Site icon IMLebanon

المدافعون عن عون لـ«القوات»: خُذوا «الأشغال» مـــن فرنجية!

 

هل هي فعلاً قراءة واقعية لعملية تقاسم الحقائب بين القوى المسيحية، كما يطرحها المدافعون عن الرئيس ميشال عون وصلاحيات الرئاسة بعد «إتفاق الطائف»؟ أم هي محاولة لمنع التقارب الوشيك بين «القوات» و«المردة»، ولخربطة العلاقة بين «القوات» والرئيس المكلّف سعد الحريري؟

 

في الفصل النهائي من أزمة التأليف، كالمعتاد، تبدو العقدة الأخيرة مسيحية بامتياز، ويمكن اختصارها بالآتي:

 

1 – كيف تحصل «القوات اللبنانية» على تمثيلها العادل في الحكومة المقبلة، وهي الكتلة المسيحية الثانية حجماً؟

 

2 – كيف يمكن تحقيق هذا الهدف من دون أن يتناقض مع رغبة رئيس الجمهورية في تدعيم موقع الرئاسة، بعدما تعرّض لكثير من القضم في «الطائف»؟

 

3 – كيف يتحقق ذلك من دون أن يؤثِّر على الحصة المشروعة لأيّ طرف مسيحي آخر في داخل الحكومة؟

 

في الساعات الأخيرة، تردَّد في الأوساط التي تدافع عن عون وتدعم توسيع موقع الرئاسة وصلاحياتها طرحٌ جديد لحلّ أزمة التمثيل المسيحي في الحكومة العتيدة.

 

ويقول أصحاب هذا الطرح: «بحسب الأعراف المتّبعة في عملية تشكيل الحكومة، يُفترض أن تتوزع الحقائب الخدماتية الاساسية الستّ مناصفةً بين المسيحيين والمسلمين. ولدى المسيحيين، تُعطى حقيبةٌ لرئيس الجمهورية، وتُعطى الثانية لأكبر تكتل مسيحي، أي «التيار الوطني الحرّ»، وتُعطى الثالثة لثاني أكبر تكتل مسيحي، أي «القوات اللبنانية».

 

ويضيف هؤلاء: «منطقياً، يُفترض أن يوزِّع الرئيس المكلَّف الحقائب على هذه القاعدة. ‏لكنه، بدلاً من أن يعطي «القوات» حقيبة «الأشغال العامة»، وهي حقيبة أساسية في اعتبار أنها ثاني أكبر تكتل مسيحي، أعطاها لرئيس «المردة».

 

وأما «القوات اللبنانية»، فبدلاً من أن تطالب بحقّها من الرئيس المكلّف وفرنجية، فهي تطالب رئيس الجمهورية بالحقيبة الأساسية المخصّصة له، أي وزارة العدل. وفي رأي أصحاب هذا الطرح أن على «القوات»، بالأحرى، أن تأخذ حقها كثاني أكبر تكتل مسيحي بحصولها على وزارة الأشغال. فيما يمكن تيار «المردة» أن يحصل على حقيبة أخرى، ولو كانت أقل أهمية من «الأشغال».

 

ويورد هؤلاء برهاناً على ذلك بالقول إنّ تيار «المردة» حصل في الحكومة السابقة (حكومة تصريف الأعمال) على حقيبة «الأشغال» من حصة حركة «أمل» التي تنازلت له عنها. وفي الواقع، مال الميزان لمصلحة المسيحيين في الحقائب الخدماتية، فحصلوا على أربع منها في مقابل اثنتين للمسلمين. وأما الآن، ف‏لم يعُد الثنائي الشيعي مستعداً للتنازل.

 

ولذلك، يقولون، من الخطأ والظلم مطالبة رئيس الجمهورية بالتنازل عن حقّه بوزارة العدل. والأحرى أن يأخذ الرئيس المكلّف على عاتقه اعتماد المنطق المتوازن في عملية التأليف.

 

وفي الخلاصة، يضيفون، قد يكون الحريري والثنائي الشيعي في صدد إرضاء رئيس «المردة» بهدية استثنائية، ومن خارج المعايير المتوازنة بين القوى المسيحية. والأحرى أن تطالب «القوات» بحقّها هنا تحديداً، بدلاً من أن تطالب رئيس الجمهورية بالتنازل عن حقّ يُفترض أن يتمّ تكريسه لموقع الرئاسة.

فعون هو اليوم في القصر الجمهوري. لكنّ الرئاسة ستنتقل إلى آخرين بعده.

 

وكل كسبٍ في الأعراف يتحقّق اليوم في هذا الموقع سيكون كسباً يستفيد منه أيُّ رئيسٍ للجمهورية في المستقبل. وكل القوى المسيحية متوافقة على ضرورة تعويض موقع الرئاسة ما خسره اعتباطياً في «اتفاق الطائف. فأين الحكمة في أن تُضعِف القوى المسيحية دور رئيس الجمهورية في عملية تأليف الحكومة؟

 

إلّا أنّ هذا الطرح الذي ظَهَر أمس تحت عنوان الدفاع عن رئيس الجمهورية وموقع الرئاسة، تلقّفته أوساط مسيحية أخرى بكثير من التشكيك، ولا سيما منها تلك القريبة من «القوات» و»المردة».

 

وقالت أوساط «قواتية»: «لا يزايدنّ علينا أحد بالحرص على صلاحيات الرئيس. لكن هناك مَن يستظلّ هذا الرئيس ويستغل موقع الرئاسة لمصادرة التمثيل المسيحي في شكل شبه كامل».

 

وتضيف: «إن النظرة إلى ما يحتفظ به «التيار الوطني الحرّ» من حقائب ويصرّ على التمسّك به تؤكد الرغبة في الاستئثار. وعندما يتخلّى «التيار» عما يعتبره مكتسبات تلقائية له، يصبح هناك هامش واسع لكل القوى المسيحية الأخرى لكي تحصل على ما تستحقه، من دون المسّ بحصة الرئاسة».

 

ورأت هذه الأوساط في الطرح الجديد «محاولة مكشوفة لضرب التقارب بين «القوات» و»المردة»، بعدما اقتربت استحقاقاته بنجاح، خصوصاً أنّ النائب السابق سليمان فرنجية يبدي حرصاً على تنقية الصفحة تماماً بين الطرفين، وهو لم يقع في أيِّ مطبّ يُمكنه تعطيل هذا التقارب أو تأخيره.

 

كما أنّ هذا الطرح ينطوي على محاولة تحريض لـ«القوات» على الرئيس المكلّف، بعدما أظهر كل استعداد للحفاظ على التمثيل المتوازن بين كل القوى السياسية، ولاسيما «القوات». فالعلاقة بين «القوات» والحريري هي اليوم في وضعية جيدة، والتنسيق قائم بين الطرفين، وهي أقوى من محاولات «الخردقة».