Site icon IMLebanon

اللواء: «الفراغ الحكومي» يُفاقِم شُح السيولة ويهدِّد بأزمة سِلع ضرورية

تتدافع الضغوطات في المشهد اللبناني، على وقع استمرار أزمة تحديد موعد الاستشارات النيابية، لتسمية رئيس جديد لتأليف حكومة جديدة، وسط معلومات عن أزمة اتصالات، عبرت بعدم تحقيق خرق في لقاء «بيت الوسط» ليل أمس الأوّل، بين الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل، الذي ترتفع أصوات في بيئته تدعوه للخروج مع سواه من أجل تسهيل إيجاد تسوية بحكومة انتقالية، حيادية، بعضها جاء ضمناً على لسان كريمة الرئيس ميشال عون السيّدة كلودين عون روكز (زوجة النائب العميد شامل روكز)، وذلك عبر إطلالة تلفزيونية مساء أمس.

1 – الضغط الأمني وضغط الطرقات:

نجح الجيش اللبناني في إعادة فتح طرقات اغلقها المتظاهرون في إطار استراتيجية، يتبعونها منذ بداية حراكهم لزيادة الضغط على الطبقة السياسية، سواء في ذوق مصبح، أو طريق الناعمة، (أوتوستراد الدامور- بيروت) أو مستديرة ايليا في صيدا، وصولاً إلى طريق الشمال، حيث بقيت طرابلس تحتضن أكبر تجمع منذ بدء احداث انتفاضة 17ت1.

يُشار إلى ان قائد الجيش العماد جوزيف عون زار بعبدا السبت الماضي، وجرى البحث بالوضع السائد في البلاد.

وعلمت «اللواء» ان قرار اتخذ بفتح الطرقات على نحو حاسم.

وكان اللافت للانتباه ان الخارجية الأميركية رأت في بيان لها ان «الطبيعة غير الطائفية لتظاهرات لبنان تعكس تنامي التوافق الوطني، كما تعكس مطالب الإصلاح ومحاربة الفساد»، داعية الحكومة اللبنانية إلى «احترام حقوق وأمن المتظاهرين»، مشيرة الى «اننا نتوقع من الجيش اللبناني مواصلة دوره بحماية المتظاهرين».

اما الخارجية الروسية، فأكدت على لسان ميخائيل بوغدانوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال افريقيا على دعمها لسيادة لبنان ووحدة أراضيه، واستقراره، واجراء حوار شامل لضمان السلام والتوافق، لدحض أي محاولات للتدخل الخارجي في الشؤون اللبنانية.

2- ضغط المتظاهرين، الذين يتظاهرون عند الثامنة والنصف من صباح اليوم قرب قصر العدل في بيروت وامام المدعي العام المالي.

وكان المتظاهرون تظاهروا في بيروت ضد التكلفة المرتفعة للاتصالات التي تفرضها شركتي الاتصال الخليوي في البلاد، ورفعوا امام شركة «ام تي سي» لافتات عدّة كتب على احداها «ألو ألو ألو بيروت، من سرقك يا عيني؟»، حيث ما لبثت ان تراجعت أسعار التشريع.

3- وبالتزامن مع حراك شعبي مستمر، خفضت وكالة «موديز» امس التصنيف الائتماني للبنان مرة جديدة ليصبح «سي إيه ايه – 2». وكانت موديز خفضت في كانون الثاني، تصنيف لبنان الطويل الأجل للديون من «بي-3» إلى «سي ايه ايه -1»، محذرة من تخفيض جديد. وقالت الوكالة في بيانها إنها خفضت تصنيف لبنان إلى «سي إيه إيه – 2»، مشيرة إلى أن التصنيف لا يزال قيد مراجعة باتجاه المزيد من التخفيض، على ان تستمر فترة المراجعة ثلاثة أشهر. وأوضحت الوكالة أن هذا التخفيض «يعكس زيادة احتمالات إعادة جدولة الدين او إعادة النظر في طريقة إدارة المستحقات» ما قد يزيد مخاطر تخلف الدولة عن دفع مستحقاتها، مضيفة أن «الاحتجاجات الاجتماعية الواسعة، واستقالة الحكومة وفقدان ثقة المستثمرين قوضت بشكل إضافي نموذج لبنان التمويلي التقليدي والقائم على التدفقات الرأسمالية ونمو الودائع المصرفية».

4- على ان الأخطر ما يواجهه التجار من صعوبات في سداد قيمة المواد المستوردة من المعكرونة إلى الحفاضات مع فرض البنوك قيوداً على خطوط الائتمان استجابة للمخاوف من شح السيولة.

وتلقى المستوردون إخطارات من عدة بنوك في الأيام الأخيرة، بأن خطوط الائتمان غير المستخدمة جُمدت مؤقتاً.

وسببت الإخطارات، إزعاجاً كبيراً للمستوردين الذين يعتمدون على ممثّل تلك التسهيلات في سداد مقابل المنتجات الواردة من الخارج.

وقال المدير العام لشركة «بحصلي فودز» للأغذية هاني بحصلي: «إنها كارثة.. لدينا شحنات لنجلبها وفجأة لم نعد نستطيع تحويل الأموال للموردين».

وتابع «أمس كان لدي مبلغ مستحق لشركة في مصر بنحو 35 ألف دولار، ولدي غداً آخر لشركة في تايلاند. كل شئ مجمد حتى إشعار آخر».

سياسياً، استمرت الاتصالات على خط بيت الوسط – عين التينة – حارة حريك – بعبدا، من أجل الاتفاق على خارطة طريق تقضي بتحريك العملية السياسية، بعد فتح الطرقات التي كانت شرطاً لتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة، إذ من المتوقع ان لا يتأخر موعدها أبعد من الساعات القليلة المقبلة.

الحَراك أمام تاتش (تصوير: طلال سلمان)

صيغ باسيل للحكومة

وفي هذا السياق، افادت مصادر سياسية مطلعة ان لقاء رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري مع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل الذي اعاد اول من امس فتح خطوط التواصل بينهما هو لقاء يستدعي متابعة ومن هنا يقوم الحديث عن ارجحية انعقاد اجتماع ثان بينهما في وقت لاحق.

ولفتت المصادر الى ان الرئيس الحريري سيجري مشاوراته مع حلفائه وكذلك الوزير باسيل، واوضحت ان اللقاء حرك الورقة الحكومية بالشقين المتعلقين بها اي التكليف والتأليف بعدما كانت الأمور جامدة.

وافادت المصادر ان البحث تناول عدة مواضيع وكان حديث في الصيغ المطروحة حكوميا لكن ذلك سيستكمل. واذ رأت انه ربما لم يتحقق شيء عملاني الا ان اللقاء اخرج الملف الحكومي من حالة الجمود.

وفيما اعتصمت أوساط «بيت الوسط» بالصمت من دون ان ترشح عنها أي معلومات عن لقاء باسيل، باستثناء نفي ما تمّ تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن فحوى المناقشات التي جرت، مؤكدة انه «غير صحيح»، ذكرت معلومات إلى محطة «او تي في» الناطقة بلسان «التيار الوطني الحر»: ان باسيل طرح على الحريري فكرة تشكيل حكومة بلا وجوه سياسية اساسية على ان تشكلها القوى السياسية من اختصاصيين بملفاتهم الوزارية، التقنية والاقتصادية، مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، على ان يطرح على الحراك الشعبي اختيار اسماء تمثله في الحكومة، لتكون حكومة عمل اقتصادي وتقني، بعيداً عن المشاكل السياسية المعتادة، على ان تحظى التشكيلة بثقة عالية في المجلس النيابي.أما بالنسبة الى رئاسة الحكومة، فكان الطرح بأن يسمي الحريري من يريد بموافقة جميع الافرقاء.

«وطرح باسيل ايضاً فكرة الزام جميع المرشحين للتوزير برفع السرية المصرفية، وبالموافقة على كشف حركة حساباتهم، تحقيقاً للشفافية، وتكريساً لمنطق الاصلاح».

وأكدت هذه المعلومات مصادر في «التيار الحر» التي كشفت ان باسيل تقدّم من الحريري بصيغة للحكومة، لا وجوه سياسية بارزة فيها، في حين ذكرت معلومات أخرى، ان الحريري رفض أية شروط مسبقة، وأبلغ باسيل انه في حال الإصرار على الشروط فهو لن يقبل ترؤس الحكومة المقبلة.

ورشحت معلومات عممتها مصادر مطلعة لمحطة L.B.C وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال ريّا الحسن لتولي رئاسة الحكومة في حال وافق الرئيس الحريري على ان يسمى شخصية أخرى لرئاسة الحكومة توافق عليها القوى السياسية، على ان تسمى هذه القوى وزراء من أصحاب الاختصاص والكفاءات وان يكونوا محررين من القيود السياسية للإسراع بإنجاز الإصلاحات.

وقالت أيضاً ان باسيل قدم اقتراحاً آخر بتشكيل حكومة اختصاصيين بدون سياسيين وان يطرح على المجتمع المدني ان يتمثل فيها، لكنها نقلت عن المصادر المطلعة تأكيد أن لا تقدم على صعيد حسم الاتفاق على مضمون الحكومة، لكن اللقاء كسر الجمود السياسي ومن المتوقع أن يسرع عجلة التقدم في الملف الحكومي، مشيرة الى أن باسيل حمل نتائج المشاورات الى ​بعبدا​ و«​حزب الله​» عبر مسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق في الحزب ​وفيق صفا​، والحريري سيعرضها على رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ ورئيس «​الحزب التقدمي الإشتراكي​« ​وليد جنبلاط​ لبلورة صيغة مشتركة.

الثورة التشريعية

اما التطور الثالث، فكان في الخطوة اللافتة في توقيتها ومضمونها والمثيرة للجدل الدستوري والسياسي في آن، والتي أطلقها الرئيس نبيه برّي تحت عنوان «الثورة التشريعية» بهدف إقرار مجموعة من مشاريع واقتراحات القوانين التي تعتبر إصلاحية، في الجلسة التي ستعقب جلسة الثلاثاء المقبل لانتخاب هيئة مكتب المجلس وأعضاء اللجان، حيث رأت مصادر قريبة من بعبدا، بأنها تشكّل استجابة لمطالب الشعب، في حين تخوفت مصادر كتائبية معارضة ان تكون من ضمن محاولات الهاء الرأي العام اللبناني بنقاشات نيابية ووعود تشريعية الهدف منها ليس تحقيق الإصلاح وإنما إعادة إنتاج صفقة التسوية والمحاصصات باسماء وأساليب جديدة.

وذكرت مصادرمجلسية لـ«اللواء» ان الرئيس بري واكب الحراك الشعبي بتلبية مطالبه المحقة فورا من خلال المؤسسات والاطر الدستورية تأكيدا لسيادة دور الدولة، وذلك عبر ورشة تشريعية تقر القوانين الاصلاحية، وهو استعمل صلاحياته بالنظام الداخلي وتجاوز اللجان المختصة ليحيل عددا من اقتراحات ومشاريع القوانين التي لم تدرسها اللجان المختصة مباشرة الى اللجان المشتركة لسرعة البت بها. وهي: رفع السرية المصرفية. مكافحة تبييض الاموال. واسترداد الاموال المنهوبة.

انفراج في الطرقات

وعلى هذا الصعيد، قال مصدر مطلع، في ان قرار فتح الطرقات متخذ وبشكل حاسم منذ الثلاثين من الشهر الماضي، حيث أصدرت قيادة الجيش بيانا طلبت من جميع المتظاهرين في المبادرة إلى فتح ما تبقى من طرق مقفلة لإعادة الحياة إلى طبيعتها ووصل كل المناطق ببعضها بعض تنفيذا للقانون والنظام العام.

ولفت إلى ان الجيش أرتأى التوقيت لفتح الطريق، وما حصل يندرج ضمن تسهيل حياة المواطنين.

وأدت مبادرة الجيش إلى فتح كل الطرقات المقطوعة إلى حركة انفراج واسعة في حركة السير في مختلف المناطق، وتمت عملية فتح الطرقات بسلاسة، ما عدا مستديرة جل الديب حيث اصطدم الجيش برفض المتظاهرين هناك الذين افترشوا الأرض وسط قرع اجراس الكنائس، لكن الجيش اوقف بعضهم، وجرت لاحقاً متابعات قضائية لاطلاق الموقوفين.

وازال الجيش الخيم والمعدات والعوائق التي تقفل الطرقات من صيدا الى خلدة والناعمة الى جل الديب والزوق وصولا الى غزير وجبيل وشكا والبترون ومحيط طرابلس، فيما ابقى المحتجون طريق جسر الرينغ مفتوحا. وردّت بعض المصادر قرار فتح الطرقات الى احتمال ان يكون ذلك مقدمة لتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة وتمكين النواب من الوصول الى القصر الجمهوري.

وبسحر ساحر شهدت الطرقات حركة سير انسيابية طبيعية وتزايدت بعد الظهر وتحولت الى زحمة عادية، بعدماعمدت وحدات الجيش المنتشرة على الارض، وبعد نزول وحدات مدرعة من اللواء الحادي عشر، لدعم القوات الخاصة المنتشرة على الارض. وشملت حركة السير الطبيعية: مختلف احياء بيروت وصولا الى الحازمية صعودا الى الجبل فالبقاع، ومن الخط الساحلي باتجاه الجنوب والشمال، عوّضت عن كل المعاناة التي عاناها المواطنون خلال الاسبوعين الماضيين نتيجة الاقفال المزاجي للطرقات.

في الاثناء كان المتظاهرون يركزون على اقفال بعض المصارف والمؤسسات العامة في وسط بيروت وفي صيدا وطرابلس وبعض مناطق البقاع، خاصة فروع مصرف لبنان المركزي ومنعوا الموظفين من العمل.

كماسجل مع بداية المساء، قطع طريق كورنيش المزرعة المسلك الغربي لبعض الوقت، وافترش المتظاهرون في محيط مجلس النواب الارض وقطعوا الطريق بأجسامهم لمدة ربع ساعة.فيما عادت التجمعات في ساحة رياض الصلح، كما ادت كثافة المتظاهرين في صيدا الى إقفال دوار ايليا، وشكّل متظاهرون عند مستديرة زحلة سلسلة بشرية وقطعوا أحد المسارب.

وليلاً استقدم الجيش قوة إضافية إلى البداوي شمالي طرابلس لابعاد المتظاهرين عن الأوتوستراد تمهيداً لفتحه امام السيّارات، لكن الوضع متأزم، خاصة وان المتظاهرين قطعوا الطريق بالشاحنات.