Site icon IMLebanon

“حزب الله” و”التيار العوني” في خندق واحد

 

 

 

 

كما في عام 1989، عند إقرار “اتفاق الطائف”، وكما في عام 2005، بعد انسحاب جيش نظام الأسد، وكما بعد قرار الحكومة تجريد كل الميليشيات من سلاحها، طرفان كانا دائمًا يقفان عقبة أمام استرداد الدولة زمام أمورها، وعودة لبنان إلى دوره الريادي في المنطقة. الطرفان هما “حزب الله” و”التيار الوطني”.

 

هذا التخريب التاريخي لا يمكن تفسيره فقط، بحسابات سياسية بنات لحظاتها، بل يندرج في العطب الكامن في صميم البناء العقائدي لهذين الطرفين. أحيانًا الرموز تعطي إشارات وإن كانت الرموز لا تكفي لتشريح دقيق للمنطلقات والخلفيات.

 

لكل حزب علم، وعند أحزاب عدة لن ترى الأرزة على أعلامها، لكن الحضور الأكبر لتلك الأحزاب اليوم يُختصر بثنائي “حزب الله” و”التيار”، حيث استُبعدت أرزة “كلنا للوطن” وحلت رموز لها دلالات لا يمكن استبعادها عندما نحاول استشراف مواقف هذين الحزبين.

 

بالنسبة إلى “التيار “، أقل ما يقال إن الشعار كأنه وليد شركة ماركتينغ، ذهبت نحو فكرة جديدة على حساب اعتبارات أهم لنشوء الأحزاب.

 

مع “حزب الله”، الرموز في رايته لا تترك شكًا في استحالة تسليم سلاحه. الكلاشنيكوف، والآية القرآنية التي تتحدث عن “الغلبة”، و”المقاومة الإسلامية”، والكرة الأرضية التي يجب أن تصبح كلها “أمة” ولي الفقيه، اللون الأخضر الرامز لآل البيت، كل هذه الرموز تعني أن السلاح في صميم وجود “الحزب”، وليس وسيلة لظرف معين، فإذا سقط السلاح سقط مبرر الوجود. الأمر بهذه البساطة للتأكد أن هذا “الحزب” ولو صدر مئة قرار عن الدولة لن يُنفذ ولن يَستجيب.

 

بالنسبة إلى “التيار العوني”، العطب في الجذور، وعلى ما قال المسيح “وهل يُجنى من الشوك العنب”؟ تأسست فكرة التيار في الثمانينات على الحاقدين والمتضررين لأسباب شتى من حزب “الكتائب اللبنانية”، ثم ” القوات اللبنانية”. والحاقد والمتضرر يبحث دومًا عن دوره لا عن الثوابت. وما تشدُّقه المتواصل بأنه أصيل ثابت إلا لإبعاد الوصمة التي لا تُكذِّبها الوقائع والمحطات التاريخية.

 

العونيون كانوا ضد “الطائف”. العونيون ورطوا المسيحيين في خسارة عسكرية ضد نظام الأسد، تمامًا كما ورطنا اليوم “حزب الله” ضد إسرائيل بخسارات فادحة على كل المستويات. العونيون في لحظة سانحة لتحرير القرار عام 2005، أعطوا الغطاء المسيحي لحزب “المقاومة الإسلامية”، وكل الفذلكات لا تحجب هذه الحقيقة. عطب الجذور لا تستره المطالعات المتماسكة بالشكل والخاوية في النتيجة.

 

في مواقف قاتلة لفكرة الدولة، يلامس جبران باسيل حرب الإسناد، بعبارات عابرة فحواها اعتراضه على ما حصل.

في مسألة عرَضية مثل “فئة أ و فئة ب”، يشن حملات مضللة لا تنتهي، فحيث يجب أن يرفع الصوت يهمس وحيث يجب أنّ يصمت يولول.

آخر الأمثلة على التخريب الباسيلي المؤذي لجوهر وجود الدولة، موقفه من “ورقة برّاك”، صراخ لا يتوقف إلا عند جانب من الجوانب. الورقة أميركية وليست لبنانية. التضليل يريد أن يتجاهل أن الورقة نوقشت وأشبعت درسًا من الدولة، وأن تعديلات حصلت عليها، وأنها تكملة لما التزم به “حزب الله”، في تشرين الثاني من العام المنصرم.

 

وثيقة تسترد قرار واستقرار لبنان وتعيده إلى مصاف الدول الطبيعية، لم يجد فيها باسيل إلا ” أميركيتها”.

 

لماذا لم يتوسع باسيل في البنود لنعرف ما إذا كانت الورقة لمصلحة لبنان أو مسيئة له؟ الجواب الواضح أن “التيار العوني” ولحسابات الأنانية السياسية، يغطي مرة جديدة الميليشيا الإسلامية على حساب المصير الوطني.