في بيروت استنفار على كل المستويات عشية بدء تطبيق “قانون قيصر” الاميركي على سوريا، وتداعياته على لبنان. في بعبدا تحضير لحوار وطني لا يصب في مصلحة الرئاسة الاولى التي لم يلبّ أطراف دعوتها السابقة، فاذا بالتطورات التي تستدعي لقاء لتخفيف الاحتقان يتكفل الرئيس نبيه بري الدعوة اليه وضمان حضور كل المدعوين الذين سيتولى بنفسه دعوتهم. واذا كانت رئاسة الجمهورية تجد نفسها محرجة في الامر، فانها أيضاً عاجزة عن الرفض أمام اتطورات التي يكاد ينزلق معها البلد الى أوضاع مأسوية بعدما ارتفعت حدة الخطاب الطائفي المتشنج، وكادت المتاريس ان ترتفع بين المناطق في ظل دعوات الى اعتماد الامن الذاتي.
وفي عين التينة، حركة حوار ومشاورات تهدف الى تذليل الكثير من العقبات، وانجاز مصالحات تمهد لمصالحة وطنية يمكن ان تشكل درع حماية للبلد.وأفيد ان الرئيس ميشال عون تشاور في طاولة الحوار مع بري ورئيس مجلس الوزراء حسان دياب. وتشمل الدعوة كلاً من رؤساء الجمهورية السابقين ورؤساء الوزراء السابقين ونائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي ورؤساء الكتل النيابية ورؤساء الأحزاب. ونقل عن أوساط بعبدا أن من المفترض أن يناقش المشاركون في الاجتماع الأوضاع العامة ويوحدوا الموقف الوطني في هذه المرحلة من تاريخ لبنان، بغض النظر عن التموضعات السياسية التي قد تكون متناقضة، خصوصا أن تحديات كثيرة تواجه البلاد، بعد الأحداث الأخيرة، وقد أظهرت أن هناك مخططاً لاستهداف لبنان تجب مواجهته بالوحدة لا بالفرقة والانقسام.
وبعد المصالحة الدرزية، وليس بعيداً، التقى الرئيس بري في مقر الرئاسة الثانية، الرئيس سعد الحريري واستبقاه الى مائدة الغداء. وقد تمنى بري على الحريري درس مشاركته في لقاء بعبدا.
“قانون قيصر”
ومع بدء تطبيق “قانون قيصر” اليوم، تبرز مخاوف لبنانية من تداعياته، وبدا لبنان الرسمي مرتبكاً بين الرغبة في التعامل بنوع من الحيادية مع القانون، وعدم القدرة على المواجهة مع المحور السوري – الايراني، واداته الداخلية “حزب الله”.
وقد أكد الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مساء أمس، ان سوريا هي المنفذ للبنان وطريق التجارة، داعيا اللبنانيين الى عدم الخضوع لـ”قانون قيصر”، من غير أن يحمّل الحكومة عبء المواجهة مع الادارة الاميركية. واعتبر ان الخضوع للقانون يضر بلبنان ويسلمه الى اسرائيل وليس الى أميركا. وعلى اللبنانيين ألا يفرحوا لهذا القانون، وهو آخر اسلحة الاميركيين ضد سوريا، وستتصدى له كل الدول الحليفة للنظام السوري.
ورأى النائب ميشال ضاهر أن لبنان لا يمكنه تحمّل تبعات خرق “قانون قيصر”، ولاسيما في ظلّ الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي نمرّ بها، وعليه فإن الحكومة اللبنانية جدّية في ضبط الحدود بشكل كامل. وأضاف ان الكلّ في لبنان متهيّب لمفاعيل “قانون قيصر” ولا أحد يريد تداعيات سلبية اضافية على واقعنا الحالي المتردي جداً، كما عبّر عن تخوّفه من انفجار مالي اجتماعي قد يعيدنا عشرات السنين الى الوراء.
وفي الاطار عينه، صرح سفير لبنان السابق في واشنطن أنطوان شديد لـ”النهار” بأن “المراهنين على عدم تطبيق القانون موهومون لأنه صادر عن الكونغرس الأميركي ومجلس الشيوخ ولن يتأثر بنتائج الانتخابات الأميركية، خصوصاً أن النظام السوري غير شعبي في أميركا”. وسئل عن إسداء نصيحة للرئيس حسان دياب في كيفية التعامل مع هذا القانون، فأجاب: “أنصح الحكومة اللبنانية باتخاذ موقف النأي بالنفس فعلاً عن هذا القانون، ليس بهدف إرضاء الأميركيين والوقوف معهم بل لمصلحة الشعب اللبناني ولحمايته من أوضاع اقتصادية أصعب من الوضع الحالي، رغم اقتناعي بأن حزب الله سيأخذ موقفاً متشدداً بشأن العلاقة مع سوريا وسيواجه قانون قيصر”. وعن شمول العقوبات حلفاء لنظام الأسد، قال شديد إن “القانون سيطاول أي شخص مشتبه في ان له علاقات مالية واقتصادية مع النظام السوري، وعلينا الانتظار لمعرفة من قد تشمله العقوبات وعدم التكهن لأن الأميركيين وحدهم يعلمون الاعتبارات التي سيعتمدونها في اختيار الشخصيات”.