Site icon IMLebanon

حركة دولية في اتجاه إطلاق مبادرة جديدة للسلام

 

تكشف مصادر ديبلوماسية بارزة، أن اتصالات تجري على أعلى المستويات بين الدول الغربية والولايات المتحدة، للخروج بمبادرة جديدة للسلام في الشرق الأوسط تؤدي إلى حل النزاع العربي – الإسرائيلي لا سيما القضية الفلسطينية. ذلك أن الضغوط على واشنطن في كل اتجاه بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، قد تؤتي ثمارها، ليس عبر تراجع ترامب عن القرار، إنما عبر طرح مبادرة سلام جديدة، انطلاقاً من كلام السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي الذي قالت فيه إنه صحيح أن بلادها «اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل، لكنها لم تحدد حدود هذه العاصمة»، الأمر الذي قد يُحرك اتصالات ومبادرات تؤدي إلى تفعيل عملية السلام. والسؤال: هل القرار الداخلي الأميركي الأحادي سيكون فعلياً سارياً على التعاطي الدولي مع القدس؟.

 

تقول المصادر الديبلوماسية إن القرار الأميركي لا يمكن أن تعتمده الدول من الناحية القانونية، فهو ليس قانوناً دولياً، ولكن لأن الولايات المتحدة هي القوة العظمى في العالم، ستكون للقرار تأثيرات سياسية، لناحية من هي الدول التي ستتجرأ على محاسبتها فعلاً، إن من خلال المقاطعة السياسية أو الديبلوماسية أو الاقتصادية. فهذا لن يحصل في الواقع، وترامب يترجم الآن قراراً وطنياً أميركياً كان قد اتخذه الكونغرس في العام ١٩٩٥، وكل الرؤساء الأميركيين عملوا على تجميده، أما ترامب فقام باعتماده وتفعيله.

 

أما إذا أرادت كل الأطراف المتضررة من هذا القرار السعي إلى وقف انعكاساته وعدم التوسع في اعتماده، فيجب أن يكون هناك عمل سياسي وديبلوماسي دؤوب، لأن السؤال يبقى هل سيتغير لاحقاً الموقف الدولي الرافض له، ليصبح أكثر تقبلاً؟. الروس حالياً يقولون إن القدس الغربية هي لإسرائيل والقدس الشرقية عاصمة للفلسطينيين، استناداً إلى عملية مدريد للسلام وقيام الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية جنباً إلى جنب، وذلك على أساس الحفاظ عليها كمدينة للحضارة وعلى أساس حل الدولتين. المبادرة العربية للسلام نصّت على حدود الـ ٦٧ للدولة الفلسطينية وعلى القدس الشرقية عاصمة لها، مع معالجة مواضيع الأمن واللاجئين فور التوصل إلى تفاهم وفي إطار الحل النهائي.

 

المبادرة العربية واضحة، لكن بعد عملية استيعاب العرب لغضب الشارع، يبدأ العمل الديبلوماسي عبر حملة التأكيد على المبادرة، واللجنة المولجة ستجول على دول العالم والدول المؤثرة لا سيما واشنطن وباريس ولندن والاتحاد الأوروبي وروسيا والدول الآسيوية الكبرى. قضية القدس تحتاج وفقاً للمصادر، إلى إعادة تحريك على أساس المبادرة العربية للسلام، لأن كل الملفات المُدرجة في إطارها معروفة، أي حل الدولتين، مبادئ مدريد، القمة العربية ٢٠٠٢ والقمم المتتالية التي أعادت التأكيد على المبادرة وقرارات مجلس الأمن، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالنزاع العربي – الإسرائيلي.

 

ويُفترض أن تُنشأ آلية لتنفيذ كل ما هو مُتفق حوله بالنسبة إلى هذا النزاع وطريقة حله. ويُفترض من خلال الحملة الديبلوماسية والسياسية، العمل على إظهار أن القرار الأميركي ولو كان داخلياً وله طابع وطني، فإنه مخالف للقرارات الدولية والتي تعبّر عن إجماع دولي.

 

الرسالة العربية يجب أن تطال كل اتجاه، من التحرك العربي داخل الجامعة، إلى القمة الإسلامية التي انعقدت، إلى الفاتيكان، وزيارات دولية، حتى إلى اليابان التي ترأس هذا الشهر مجلس الأمن الدولي. والهدف استقطاب الدول، وتوفير حشد دولي يوفر تنفيذ المقررات الأخيرة للجامعة العربية التي انعقدت السبت الماضي استثنائياً، وذلك من أجل احترام قرارات الشرعية الدولية، وإلا ستعمم الرسالة وهي أن أي دولة كبيرة يمكنها أن تتخذ قرارات وطنية تؤثر على مصير الشعوب، وليس الشعب الفلسطيني فحسب، بل كل شعوب المنطقة والشرق الأوسط، حيث اللهيب يلف هذه المنطقة من كل الاتجاهات.

 

وتفيد المصادر، أن الشرق الأوسط والمنطقة عموماً ترعاها مسألتان: الأولى، الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران وكيفية المقاربة الدولية والإقليمية للموضوع. والثانية، حل النزاع العربي – الإسرائيلي وعملية السلام في المنطقة، حيث يأتي في إطارهما أي تحرك ثنائي. فأي انسحاب لأي طرف من عملية السلام أو من الاتفاق النووي، ستكون له تداعيات كبيرة وغير محدودة على المنطقة برمتها.

 

وتوضح المصادر، أنه يمكن التوجه نحو فرنسا نظراً إلى الدور الريادي الذي يمكن أن تؤديه على مستوى الاتحاد الأوروبي، لا سيما بعد انسحاب بريطانيا من «البريكست»، وبات دور كل من فرنسا وألمانيا مؤثراً في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، لا سيما أن فرنسا استضافت قبل نحو عام مؤتمراً حول السلام في الشرق الأوسط.