Site icon IMLebanon

النهار: ذعر الدولار يستدرج “هجوماً طارئاً” للتبريد

 

 

اشبه بما يكون حالة ذعر معممة او حتى هستيريا، لا حالة طوارئ مالية فقط، عاشها اللبنانيون امس، اذ بدا معها انفلات سعر #الدولار متخطيا كل السقوف والخطوط الحمراء بمثابة نذير ببدء المرحلة الأخطر من الانهيار المالي والاقتصادي، وما يحمله من موجات إضافية من التداعيات الاجتماعية الكارثية، وسط ضياع مخيف حيال حقيقة الأسباب والدوافع التي جعلت هذا الاعصار الانهياري يضرب البلاد غداة الانتخابات النيابية تحديدا، وراح يتدحرج متضخما الى ان وضع لبنان مجددا امام خطر الانفجار الاجتماعي الكارثي وربما أيضا الأمني.

 

ولكن ما جرى في الساعات الأخيرة مع طلائع تدخلات حاسمة بادر اليها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ان في إجراءات من شانها ان تعيد تبريد الالتهاب في سعر الدولار وضبطه ولجمه على ايقاعات منصة “صيرفة”، او في إجراءات تلزم المصارف بتمديد الدوام لثلاثة أيام بما يستوعب كل الضغوط في طلبات المواطنين، بدا بمثابة هجمة معاكسة من حاكم مصرف لبنان في وجه انفلات قد تكون بعض وجوهه متعمدة. وارتسمت حيال ذلك تساؤلات مريبة وقلقة عما اذا كانت معارك خفية كانت تدور تحت جنح التفلت المخيف في سعر الدولار، الامر الذي دفع الحاكم سلامة الى التدخل بقوة والشروع في اصدار التعاميم المتعاقبة حول الإجراءات الجديدة لمواجهة، او على الأقل فرملة، الاندفاعات نحو انزلاق بالغ الخطورة. ولعل السؤال الأشد الحاحاً هو لماذا لم يبادر الحاكم أصلا الى هذه الإجراءات ما دامت كفلت في اقل من ثلاث ساعات تراجع الدولار بما يوازي الثمانية الاف ليرة اذ جرى تداوله مساء بسقف 30 الف ليرة بعدما حلّق نهارا الى سقف 38 الف ليرة ! واذا كانت ساعات العصر والمساء سجلت تراجعا سريعا بنسبة لا يستهان بها في سعر الدولار بما عكس الأثر الفوري لتعاميم حاكم المركزي على السوق المالية، فان الأنظار ستكون مشدودة من اليوم وفي مطلع الأسبوع الى تطورات هذا الاختبار الجديد وكيف ستتكيف الأسواق والمصارف مع الإجراءات الجديدة. وليس خافيا انه سيكون للاستحقاق الدستوري السياسي المتمثل في جلسة انتخاب رئيس #مجلس النواب ونائب الرئيس وهيئة مكتب المجلس اثرها لجهة الدلالات التي ستتركها معركة انتخابية وسياسية ستدشن عمل المجلس المنتخب وترسم للمرة الأولى توزع القوى المنتخبة فيه سواء كانت قوى تقليدية ام ناشئة .

 

اذاً، وفي حين حلّق الدولار نهار امس متجاوزا حاجز الـ37 الف ليرة، اصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد الظهر بيانا توجه فيه “الى جميع حاملي الليرة اللبنانية من مواطنين ومؤسسات ويريدون تحويلها الى الدولار الأميركي” فطلب منهم “التقدّم بهذه الطلبات الى المصارف اللبنانية إبتداءً من يوم الاثنين المقبل وذلك على سعر “صيرفة” على ان تتم تلبية هذه الطلبات كاملةً في غضون 24 ساعة. وهذا العرض مفتوح ومتاح يوميًا”.

 

واثر بيان الحاكم ، بدأ سعر صرف الدولار بالتراجع مسجلا في السوق السوداء 34 ألف ليرة ومن ثم وفي وقت لاحق بلغ التراجع سقفا جديدا اذ هبط سعر الدولار الى ما بين 31 الف ليرة و30 الفا ثم هبط لاحقا الى ما دون سقف الـ 30 الفا .

 

واتبع حاكم مصرف لبنان بيانه الأول ببيان اخر موجه الى المصارف فطلب منها “ابتداءً من يوم الإثنين المقبل ولثلاثة ايام متتالية ان تبقي على فروعها وصناديقها مفتوحة يوميًا حتى الساعة السادسة مساءً لتبية طلبات المواطنين من شراء الدولارات على سعر “صيرفة” لمن سلم الليرات اللبنانية كما دفع معاشات الموظفين في القطاع العام بالدولار أيضًا على سعر “صيرفة.”

 

 

تضارب

غير ان تضاربا لافتا ساد مواقف المعنيين بالملف المالي والمصرفي، اذ اعتبر وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل أن أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار في أسواق البلاد “مرتبط إلى حد كبير بعوامل خارجية”. وقال الخليل لوكالة “سبوتنيك” :”أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي في الأسواق اللبنانية مرتبطة إلى حد كبير بعوامل خارجية، ولا فلتان في سوق القطع”. وأشار إلى أن منصّة “صيرفة” تتم عبرها أغلبية العمليات بسعر يتراوح بين 22 و24 ألف ليرة لبنانية، وهي عملية تخضع للتدقيق يومياً من قبل مؤسسات مالية ونقدية عالمية .

 

في المقابل كان وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام يحذر من “اننا متجهون نحو الانهيار”. وقال محذرا التجار، خلال إطلاق المجلس الوطني لسياسة الأسعار: “مَن يريد استغلال حاجة الناس سنكون له بالمرصاد” مشيرا الى انّ “أحدا لا يتحمل ماذا سيحصل . فنحن متوجهون نحو الإنهيار وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته”. واعلن أنه سيدعو بشكل طارئ إلى اجتماع للمجلس الوطني لسياسة الأسعار لأننا “اليوم في حالة طوارئ وما فينا نكفي هيك” .

 

في موازاة ذلك بلغت اسعار المحروقات درجة الغليان وعادت الطوابير الى العديد من المحطات. وفيما استقرّ سعر صفيحة البنزين عند عتبة الـ 600 الف ليرة ارتفع سعر صفيحة المازوت الى 760 ألف ليرة وسعر قارورة الغاز الى500 ألف ليرة. وأقفلت معظم محطات المحروقات في بيروت والضواحي. كذلك تمّ رفع سعر ربطة الخبز الصغيرة 2000 ليرة، والمتوسطة الحجم ايضاً 2000 ليرة لبنانية، مع الغاء الربطة الكبيرة.

 

 

الاستحقاق البرلماني

وسط هذه الأجواء تتجه معركة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائب الرئيس الى فرز حاسم بين التصويت للرئيس نبيه بري باقل نسبة أصوات سينالها منذ ثلاثين عاما والتصويت بالورقة البيضاء لجميع الرافضين اعادة انتخابه. وعلم ان تواصلاً يجري بين كتل “القوات اللبنانية “والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب وحركة الاستقلال وعدداً من النواب التغييرييين عن الانتفاضة. كما يضم التشاور بعضاً من النواب المستقلين، مع الاشارة إلى أن الجميع لديهم نوايا ايجابية واستعدادات تعاونية. وتتجه غالبية النواب السياديين المستقلين إلى الورقة البيضاء. وترى المصادر أن الجميع بات أمام وقت قصير لإنجاز المفاوضات قبل الثلثاء والاتفاق على إسم واحد، وإلا الذهاب إلى الجلسة النيابية بصورة غير جيّدة.

 

وتشير معطيات “النهار” إلى أنّ النواب التغييريين يتجهون إلى التصويت بورقة بيضاء على صعيد انتخاب رئاسة المجلس النيابي، باعتباره الخيار الأكثر تأييداً الذي استقرّت عليه المشاورات بينهم. ويشكل عددهم 13 نائباً. ولم تصل المفاوضات حتى اللحظة إلى تبني إسم معيّن لنيابة رئاسة مجلس النواب مع الاستمرار في جوجلة النقاش. وحسم رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل امس عبر ” النهار” قرار التكتل بترشيح النائب الياس أبو صعب لنيابة رئاسة المجلس فيما يتوقع ان ترشح الكتلة “القواتية” رسميا النائب غسان حاصباني.

 

وعلمت “النهار” أن غالبية من نواب عكار من غير المرتبطين بـ”التيار الوطني الحر” يتّجهون إلى انتخاب الرئيس نبيه بري لولاية جديدة. وقد حسم هذا الاتجاه مع تبني إسم النائب سجيع عطية كمرشّح للكتلة العكاريّة عن منصب نائب رئيس المجلس النيابي. وكذلك، تتجه كتلة “اللقاء الديموقراطي” إلى التصويت لمصلحة بري، في وقت يدرس النائب المستقل غسان سكاف خياراته وقد طُرح إسمه في مجالس سياسية لتولي منصب نيابة الرئاسة. والكتل التي باتت خياراتها واضحة لانتخاب بري، تشمل إضافة إلى كتلتي “الثنائي الشيعي” ونواب 8 آذار المستقلين كلاً من “اللقاء الديموقراطي” وعدداً من النواب السنة الذين كانوا من المحسوبين على نهج مقرب من “المستقبل”.

 

في غضون ذلك توالت المواقف الدولية والغربية التي تستعجل تشكيل حكومة لبنانية

جديذة ، وأكد لويس ميغيل بوينو الناطق الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في حديث تلفزيوني أن الاتحاد يحث على ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة جديدة في لبنان، والسعي إلى إجراء الإصلاحات الضرورية في البلاد.” وقال “نتوقع من مجلس النواب الجديد المنتخب أن يدعم عملية سريعة لتشكيل الحكومة، وأن يعمل على اعتماد جميع التشريعات وتنفيذ الإصلاحات اللازمة لتحسين الحوكمة والاستقرار الاقتصادي بما يخدم لبنان وشعبه، وكذلك على البرلمان الجديد أن يساهم في تنفيذ الإجراءات المسبقة المطلوبة في الاتفاق على مستوى الموظفين، الموقع مع صندوق النقد الدولي في 7 نيسان الماضي، من أجل المباشرة ببرنامجٍ للصندوق”. وكرر “ضرورة القيام بالإصلاحات اللازمة لضمان أمن واستقرار وازدهار مستدام للبنان واللبنانيين”.