Site icon IMLebanon

بعبدا لا تتوقع انكفاء الهجوم السعودي

 

تسمّر اللبنانيون مساء الاحد امام الشاشة لمتابعة الحديث التلفزيوني للرئيس سعد الحريري بعد استقالته المفاجئة من الحكومة قبل عشرة ايام، وراحوا يتابعون أدق تفاصيل الظهور الاول للحريري الذي غاب عن السمع وحتى عن الرد على الاتصالات الهاتفية لمقربين منه وفريقه السياسي في الفترة الماضية.

أثلجت مقابلة سعد الحريري التلفزيونية قلوب اللبنانيين لكنها لم ترضي عقولهم ابداً، حيث لا يزال القسم الاكبر من السياسيين والرأي العام على قناعة بان ضغوطاً مورست على الحريري للاستقالة وللاطاحة بالتسوية الرئاسية من اجل تحسين شروطها كما تبدى في الشروط التي وضعها الحريري لتصحيح الوضع الناشىء من الأزمة، وكان واضحاً من ردود الفعل وما كتب على وسائل التواصل الاجتماعي ان اطلالة الحريري التي ظهر فيها شاحباً ومرهقاً لم تبدد الانطباعات التي علقت في الرؤوس بان الحريري لا يتمتع بكامل حريته وثبت بالصوت والصورة ان نظرية الاقامة الجبرية خضع لها الحريري الاسبوع قد تكون حصلت وقد تكون انتهت مفاعيلها بعدما أدى الحريري ما طلب منه تحت الضغوط وقد يكون الحريري فعلاً في صدد العودة الى لبنان كما وعد في المقابلة.

واذا كان رئيس الحكومة المستقيل تجنب التصعيد في كلامه المصور، فان ثمة من اعتبر ان الحريري تقصد التهدئة وهو كما يقول مقربون منه بالاساس شخصية لا تناقش بصوت مرتفع عادة حتى لو كان النقاش حامياً، والتهدئة وفق المقربين من الحريري لها شقان اما انها تمهيد لعودة قريبة حددها الحريري بيومين او ثلاثة بهدف الحفاظ على التسوية ضمن شروط جديدة الالتزام بالنأي بالنفس وعدم تدخل اي فريق في شؤون الدول العربية وعدم توريط لبنان بصراعات المنطقة والانخراط بسياسة المحاور، وبالتأكيد فان الحريري عندما سيعود سيقوم بتقديم استقالته فوراً، او ان الحريري رمى قنبلة العودة صوتياً ووضع سقفاً لها حفاظاً على حياته وبشرط ضمان سلامته.

مناخ التهدئة الذي حاول الحريري اشاعته في المقابلة كان وفق اوساط مطلعة مدروساً ومخططاً له بعناية، خصوصاً ان ثمة من يقول ان فريق السبهان هو الذي يتولى الجو الاعلامي والتحريض او قيادة الحملة على لبنان وظهور الحريري على الشاشة كان من ضمن التوقعات.

وثمة من يقول بالمقابل ان ثمن من تقصد ان يوصل اشارات محددة بان الحريري بخير وتتم معاملته بطريقة جيدة من قبل السعوديين ويتمتع بكامل حريته وليس مسلوب الارادة والقرار، وللالتفاف على بعبدا وعلى القيادات السياسية اللبنانية التي تطالب بكشف ملابسات اقامة الحريري وحياته اليومية في السعودية ودحضاً لروايات القصر وعين التينة بان الحريري وقع في كمين سياسي واستقالته فرضت عليه، وقد ارفق الحريري بكلامه برسائل تبادل رئيس الجمهورية مشاعر الاحترام لشخص عون والتعاون معه مجدداً ضمن شروط خروج حزب الله من اليمن وتحسين شروط التسوية مع بعبدا والنأي بالنفس.

رئيس الجمهورية الذي تابع مقابلة الحريري ودون ملاحظاته فيما تولى المقربون منه تحليل كل تفاصيل ماقيل وجرى على هامش المقابلة لا يزال يتسلح بالموقف نفسه قناعة بعبدا بعد كل ما قاله الحريري هو ذاته، « لا شيء مؤكدا بان العودة ستحصل وليس هناك تأكيدات بان كل ما قاله الحريري حصل بدون ضغوط، ولا شيء يثبت حتى الساعة ان رئيس الحكومة ليس محتجزاً، وقد كان بيان بعبدا قبل كلام الحريري واضحاً في هذا الصدد « كل ما ينسب الى الحريري لا تأخذ به به بعبدا واي شيء يقوله الحريري لا يعكس الحقيقة بسبب الغموض في وضعه.

مقابلة الحريري لا تعني ان الأمور بالف خير، عودة الحريري التي قد تحصل وقد لا تتم لا تعني التسليم وترك الامور ملتبسة بحسب اوساط قريبة من بعبدا، فالهجوم السعودي على لبنان مكمل ولم يتوقف بعد وثمة قرار كبير تعلم به الرئاسة اتخذ على المستوى الدولي بضرب لبنان وتبلغته الرئاسة بضرورة التكيف مع المتغيرات في سيناريو شبيه بما حصل عشية 1982. وعليه وبعد تأكيد رئيس المجلس وترداده بان الاستقالة لا تستقيم الا من خلال المؤسسات الدستورية، فان الرئاسة تعول على عامل الوقت لبلورة الموقف الصحيح، وتعول على المبادرة المصرية وعلى الموقف الفرنسي وزيارة خارجية للوزير جبران باسيل في اطار استشراف معالم المرحلة المقبلة.