Site icon IMLebanon

النهار: تحذير الحريري واعتراض جعجع وجنبلاط: التسوية المفكَّكة

قد يمكن اعتبار المناخ الايجابي الذي طبع الجلسة العادية الأولى لمجلس الوزراء بعد جلساته الـ20 السابقة لاقرار مشروع الموازنة، استجابة فورية على الأقل للدعوة الملحة الى التضامن الحكومي في مواجهة الاستحقاقات التي اطلقها رئيس الوزراء سعد الحريري في مداخلته التي اكتسبت دلالات بارزة، كما يمكن ادراجه في اطار المفاعيل التي تركها لقاء الساعات الخمس بين الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل عشية الجلسة. ومع ذلك، يصعب النوم على حرير هذين التحركين للجزم بأن المرحلة المقبلة ستمضي وسط مناخات استرخاء، اذ ان أصداء لقاء “بيت الوسط” لم تسقط برداً وسلاماً على قوى عدة ولو كانت شريكة في الحكومة، بل تركت أصداء مستريبة ومتوجسة عبر عنها زعيما الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط و”القوات اللبنانية” سمير جعجع كل بطريقته ومن منطلقاته.

واذا كانت علاقة جنبلاط بالحريري تمر بوضع سلبي لا يسمح بتوقع لقاء قريب لهما، فإن لقاء جمع مساء أمس الحريري وجعجع في “بيت الوسط” في حضور الوزيرين السابقين غطاس خوري وملحم رياشي شكل فرصة لتبادل الآراء في مجريات الامور في ظل المخاوف من فتح ملف التعيينات من دون التحسب الكافي له بضوابط تحول دون تحول هذا الملف مادة تفجير سياسي في ظل ما يتردد عن اتجاهات الى اختصار الحصة المسيحية من تعيينات بارزة وأساسية بفريق “التيار الوطني الحر”.

ولوحظ ان الحريري تعمد في جلسة مجلس الوزراء أمس في السرايا التحدث بلغة مصارحة لم يخف فيها التحذير من الاوضاع الصعبة قائلاً: “كل التطورات الاقتصادية والمالية تؤشر لقلق جدي من الأسواق والمستثمرين في الداخل والخارج. وهذا يفرض علينا تسريع وتيرة قراراتنا التي اتفقنا عليها في البيان الوزاري، لنبعث بإشارات عن مدى جديتنا وصدقيتنا في معالجة هذا القلق والوضع الاقتصادي والمالي”. وأضاف: “اقولها بوضوح: لم يعد في امكاننا ان نسير بالوتيرة نفسها. فجميعنا في مركب واحد، وكلنا مسؤولون عن سلامة هذا المركب الذي اسمه لبنان. لقد عقدنا 19 جلسة لمجلس الوزراء لنتفق على مشروع الموازنة، وهذه الجلسات لم تكن للتسلية، بل لنقاش عميق ومفصّل لكل بند وكل فكرة وكل اقتراح. لهذا السبب، أعتبر أن مسؤولية كل واحد منا في الحكومة، والتضامن الوزاري في ما بيننا يفرض علينا جميعا أن ندافع في مجلس النواب عن قراراتنا التي اتخذناها معاً”.

وعلم ان ملف التعيينات لم يوضع بعد على نار حامية كما لم يثر في لقاء الحريري وباسيل مما يعد مؤشراً لعدم استعداد رئيس الوزراء للخوض فيه قبل التوافق السياسي الواسع على الآلية التي ستتبع في التعيينات، كما انه لن يقبل بان تأتي التعيينات لتزيد الفجوات في مسيرة الحكومة”.

وبرزت مؤشرات التوتر حول ملف التعيينات في كلام جعجع عقب اجتماع “كتلة الجمهورية القوية” اذ قال: “إن السلطة السياسيّة الحاليّة منبثقة من التسوية التي تمت منذ قرابة سنتين ونصف إلا أنها ويا للأسف في حالة شلل جزئي لأن أحد أطرافها الرئيسيين يتصرّف بشكل عشوائي وعبثي ومن دون أي حدود أو منطق ولا يأخذ في الإعتبار المصلحة العامة حيث يسمح لنفسه بعرقلة تشكيل الحكومة خمسة أو ستة أشهر فقط لأنه لا يريد أن يشارك حزب “القوّات اللبنانيّة” فيها بشكل معيّن، كما يبدّي المصالح الخاصة على المصلحة العامة لذا لم يعد هناك إمكان لإنقاذ الوضع من دون تدخل مباشر من الجنرال عون من أجل لجم الأوضاع لهذه الناحية”.ولفت الى ان “هناك طرفاً من أطراف التسوية يصرّ على أن تكون جميع التعيينات المسيحيّة من حصّته، متجاهلاً وجود أي أفرقاء آخرين، ونحن لا نطرح هذا الموضوع من قبيل أن حزب “القوّات اللبنانيّة” يريد حصّة له فنحن نعتبر أننا ننال حصّتنا عندما يتم اعتماد آليّة للتعيينات في الدولة”.

كما رأى جعجع ان “على السلطات الشرعيّة كافة أن تقول لـ”حزب الله” بشكل علني أن عليه التزام سياسة “النأي بالنفس” قولاً وفعلاً فنحن ندعو الله ألا يلحق أي ضرر بأي جهة ولكننا في الوقت عينه لسنا مضطرين للتضحية بالشعب اللبناني لا في سبيل مصالح إيران، ولا غيرها من الدول، في لبنان”.

وعقب لقائه مساء والحريري صرح جعجع بأن “على الافرقاء الموجودين في مجلس الوزراء التصرف بمسؤولية اذ لم نتمكن حتى اليوم من اعطاء الاشارات المطلوبة لناحية الاصلاح والثقة بالطبقة السياسية” ، لكنه شدد على العلاقة الطويلة مع الحريري “والثابت بيننا الحفاظ على السيادة الوطنية والنظرة الاستراتيجية”، مجدداً المطالبة بآلية واضحة للتعيينات.

وكان رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي “وليد جنبلاط اتخذ موقفاً لاذعاً جديداً أمس، إذ غرد: “في فلسطين صفقة قرن وفي لبنان صفقة قرن. هناك أرض وشعب على مشارف المصادرة والتهجير، وهنا اتصالات وكهرباء وأملاك بحرية ومصاف ونفط وغاز على مشارف القرصنة والتوزيع والتخصيص. هناك صهر وهنا صهر يعبث بالاخضر واليابس، هناك رئيس يهدد العالم يميناً وشمالاً وهنا تسوية القهر والذل والاستسلام”.

الوساطة الروسية

وسط هذه الأجواء، بدأ الموفد الرئاسي الروسي الى سوريا الكسندر لافرنتييف محادثاته في بيروت بلقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، وعلم انه أبلغه ان موسكو مستمرة في مبادرتها من أجل عودة النازحين السوريين الى بلدهم، ورد بري بأن موقفه واحد وموحد مع رئيس الجمهورية من مسألة حصول تواصل مع الدولة السورية لعودة النازحين. كما علم ان الوفد سيوجه دعوة الى لبنان للمشاركة في مؤتمر استانة المقبل.

وبرزت أمس زيارة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش لفوج التدخل السادس التابع للجيش اللبناني ومركز التدريب المركزي لإدارة الحدود في رياق، بالإضافة إلى برج مراقبة لفوج الحدود البرية الثالث ومركز مراقبة تابع للجيش على الحدود الشرقية. وتدخل الزيارة في إطار المتابعة لمؤتمر روما الثاني الذي انعقد في آذار 2018 في شأن تعزيز المؤسسات الأمنية اللبنانية والتزام المجتمع الدولي دعم قدرات الجيش اللبناني ومؤسسات أمنية أخرى. وأشاد المسؤول الأممي بالجيش وتضحياته وانجازاته و”بالجهود الهائلة التي يبذلها في مواجهة التحديات على الحدود، بما في ذلك التهريب والدخول غير الشرعي لأفراد من سوريا”.

وفد سعودي… وقائد الجيش في الرياض

في غضون ذلك، وصل وفد من مجلس الشورى السعودي مساء الى مطار رفيق الحريري الدولي وأعلن رئيس لجنة الصداقة البرلمانية اللبنانية – السعودية الرئيس تمام سلام الذي كان في استقباله “ان الزيارة تؤكد أهمية العلاقة الوثيقة والتاريخية بين المملكة ولبنان”، لافتاً الى “ان هذه المبادرة تصب في رغبة المملكة بدعم لبنان”.

وشدد الوفد السعودي على ان “العلاقة بين المملكة ولبنان متميزة”، متمنياً أن “تكون هذه الزيارة الاولى لمجلس الشورى السعودي مقدمة لزيارات أخرى”. وأكد ان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان يحرصان على تنمية العلاقات بين البلدين على كل المستويات.

وتزامن وصول الوفد السعودي مع بدء قائد الجيش العماد جوزف عون زيارة رسمية للرياض يرجح ان يلتقي خلالها ولي العهد السعودي وزير الدفاع أو نائب وزير الدفاع، علماً ان البحث يتناول دعم الجيش والقوى الأمنية ضمن مشاريع اللجان المشتركة اللبنانية – السعودية. كما تتناول محادثات العماد عون مع المسؤولين السعوديين قرارات مؤتمر بروكسيل الأمنية والعسكرية والعلاقات الثنائية ومجالات التدريب المشترك. ولا يستبعد البحث في اعادة تحريك الهبة السعودية العسكرية أو جزء منها لمساعدة الجيش في شراء أسلحة وعتاد من الولايات المتحدة.