هبة المليار السعودية في مهب الريح؟
عون ـ جعجع: حان وقت القرار
هل يعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ترشيحه للعماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية اليوم؟
توحي المؤشرات التي تجمعت حتى ساعة متأخرة من ليل أمس بأن جعجع قد يبادر خلال مؤتمره الصحافي المقرر عند السادسة من مساء اليوم في معراب إلى الإعلان عن ترشيح عون رسمياً، مرفقاً بإطار سياسي شامل وبحضور شخصيات مسيحية ليست جزءا من الاصطفافين الآذاريين، فيما اكتفت أوساط «القوات» بالتأكيد لـ «السفير» أن جعجع سيطلق خلال مؤتمره الصحافي «مواقف مهمة ومفصلية» تتجاوز بأبعادها الاستحقاق الرئاسي نفسه.
وفي المعلومات، أن النائب إبراهيم كنعان ورئيس جهاز التواصل والإعلام في «القوات» ملحم رياشي، تنقلا أمس بين الرابية ومعراب، حيث التقيا عون وجعجع، وسعيا إلى وضع اللمسات الأخيرة على مشروع الاتفاق وترتيبات الزيارة المفترضة لعون إلى معراب على رأس وفد من نواب «التيار» المسيحيين، تتويجا لـ «التفاهم الرئاسي» بينه وبين جعجع.
لكن أوساطاً مواكبة لاتصالات عون ـ جعجع أعطت إشارات متفاوتة بين الجزم بأن جعجع «سيعلن الترشيح اليوم»، وبين ترجيح احتمال التأجيل «حتى إشعار آخر»، وقال أحد المطلعين ليلا إن هناك بعض التفاصيل في مشروع التفاهم الرئاسي لا تزال تحتاج إلى إنضاج، وهي قد تُحسم خلال ساعات قليلة أو ربما تستغرق معالجتها وقتاً أطول.
وتردد أن جعجع أرسل موفداً من قبله إلى السعودية مؤخراً، نقل رسالة من رئيس «القوات» إلى القيادة السعودية (مدير المخابرات خالد الحميدان) حول حيثيات قراره المحتمل بترشيح عون والظروف التي أملت عليه اتخاذه. وأكد جعجع للرياض، عبر موفده، أن هذا القرار متى صدر لن يكون موجهاً ضدها بل له مندرجاته المسيحية والداخلية التي تبرره.
التعيينات العسكرية
على خط سياسي آخر، يُرجح أن يشكل سفر الرئيس تمام سلام إلى أوروبا وبالتالي عدم دعوة مجلس الوزراء للانعقاد هذا الأسبوع، فرصة لإجراء المزيد من المشاورات والاتصالات، بغية تحقيق توافق سياسي على التعيينات في المجلس العسكري.
وأكد الرئيس نبيه بري أمام زواره، أمس، أن أسماء الأعضاء المقترح تعيينهم في المقاعد الثلاثة الشاغرة في المجلس العسكري أصبحت بحوزته، مشيرا إلى انه سيلتقي قريباً وزير الدفاع سمير مقبل لاستكمال الاتفاق حول هذه الأسماء، كما سيتواصل مع «حزب الكتائب» للغاية ذاتها.
وأكد أن سمعة الضباط المقترح تعيينهم في المجلس العسكري ممتازة، «وأنا شخصياً لا أعرف أيا منهم، لكنني استفسرت عنهم وكانت الانطباعات حولهم إيجابية ومشجعة». وأوضح انه أبلغ العماد عون عدم ممانعته في أن يتولى هو (أي عون) تسمية العضو الشيعي في المجلس العسكري.
وأشار إلى أنه بعد إقرار التعيينات الأمنية في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء في أعقاب عودة الرئيس سلام من السفر، يفترض أن يعود عمل الحكومة إلى الانتظام بشكل طبيعي وأن تعاود اجتماعاتها الأسبوعية كالمعتاد.
وحول مصير النقاش الذي تخوضه اللجنة النيابية في شأن قانون الانتخاب، لفت بري الانتباه إلى أنه مستمر، ويبدو أنه لا يراوح في مكانه، مشددا على أن التوصل إلى تفاهم وطني يتطلب من جميع الأطراف عدم مقاربة هذا الملف من زاوية كيف تضمن فوزها وخسارة خصومها، بل يجب التعامل معه بواقعية ومرونة، وفي هذه الحال يمكن التوافق على قانون أفضل من «الستين» بالتأكيد.
إلى ذلك، قال مصدر وزاري لـ «السفير» إن ما يؤخر إنجاز التفاهم على التعيينات العسكرية هو أن عون يصر على تسمية العضوَين المسيحيَّين (الأرثوذكسي والكاثوليكي) الأمر الذي لا يقبل به الرئيس ميشال سليمان وحزب الكتائب والوزيران بطرس حرب وميشال فرعون الذين يعتبرون أن احتكار عون عملية الاختيار يلغي دورهم في مجلس الوزراء، ما دفع بري إلى أن يقترح على عون تسمية العضو الشيعي لتسهيل إنجاز التعيينات.
واعتبر المصدر أن الإنصاف يقضي بأن يسمي عون عضواً وتسمي القوى المسيحية الأخرى العضو الثاني، آملا في أن يشكل الأسبوع الحالي فرصة لمواصلة المساعي الهادفة إلى معالجة هذه العقدة التي يبذل الرئيس بري جهدا مكثفا لتفكيكها.
الهبة الثانية.. مجمدة
على صعيد آخر، يبدو أن الجزء الأكبر من الهبة السعودية الثانية (مليار دولار) التي أنيط إنفاقها بالرئيس سعد الحريري غداة معركة عرسال، أصبح في مهب الريح، بعدما امتنعت الرياض عن تحويله، علماً أنه كان هناك رهان لدى البعض على أن هذه الهبة تحظى بـ «قوة دفع» تسمح بتسييلها بوقت أسرع وآلية أسهل، قياسا إلى هبة الثلاثة مليارات دولار.
وكان لافتا للانتباه في البيان الصادر عن وزارة الداخلية في شأن وضع المطار، إشارته إلى «أن عقودا وُقِّعت مع شركات دولية لتزويد المطار بكل حاجاته، وأرسلت هذه العقود إلى رئاسة الحكومة باعتبارها جزءا من الهبة السعودية الثانية التي تقاسمتها وزارة الداخلية مع الجيش، والمعروف أن عقود هذه الهبة توقفت بمعظمها لأسباب تتعلق بالواهب» وفق ما ورد في البيان.
وأبلغت مصادر واسعة الاطلاع «السفير» أن هبة المليار الثانية وُضعت شكليا بتصرف الرئيس الحريري، ولكن المتحكم الفعلي بها والممسك بخيوطها كان ولا يزال الديوان الملكي السعودي.
وأكدت المصادر أن الجزء الأكبر من هذه الهبة لم يُنفذ، لأسباب ليست معروفة من الجانب اللبناني، مشيرة إلى أن جزءا منها كان قد صُرف بالفعل، إلا أنه جرى لاحقا تجميد المبالغ الأخرى، بقرار سعودي، ما أدى إلى تعطيل العديد من الخطط والعقود التي كانت قد وضعتها وزارة الداخلية والمؤسسة العسكرية لتطوير قدراتهما.
وإزاء تجفيف منابع الهبة الثانية، يُفترض أن تباشر لجنة وزارية بدرس خيارات التمويل البديلة لتأمين احتياجات المطار على الصعيدين الأمني والتقني، على أن تضم اللجنة وزارات الداخلية والمال والأشغال، برئاسة سلام.