آلية» الحكومة

بري قلق.. وسلام ينتظر.. وعون يتمسك بـ«آلية» الحكومة

«حزب الله» ـ «المستقبل»: تصعيد حتى.. الحوار!

على وقع احتدام الاشتباك بين السعودية وإيران، ارتفع منسوب الاحتقان الداخلي بوتيرة متسارعة، واستعاد الخطاب السياسي نبرته العالية والعابرة للسقوف، واختفت أخبار المبادرات والتسويات خلف الضباب الإقليمي، ما يؤشر الى أن المرحلة المقبلة ستكون محفوفة بالمخاطر.

ولعل السجال الحاد الذي اندلع بين «تيار المستقبل» و «حزب الله» خلال الساعات الماضية شكّل أحد أبرز مظاهر التصعيد وأخطرها، لما يمكن أن ينطوي عليه من تهديد للحوار بين الجانبين، والذي يشكل مجرد استمراره عامل ضبط للتوتر، بمعزل عن مدى قدرته على تحقيق نتائج سياسية جوهرية، وهي قدرة ستتراجع بالتأكيد الى مستوياتها الدنيا بعد هبوب العاصفة الإقليمية على المنطقة.

وإذا كان موعد الجلسة المقررة من حوار «الحزب» ـ «المستقبل» ـ «حركة أمل»، الاثنين المقبل، سيكون بمثابة «اختبار للنيات»، فإن الرئيس نبيه بري المستاء من المناخ الإقليمي المستجد سيسعى الى تحييد هذا الحوار عن تداعيات الصدام السعودي ـ الإيراني، وبالتالي تأكيد مبدأ انعقاد الجلسة المقبلة، أياً يكن مدى التصعيد بين طهران والرياض.

ومع دخول الاستحقاق الرئاسي في الغيبوبة مجدداً، تجدّد النقاش حول إمكانية معاودة تفعيل عمل الحكومة لإعادة تنظيم التعايش مع الشغور الذي يبدو أنه سيطول أكثر فأكثر، إنما من دون أن تتضح طبيعة المعادلة التي قد تضخ الدم من جديد في العروق المتيبّسة للحكومة، وسط تمسّك «التيار الوطني الحر» بأن يستأنف مجلس الوزراء نشاطه من حيث توقف، أي من بند التعيينات الأمنية، وعلى قاعدة آلية التوافق في اتخاذ القرارات.

بري: الدولة في خطر

وأكد الرئيس نبيه بري أمام زواره أمس أنه ينوي أن «يطحش» خلال اجتماع هيئة الحوار الوطني الاثنين المقبل، في اتجاه الدفع نحو الإسراع في عقد جلسة للحكومة، منبّها الى انه ليس مقبولاً المضي في تعطيل كل المؤسسات، إلا إذا كان هناك من يريد انهاء لبنان.

وأضاف: لا رئيس ولا حكومة ولا مجلس نيابي.. ان استمرار هذا الوضع بات يشكل خطراً داهماً، ليس فقط على البنية اللبنانية، بل على الدولة ككل، وهذا ليس تهويلا، لكن ليس كل ما يُعرف يقال.

ولفت الانتباه الى ان عمل الحكومة لا يؤجل فهو كالطعام والشراب، في حين ان التشريع يستطيع ان ينتظر قليلا، مشدداً على ان هناك أموراً ملحّة يجب أن يبتّ بها مجلس الوزراء في أسرع وقت بعد الشلل الذي اصابه.

سلام يترقب

وفي سياق متصل، قال الرئيس تمام سلام لـ «السفير» إنه سيدعو الى عقد جلسة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل ربما، «وما زلنا ننتظر مساعي الحلحلة».

وأضاف: لا نزال نعوّل على تفهم الجميع لضرورة انجاز بعض الامور المتعلقة بحياة المواطنين ومصالحهم، ومصالح ادارات الدولة.

وابدى سلام امله في أن يتم تجاوز المطبات القائمة، مشيرا الى ان الظروف الخارجية الضاغطة باتت تستلزم منا العمل على انجاز ما يمكن انجازه، لإبقاء الوضعين الحكومي والداخلي متماسكين.

بو صعب: هذا تصورنا

في المقابل، أبلغ عضو تكتل التغيير والاصلاح الوزير الياس بوصعب «السفير» أن عودة عمل الحكومة الى الانتظام الطبيعي تتطلب تثبيت آلية العمل المتفق عليها في ظل غياب رئيس الجمهورية، بحيث لا يتفرّد رئيس الحكومة او الوزير في اتخاذ قرارات من دون التقيّد بالآلية المحددة.

وأشار الى أن هناك ملفاً بمفعول رجعي، يجب أن تبتّ به الحكومة، وهو ملف التعيينات الأمنية، متسائلا: نحن أكثر من يريد تفعيل الحكومة حتى تتحمل مسؤوليتها، ولكن لماذا يعمد البعض الى اختيار البنود والأولويات بطريقة انتقائية، وكأن جدول الاعمال اشبه بـ «لائحة الطعام»، نختار منها ما يعجبنا ونهمل ما لا يعجبنا.

وشدّد على ضرروة تعيين مجلس عسكري للجيش ومجلس قيادة لقوى الأمن الداخلي، «وهذا كان ولا يزال مطلبنا، قبل تقاعد العميد شامل روكز وبعده، ما يثبت ان طرحنا لا ينبع من اعتبارات شخصية كما حاولوا تصويره».

وأوضح انه سيلتقي الرئيس سلام لاستكمال البحث، لافتا الانتباه الى انه «عندما تستجد مسائل طارئة فنحن لا نعرقل انعقاد مجلس الوزراء، لكن لا يمكنه ان يستأنف اجتماعاته، وكأن شيئا لم يكن»، مؤكدا ضرورة تصويب نهجه في مقاربة الملفات.

«حزب الله» ـ «المستقبل»

على خط آخر، أثار كلام رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد عن أنه ليس في لبنان مكان للمفلس في ملاذه، ردود فعل حادة لدى «تيار المستقبل» الذي أصدرت كتلته النيابية بيانا رأت فيه ان «هذا الكلام، وبقدر ما يحمل في طياته تهديداً لشخصياتٍ سياسيةٍ لبنانية والتهويل عليها، فإنه يُذَكِّرُ بعودة الحزب مجدداً إلى لغة القمصان السود وانقلاب السابع من أيار 2008». وأشارت الى ان موقف رعد يعبِّرُ عن توجّه مستجد لإطاحة ما تبقى من آمال اللبنانيين في تحقيق الاستقرار، ورأت ان « ما يسعى إليه حزب الله ليس فقط إفشال أي تسويةٍ داخليةٍ، بل إفشال عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية».

واعتبر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن «تصريح رعد لا يساعد ولا يسهل إتمام الحوار، وهذا مجال تشاور في تيار المستقبل مع الرئيس سعد الحريري، لأن الحوار بحاجة إلى قواعد لم تكن متوافرة أبدا في كلام رعد».

وإزاء هذه الأجواء الملبّدة، نبّه الرئيس بري امام زواره الى ان التدهور في العلاقات الايرانية ـ السعودية ستكون له تداعيات كبرى، مبديا قلقه من مظاهر الفتنة المتزايدة في المنطقة.

ولفت الانتباه الى ان «طموحي بعد الذي حصل إقليميا أصبح ينحصر في المحافظة على الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل وحركة أمل، إضافة الى الحوار الوطني، بعدما كنت أتطلع الى انتخاب رئيس الجمهورية»، مشيرا الى ان هذا الاستحقاق «بات في الثلاجة.. هذا إذا كنا متفائلين».

وأوضح انه سيتواصل مع المعنيين بالحوار الحزبي لتثبيت موعد انعقاده الاثنين المقبل، مؤكدا ان المؤشرات إيجابية حتى الآن، وبالتالي فان جلسة الحوار قائمة في موعدها المقرر، محذرا من ان تعطيلها سينطوي على رسالة سلبية جدا، في وقت يجب ان نسعى جميعا الى إبقاء لبنان خارج الفتنة التي لا تبقي ولا تذر.

وأبلغت أوساط قيادية في 8 آذار «السفير» انه لا يمكن فصل كلام رعد عن سياق اللحظة السياسية التي ورد فيها، لافتة الانتباه الى ان موقفه أتى رداً على الهجوم الذي شنّه الرئيس سعد الحريري على الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، بعد الخطاب الذي القاه نصرالله الاحد الماضي وانتقد فيه اعدام السلطات السعودية للشيخ نمر باقر النمر.

وأشارت الأوساط الى ان رعد أراد إيصال رسالة الى كل من يهمّه الأمر مفادها ان التعرض للسيد نصرالله سيُرد عليه بقسوة، لاسيما أن الأمين العام لـ «حزب الله» لم يتناول في خطابه الحريري، حتى يبادر رئيس «المستقبل» الى الردّ عليه.

ورأت هذه الأوساط ان الاستمرار في الحوار مع «حزب الله» او عدمه ليس متوقفاً على قرار «المستقبل»، معتبرة أن هذا الخيار او ذاك يتحدد تبعا لما تقتضيه مصلحة السعودية.