Site icon IMLebanon

تحضيرات تظاهرة اليوم: سباق المبادرات والمغامرات

تحضيرات تظاهرة اليوم: سباق المبادرات والمغامرات

المشنوق لضبط النفس وعدم التهاون.. والجيش لن يسمح بالفوضى الأمنية

هل يكون اليوم السبت، مع حلول ساعات المساء الأولى، يوماً مفصلياً في مسار الحراك المدني الشعبي، أو «تاريخياً» بتعبير الحملات المنظمة لهذا الحراك، والتي تتكاثر خارج دائرة الاصطفاف السياسي والطائفي المتكون من مجموعتي 8 و14 آذار؟

وعلى هامش هذا السؤال يبرز سؤال آخر: هل سيتجاوز هذا اليوم قطوع «المخاوف الامنية» التي تزايدت منذ ما قبل الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، وكان من نتائجها اتخاذ قرار بتكليف الجيش مؤازرة القوى الأمنية ولو عن بعد في حفظ الأمن، ومن تعبيراتها مؤشران:

الاول: عبر عنه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، عندما جعل منطقتي مجلس النواب والسراي الكبير محظورتين على دخول المتظاهرين، معتبراً الاعتداء على هاتين المؤسستين امراً سيجابه وهو خط أحمر.

والثاني: ما أعلنه قائد الجيش العماد جان قهوجي وهو يتفقد الوحدات العسكرية المنتشرة على الحدود الشمالية من ان الجيش «لن يسمح للخارجين على القانون باستدراج هذه التظاهرات إلى فوضى امنية».

وثمة سؤال ثالث يتعلق بالتعبئة التي سبقت «اليوم الموعود» وهو: ماذا بعد هذا التحرّك، وبأية أجندة مرتبط؟ هل بإعادة تكوين السلطة، أم بتحضير الأجواء لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، على وقع سخونة سياسية وأمنية قد تكون مرتبطة بما يجري اعداده في المحافل الدولية، وتتابعه بعض السفارات بدقة، على ان تكون محطة 23 أيلول في الأمم المتحدة، عبر مجموعة الدعم الدولية للبنان، واحدة من هذه المتابعات.

وفي الوقائع، لمقاربة هذه التساؤلات، تؤكد المعلومات على ان حركة الاتصالات الجارية لمعالجة المراسيم السبعين التي يتولاها وزير المال علي حسن خليل، عبر العودة للآلية التي جرى التفاهم عليها في 25 أيّار 2014، سواء في الشق المتعلق بتطبيق المادة 65 من الدستور على المراسيم العادية التي تصبح نافذة بعد 15 يوماً ولا تحتاج إلى توقيع رئيس الجمهورية، وبين المراسيم التي تحتاج إلى توقيع الرئيس، ويقوم مقامه وكالة مجلس الوزراء، على ان تحضر المراسيم السابقة بعدم وضع «فيتو» من قبل وزراء مكونين لطرفين رئيسيين، أو عبر مساعي المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم التي لم تتوقف، وهي مدعومة من قوى دولية وإقليمية وتيارات نافذة داخل الحكومة، وتقضي باعادة النظر بنظام الترقيات في المؤسسة العسكرية، الأمر الذي يتيح ترقية 12 عميداً إلى رتبة لواء، وترفيع العميد شامل روكز إلى رتبة عماد وابقائه في الخدمة سنتين لتتاح له الفرصة عند انتخاب رئيس جديد للجمهورية ان يكون قائداً للجيش، فضلاً عن إعادة تحريك قانون الانتخاب على أساس النظام النسبي للسير في تشريع الضرورة، في ظل الشغور الرئاسي.

وتوقعت مصادر المعلومات حدوث مؤشرات إيجابية تسبق يوم الجمعة المقبل، وهو النهار الذي حدده النائب ميشال عون لانصار تياره للنزول إلى الشارع، في محاولة لاستعادة الشعارات التي «سرقتها» حملات الحراك المدني على حدّ تعبيره.

وكشفت هذه المصادر لـ«اللواء» أن الاتصالات يُشارك فيها إلى جانب كل من رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة تمام سلام، رئيس تيّار «المستقبل» سعد الحريري، وهي تهدف إلى تدوير الزوايا، وعدم دفع البلاد إلى الفراغ والهاوية، بعد أن ظهر أن ثمة أيدٍ خفية تحاول اللعب بالاستقرار الأمني الذي ينعم به لبنان، على أن تتولى الحكومة معالجة أزمة النفايات وسائر الأزمات العالقة.

وفي هذا السياق، برز إلى الواجهة الاتصال الذي أجراه الرئيس تمام سلام بنظيره التركي أحمد داود أوغلو لطلب مساعدة تركيا في حل أزمة النفايات والتي تمتلك إمكانات وتجربة مماثلة على هذا الصعيد.

وبحسب مصادر السراي، فإن داود أوغلو أعطى توجيهاته إلى وزارة البيئة والتخطيط العمراني التركي بإرسال فريق فني إلى بيروت، وأن المعنيين بدأوا باتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الخصوص.

وخارج هذا المجال، لم تخف المصادر اقتناعها بأن البيان الذي سيصدر عن القمة الروحية في بكركي الاثنين سيدعم هذه التوجهات، بما في ذلك الحضّ على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، واحترام الدستور والميثاق وعدم تعريض مؤسسات الدولة واستقرارها لأي اهتزاز، في وقت علمت فيه «اللواء» أن فكرة عقد لقاء لمرجعيات الطائفة السنية في دار الفتوى سُحبت من التداول، بغية إعطاء الاتصالات السياسية بُعدها الوطني غير الطائفي.

على أن البارز في هذه الاتصالات هو المبادرة التي سيعلنها الرئيس برّي غداً الأحد، في احتفال النبطية في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر، حيث سيعلن إحياء طاولة الحوار في مجلس النواب في العام 2006 والتي حققت مجموعة من القرارات، وذلك بهدف التفاهم على الطريقة التي ستتم فيها مقاربة مسألة انتخاب رئيس الجمهورية.

وأوحى وزير الصحة وائل أبو فاعور من الرابية، حيث التقى النائب عون موفداً من النائب وليد جنبلاط أن الاتصالات الجارية، والتي يُشارك فيها معظم القادة السياسون تصبّ في ثلاثة خطوط أساسية وهي: عودة مجلس الوزراء للإجتماع بمشاركة كل المكونات السياسية، وعودة المجلس النيابي إلى التشريع، وإطلاق حوار وطني حول أولوية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مبشراً باحتمال الوصول إلى تفاهمات قريباً.

وكشف مصدر وزاري أن عدم عقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل يأتي في إطار تسهيل المساعي التي تتقاطع بين اتصالات الوزير خليل واللواء إبراهيم والوزير أبو فاعور، على اعتبار أن نزع الفتيل من الشارع يكون باتخاذ خطوات جدية تتيح معالجة الأزمات القائمة بالحدّ الأدنى من التفاهم الوطني، لا سيما بعدما حصرت حملة «طلعت ريحتكم» مع أخواتها من الحملات تحركها بحلّ أزمة النفايات ومحاسبة المسؤولين ومواجهة الفساد، مسقطة هدف إسقاط الحكومة أو تغيير النظام.

مبادرة عون وحركة الشارع

ولاحظ الذين تابعوا المؤتمر الصحفي للنائب عون قبل ظهر أمس، أنه جاء باهتاً ولم يحمل جديداً، وأعاد التذكير بما سبق واقترحه لجهة إنتخاب الرئيس من الشعب مباشرة، أو إصدار قانون انتخابات على أساس النسبية لإعادة إنتاج مجلس نيابي جديد ينتخب رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.

وعكس عون في هذا المؤتمر طبيعة الاتصالات الجارية معه لجهة تبريد المواقف، وإن كان ربط موافقته على العودة إلى تشريع الضرورة، بإعادة تكوين السلطة وإقرار قانون جديد للانتخاب على أساس النسبية، وبدا شديد الانزعاج من مطالبة حملات الحراك المدني عدم قبول أنصاره المشاركة في التحرّك اليوم، الأمر الذي فسّر بأنه يعني أن الشارع اللبناني غير متحمّس لوصول عون إلى رئاسة الجمهورية، وهو (أي الشارع) يعتبره جزءاً لا يتجزأ مما يصفه «بالطبقة السياسية الفاسدة».

وفي المعلومات، فإن ما أعلنه عون من خريطة طريق لانتخاب رئيس للجمهورية سواء مباشرة من الشعب، أو من مجلس نيابي جديد غير المجلس الحالي، سبق أن عرضه على البطريرك الماروني بشارة الراعي عندما زاره في بكركي أمس الأول، لكن الراعي بدا غير متحمّس لا لانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، أو بالنسبة لإجراء إنتخابات نيابية جديدة لاعتبارات أمنية، وطلب منه النزول إلى المجلس وانتخاب رئيس طالما أنه مرشّح.

ولاحظ عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري أن طرح عون لانتخاب الرئيس من الشعب يحتاج إلى تعديل الدستور، وهذا التعديل يحتاج بدوره إلى وجود رئيس للجمهورية، ولذلك فإن الأولوية يجب أن تكون لانتخاب رئيس للجمهورية، في حين أكد النائب محمّد قباني أن كل طروحات عون غير قابلة للتطبيق، لا سيما بالنسبة إلى انتخاب مجلس نواب جديد على أساس النسبية، مذكراً بموقف تيّار «المستقبل» المتمسك بالطائف وبقانون انتخاب يعتمد المناصفة بين النسبية والأكثري.

لعبة الشارع

أما بالنسبة إلى لعبة الشارع، وبصرف النظر عمّا إذا كان «حزب الله» سيشارك أم لا، أو التوقيت الذي قد يُشارك فيه الحزب أو لا يُشارك، فإن القوى السياسية، على اختلاف مواقعها، سواء المشاركة في السلطة أو خارجها بدأت تدرك أو تتهيّب من حركة الشارع بعد أن تداخلت عوامل كثيرة للضغط على هذه الحركة أو استثمارها أو إجهاضها.