Site icon IMLebanon

معركة الخيارات السياسية في طرابـــــلس

 

 

قبل عشرين يوماً من فتح الصناديق تبدو معركة طرابلس في أوجها، وتدور على وقع حملات صاخبة، يُتوقع أن ترتفع حدّتُها كلما اقتربت الساعة صفر.

في المرحلة الأولى من الإعداد للمعركة استهلّ تيار «المستقبل» حضوره بتنظيم مهرجان خطابي لإطلاق لائحته تضمّن هجوم الرئيس سعد الحريري، على الرئيس نجيب ميقاتي واللواء أشرف ريفي ولم يتناول فيه اللائحة التي يدعمها النظام السوري وحزب الله، بل ذهب الى التعبئة ضد الحزب والنظام، في محاولة لفرز الصورة الانتخابية الى قسمين. الاول يمثله «المستقبل». والثاني يمثله كل مَن يواجه «المستقبل».

ولم يمرّ كلام الحريري بلا رد، حيث عاجل ريفي التحدّي بالتحدي، وطالب الحريري بترجمة مواقفه في طرابلس وعكار بأخرى متناغمة على طاولة مجلس الوزراء.

أما ميقاتي فقد عاد ودخل الحلبة الانتخابية بمواقف مختلفة ركزت على أنّ طرابلس لأهلها، في اتّهام لـ»المستقبل» بأنه يسعى الى مصادرة قرار المدينة وناخبيها.

قبل عشرين يوماً من 6 أيار، تبدو الصورة أقرب الى الوضوح، لكن من دون حسم أيّ تكهّن حول النتائج، وصحيح أنّ الاسبوع الأخير حاسم في إقناع الفئات المتردّدة أو تلك التي لم تتّخذ قرارَها بعد، إلّا أنّ استنتاجاتٍ أوّلية يمكن تتبُّعها من خلال سير المعركة والحملات الانتخابية، واللقاءات الشعبية التي نظمتها اللوائح، وتتلخص بالآتي:

أولاً: فقد تيار «المستقبل» الاندفاعة التي بدأ بها معركة الشمال ومعركة طرابلس تحديداً، وأظهرت حركته انخفاضاً في الحماسة الشعبية، تجلّى في تنظيم لقاءات شعبية غير ناجحة، وهو ما ترك اكثر من علامة استفهام عن الأسباب، التي قد يرتبط بعضها باستنفاد موجة العطف الشعبي الذي حازه الحريري بعد استقالته، والمفارقة أنّ هذا العطف كان تأييداً للاستقالة، وأنه تلاشى بعد سلسلة المواقف التي اتُّخذت بعد العودة عن الاستقالة، خصوصاً وأنّ وعوداً كثيرة لم يتمّ الإيفاء بها، وأبرزها ما يتعلّق بإقرار قانون العفو قبل الانتخابات، وغيرها من الوعود الإنمائية، وتجمع اوساط مطّلعة على انّ «المستقبل» فقد الدينامية التي بدأ بها المعركة، خصوصاً بعد أن بدأت اللوائح الأخرى بحملاتها.

ثانياً: بدأ ريفي معركته الانتخابية في ظلّ وابلٍ كثيف من الحملات الدعائية، التي وصلت الى الشك بإمكان فوزه بمقعد نيابي واحد، ليتبيّن فيما بعد أنّ حجم المشاركة في لقاءاته الشعبية أعاد الى الذاكرة معركة الانتخابات البلدية، التي فاز بها بمفرده. وأعطت هذه اللقاءات البعد الواقعي لزعامة ريفي في طرابلس التي حافظت على ثباتها، مضافاً اليها عاملٌ مهم متمثل بمشاركة عشرات آلاف الناخبين الجدد الذين أُضيفت اسماؤهم الى جداول الشطب منذ العام 2009 والى اليوم، ويحظى ريفي بنسبة عالية من تأييد هذه الشرائح الشبابية، التي ستصوّت حكماً للائحته وللائحة المجتمع المدني.

ثالثاً: شكّل ميقاتي لائحته التي اختار فيها اسماء مرشحيه بعناية، وهذه اللائحة ستكون الاختبار الاول لميقاتي الذي ترأس حكومة انتخابات 2005، وشارك مع اسمين آخرين في انتخابات 2009 ضمن لائحة 14 آذار، ليعود ويترأس حكومة غالبية «حزب الله» والعماد ميشال عون، وليتصالح مع الحريري ويخوض معه الانتخابات البلدية في طرابلس، فيما هو اليوم يختبر حجمه الصافي، من دون تحالفات، ومن دون الاضطرار الى إطلاق ايّ مواقف سياسية إشكالية، قد تؤثر على هدف المشاركة في تشكيل أو ترؤُس حكومة ما بعد الانتخابات أو ما بعد بعد الانتخابات.

ستكون معركةُ طرابلس من أبرز المعارك المؤثرة ليس فقط لكونها عاصمة الشمال ذات الأكثرية السنّية، بل لأنها معركة اختبار خريطة الأحجام على الساحة السنّية، والأهم أنها معركة استفتاء الناخبين على الخيارات السياسية الكبرى.