Site icon IMLebanon

انتخابات نقابة المحامين: المعركة مسيحية

 

يتوقع أن تشهد نقابة المحامين في بيروت معركةً طاحنة في الانتخابات التي ستجرى في 19 تشرين الثاني الجاري، لانتخاب نقيبٍ و6 أعضاء في مجلس النقابة، في ظل «هجمة» من الأحزاب المسيحيّة و«زحمة» مرشّحين، بعدما ترشح 11 محامياً إلى مركز النقيب و4 إلى العضويّة

 

أمران هما أبرز ما في انتخابات نقابة المحامين في بيروت: الأول «هجمة» الأحزاب السياسيّة لـ«وضع اليد» على النقابة في ظل غياب واضح لبرامج انتخابيّة حقيقيّة (باستثناء ألكسندر نجّار) والاستعاضة عنها بأهداف عامّة، والثاني سابقة تقديم كل الأحزاب المسيحيّة الكُبرى مرشحين محسوبين عليها، وانقسام بعضها بين أكثر من مرشح.

 

يتشبّث حزب الكتائب بترشيح فادي المصري لمركز النقيب، وتنكبّ «ماكينة الصيفي» على تسويق اسمه بكثافة، فيما يفضّل عدد من كوادر الحزب، وفي مقدمهم النائب الأول لرئيس الحزب نقيب المُحامين السابق جورج جريج، مرشّحاً مستقلاً يدور في «فلك آل الجميّل» هو ألكسندر نجّار. غير أن متابعين يرون في الانقسام الكتائبي «تكتيكاً انتخابياً» سيُشتّت الأصوات في المرحلة الأولى، قبل أن يوحّدها في الدورة الثانية التي ستكون بين اثنين، من بينهما نجّار أو المصري، وخصوصاً أنّ الأوّل قادر على نسج تحالفات مع أحزابٍ سياسيّة باعتباره مستقلاً وعلى حصد أصوات المستقلين لتوازن أدائه خلال فترة عضويته في مجلس النقابة.

 

في المقابل، ينفي حزبيون هذا السيناريو، مؤكّدين أنّ الأزمة بين «طوابق الصيفي» حقيقيّة، وأن «القيادة» تُحاول استيعابها بإرضاء الطرفين من خلال حضور رئيس الحزب النائب سامي الجميّل ووالده الرئيس أمين الجميل عشاء ندوة «المحامين الديموقراطيين في حزب الكتائب» وإعلانه رسمياً دعم المصري لعدم إغضاب ابن عمّه، النائب نديم الجميّل، «عرّاب» لترشيح المصري. فيما تغضّ «الصيفي» النظر عن الكوادر الحزبيّة التي جاهرت بدعمها لنجّار وعصت القرار الحزبي الرسمي، باعتبار أنّ طرد العشرات من صفوفها أمر غير ممكن حالياً.

الانقسام ينسحب أيضاً على التيّار الوطني الحر، ولكن بوقعٍ أقلّ، بعدما قطع رئيسه النائب جبران باسيل الشك باليقين بتأكيد أنّ مرشّحه الوحيد لمنصب النقيب هو فادي حداد، من دون أن يعني ذلك أمل المرشح اسكندر الياس بكسب عدد من «الأصوات العونيّة»، رغم أن كوادر في التيار يستبعدون ذلك بعدما ساءت العلاقة بين الطرفين.

 

«القوات» تُريد النقابة

 

وحده حزب القوّات اللبنانيّة لم يقع في فخ الشرذمة، بعدما حسم خياره باكراً في اختيار عبدو لحود، مرشحاً مستقلاً قريباً منه ويمتلك باعاً طويلاً في العمل القانوني والنقابي وله حيثيّته بين المحامين. وضوح المعركة في «القوات» طاغٍ في استشراس ماكينتها للفوز، إلى حدّ وصولها إلى التفاوض مع ألدّ خصومها، حزب الله وحركة أمل، عارضةً عليهما «شانتاج» في أي نقابةٍ يختارانها. ودفع رفض الثنائي لهذا العرض، بـ«حزب سمير جعجع» إلى طرق باب تيّار المستقبل من أجل «مُداكشة» الأصوات بين نقابة المحامين في بيروت ونقابة الشمال، حيث يخوض «التيّار الأزرق» معركةً لإيصال مرشّحه سامي الحسن إلى مركز النقيب في طرابلس. وهو ما حصل، بعدما أعلن فرع المحامين في قطاع المهن الحرّة، منذ أيّام، دعمه للحود والحسن في بيانٍ واحد.

 

غير أن مسؤولين في المستقبل يؤكدون أن «لا علاقة بين النقابتين ولا مُقايضة حصلت بينهما، بل صدفة تزامن موعدَي الانتخابات في الشمال في بيروت هو ما استدعى البيان». ولفت منسّق قطاع الحقوقيين في المستقبل عماد السبع إلى أنّ «الجمعيتين العموميتين لمحامي المستقبل في بيروت والشمال انعقدتا لاختيار الأكفأ والأكثر خبرة في العمل النقابي، وكانت النتيجة دعم لحود باعتباره الخيار الأنسب»، مشدّداً على أنّ «الخيار لم يكن نابعاً من أي موقف سياسي، بل مردّه رؤيتنا إلى مصلحة النقابة باعتبار لحود من المخضرمين فيها». وعن التحالف مع «القوات»، أكد أن لا تحالف، وإنّما «تقاطعنا على دعم لحود»، مذكّراً بأنّ الأخير «لا ينتمي إلى القوات بل مدعوم منها، وهو ما يقوله جميع مسؤوليها الحزبيين».

وإذا كان لحّود يؤكّد في كلّ لقاءاته أنّه غير «قواتي»، بل مستقل مدعوم من القوات، إلا أن من الواضح جداً أن استشراس «القوات» في تبنّيه يؤشر إلى نيتها «تقريش فوزه سياسياً، وخصوصاً أنه لم يسبق لها أن وصل قواتي الى منصب النقيب».

 

المسلمون بيضة القبّان

ولأنّ الصراع بين الأحزاب المسيحيّة يبدو محموماً، يكاد حزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي يتحوّلون إلى «بيضة قبّان» في المعركة، مع عدم حسم أي منهم وجهة التحالف بعد. ويتردّد أنّ الثنائي حاسم بعدم إمكانية التقاطع مع القوات في دعم لحود، وهو ما ينسحب على كل حلفائه في السياسة وعلى رأسهم الحزب السوري القومي الاجتماعي. فيما يُرجّح أن تصب أصوات الاشتراكي لمصلحة مرشّح الكتائب، على أن يجري تبادل للأصوات في معركة العضويّة بعد أشهر لمصلحة مرشّح الاشتراكي. وتلفت مصادر مفوضية العدل في الاشتراكي إلى أنّ «نتائج المرحلة الأولى تُحدّد الخيارات على موقع النقيب، وعندها سيُدرس الأمر مع مرشّح الكتائب لاتخاذ القرار النهائي».

 

عروض من القوات لـ«مُداكشة» الأصوات والانقسام الكتائبي مستمر

 

في المقابل، لم تجزم الأحزاب «الإسلامية» إمكانية التنسيق في ما بينها لصبّ الأصوات لمصلحة أحد المرشحين الشيعة للعضويّة: شوقي شريم (مستقل مدعوم من الثنائي ويمتلك حيثيّة وازنة) ووسام عيد (مستقل غير مدعوم حزبياً، لكنه يحظى بقبول أصحاب المكاتب الكبيرة وأكثر من طرف سياسي)، إذ لا وجود لأعضاء شيعة في المجلس الذي كان يضمّ عضواً سنياً هو سعد الدين الخطيب، قبل أن تنضم إليه العضوة الرديفة مايا شهاب إثر استقالة لحود أخيراً من العضوية لخوض معركة النقيب.

وإلى جانب شريم وعيد، ترشّح إلى مركز العضوية اثنان آخران، هما: إيلي إقليموس الذي يحظى بدعمٍ من نقباء سابقين وأصحاب مكاتب محاماة كبيرة (محسوبة بمعظمها على الكتلة الوطنية)، ولبيب حرفوش الذي يحظى بدعم قوى سياسية، وخصوصاً المحسوبة على ما كان يُسمّى بـ«14 آذار».

 

إلى ذلك، يرجّح متابعون أن يتأثر المرشحون للعضويّة بالقرار الذي أصدره مجلس النقابة ومفاده أنه «إذا كان العضوان الخامس والسادس أو أحدهما مرشّحاً لمنصب النقيب، فإن ترشيحه يسقط في الدورة الثانية نتيجة اقتصار عضويته على سنة واحدة، كوْن ولاية النقيب محدّدة بسنتين، وللمحافظة على مبدأ التبديل بثلث الأعضاء وإبقاء عدد الأعضاء مع النقيب 12». وهذا ما سيؤثر على المرشحين المستقلين للعضويّة في عدم قدرة القوى السياسيّة على توزيع أصواتها بين مرشحين اثنين (واحد لمركز النقيب والثاني للعضوية). وعلمت «الأخبار» أن مجموعة من المحامين تدرس إمكانية تقديم طعن بهذا القرار من دون أن تبتّ الأمر بعد.