في اليوم الخامس والعشرين لانتفاضة الشعب اللبناني على الطبقة السياسية التي اوصلت البلاد الى الدرك، استمر الحراك في كل الساحات وتوسع ودعا المتظاهرون الى تنفيذ اضراب عام شامل غدا الثلثاء في مختلف الجامعات والمدارس اللبنانية وتنفيذ تجمعات على مداخل ساحة النجمة لمنع النواب من الوصول الى جلسة اقرار قانون العفو لشراء الذمم واعفاء مجرمين ومطلوبين للعدالة ومنهم من يشاركون في السلطة وينهبون المال العام. واطلقوا على هذا الاسبوع اسم “أسبوع العصيان”.
ودعت نقابة المهن الحرة إلى إضراب عام الثلثاء لمنع النواب من إقرار قانون العفو العام. كذلك، أعلن المتظاهرون في صيدا الاضراب العام يوم الثلثاء استنكار لعقد الجلسة التشريعية في مجلس النواب.وأكد المتظاهرون في البقاع انهم سيلتزمون بدعوات الاضراب العام غدا الثلثاء.
واذا كان النواب يواجهون عقبة الوصول الى مجلس النواب، فان عددا منهم ولا سيما نواب القوات اللبنانية، فيتجهون الى مقاطعة الجلسة ما لم يتم تحديد موعد الاستشارات النيابية والاسراع في تأليف الحكومة الجديدة.
لكن عقبة اخرى تواجه الجلسة وهي عدم الاتفاق على مشروع العفو، اذ تبادل النواب عبر تغريداتهم، الرسائل التي تؤكد التباعد في الامر، ومنهم وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل عبر حسابه على موقع تويتر قائلا: كأنّنا لم نتعلّم من قوانين العفو التي أقرّت بعد الحرب والتي الغت مبدأ المحاسبة وشرّعت الأبواب لدخول الفساد…صوت الناس يقول اليوم بمحاكمة كل مشبوه ومحاسبة كل مرتكب ونحن مع تشديد العقوبات واقرار قوانين الفساد… لا ان نثبّت قوّة الجريمة بالعفو، بل ان نثبّت قوّة الحق بالقضاء…”
وردّاً على اعتراض نواب على المشروع سألت “النهار” رئيس مجلس النواب نبيه برّي عن هذه الضج. فأوضح أنّ مشروع القانون هذا “لا يشمل كلّ من ارتكب جرائم بحق عسكريين أو مدنيين وكلّ من ساهم في سفك الدماء”. وأضاف: “في النهاية لا توجد قوانين مقدسة، واذا كانت هناك ملاحظات على أيّ قانون مطروح فهي مفتوحة أمام النواب في الجلسة”.
من جهة ثانية، لا يبدو قطار التكليف والتأليف ماض على السكة الصحيحة المفترضة، وهو ينذر بمزيد من التداعيات على مجمل الاوضاع السياسية والمالية (في انتظار المؤتمر الصحافي لحاكم مصرف لبنان اليوم والذي يمكن ان يؤدي الى اراحة الاسواق قليلا)، في ظل التصلب في المواقف من رئيس الجمهورية و”حزب الله”، في مقابل اتجاه متنام لدى الرئيس سعد الحريري الى الاعتذار ورفض التكليف ان حصل اقتناعا منه بان اي حكومة دون المواصفات المطلوبة لن تكون الا لادارة الانهيار.
وفي المواقف، قال الوزير في حكومة تصريف الاعمال علي حسن خليل” اليوم وللاسف تأخرنا كثيرا ونضيع الكثير من الوقت ولم يعد هناك سبب لتضييع الوقت لان الازمة تتعمق والمطلوب الانطلاق بشكل جدي نحو وضع الخطط الاصلاحية على السكة الصحيحة، وهذا يبدأ بتشكيل حكومة باقرب وقت ممكن، وبهذا نكون قد اخذنا العبرة من صرخة الناس وانطلقنا نحو مرحلة سياسية جديدة من حياتنا العامة والسياسية”.
وقال الشيخ نبيل قاووق: نصر على تسريع المشاورات والاتصالات لتأليف وتشكيل الحكومة، فالاتصالات والمشاورات التي تحصل فتحت الابواب امام الحلول، ولكن المسار فيه تعقيدات يجب العمل بمسؤولية على حلها، ونحن نريد حكومة موثوقة وقادرة على النهوض بالبلد ومحاسبة الفاسدين وقادرة على استعادة المال المنهوب واقفال مزاريب الهدر، ونريد حكومة موثوقة تعبر عن ارادة اللبنانيين وليس عن ارادة وزير خارجية اميركا أو غيره”.
من جهة ثانية، ناشد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي “رئيس الجمهوية إجراء الإستشارات النيابية، وتكليف رئيسٍ للحكومة والإسراع معه في تأليفها كما يريدها شعبنا وشبابنا؛ فحال البلاد لا يتحمل أي يوم تأخير. أما دعاة التجديد فهم اليوم شباب لبنان وشعبه من كل دين وطائفة وحزب ولون. إنها ثورة حضارية بناءة لا تبغي سوى قيام الدولة اللبنانية من أجل خير الشعب وحماية الكيان”.
اما مطران بيروت للروم الارثوذكس الياس عوده فقال: عندما تنعدم الثقة بين الشعب والسلطة، التغيير واجب، وهذا يحدث في معظم البلدان. فلم الانتظار؟ أليست سلطة الشعب أقوى من كل السلطات؟ السلطة ليست ملكية خاصة. إنها تكليف من الشعب. لذلك من واجب الحاكم سماع صوت شعبه. لم نعد نملك ترف إضاعة الوقت، ولم يعد ممكنا تجاهل الناس واستغباؤهم. البلد يكاد يصل إلى قعر الهاوية. إرحموا أنفسكم إن لم ترحموا الشعب. إذا انهار الوضع فسينهار على رؤوسنا جميعا ولن ينجو أحد. ألا يستدعي الخطر المحدق بنا جميعا أن يتخلى الجميع عن أنانياتهم ومصالحهم وحصصهم من أجل إنقاذ ضروري وسريع؟ أليس من يفتح ثغرة في هذا الجدار السميك؟ كيف تنامون والسفينة تغرق؟