لغز كبير اسمه «داعش» – الكثيرون يتساءلون: من أين جاء؟
كيف تكاثر بهذا الحجم الفضفاض؟
كيف انتشر في القارات الخمس، وكيف اجتمع عناصره من تلك القارات؟
«داعش»: الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام – في الانكليزية IS IS.
السؤال: ما علاقة «داعش» بإيران؟
ما علاقة «داعش» بأميركا؟
ما علاقة «داعش» بنوري المالكي؟
وما علاقة «داعش» ببشار الأسد؟
لفهم الحقائق لا بد من العودة الى التاريخ.
«بعد 11 أيلول» الشهير الذي نفذته مجموعة من الشبان بدءًا بتفجير البرجين الشهيرين، ولأوّل مرة يحدث مثل هذا التفجير الكبير في الولايات المتحدة، وفي نيويورك تحديداً.
يومها أعلن الرئيس الأميركي الحرب على «القاعدة» وعلى محور الشر: أفغانستان والعراق وإيران…
بدأت الحرب على «طالبان» في أفغانستان، والغريب العجيب أنّ الطائرات الاميركية كانت تنطلق من مدينة مشهد، كما نشرت صحيفة «الهيرالد تريبيون» صورة للطائرة العملاقة B52 تنطلق من مطار مشهد متجهة الى أفغانستان.
الى ذلك، كانت عائلات أركان «القاعدة» قد استقرت في إيران، وكانت عائلة ابن لادن تتنقل بين طهران ودمشق، وإحدى زوجاته سورية.
والسؤال: كيف تكون إيران في قلب محور الشر، ثم تستخدم اميركا أراضيها لانطلاق طائراتها؟
وكيف إيران تحارب «داعش» وهي كانت مقراً لزعماء وأركان «القاعدة»؟
وفي عودة الى التاريخ، في العام 2000 تحديداً عندما شعر صدام حسين بأنّ واشنطن ترغب في احتلال العراق لجأ الى مجموعة من «القاعدة» فأتى بهم الى العراق (مثال أبو مصعب الزرقاوي وسواه) ليهدّد الاميركيين بأنّهم إذا نفذوا الغزو فسيواجهون «القاعدة» ويغرقون في مستنقع قذر.
وعندما حدث الغزو في 2003 فر الزرقاوي من العراق الى سوريا…
بشّار الأسد بدوره سيّر العمليات الإرهابية ضد الاميركيين في العراق وبدأ يرسل السيارات المفخخة اليها لدرجة أنّ نوري المالكي لوّح بأن يشكو سوريا الى الأمم المتحدة.. فتدخلت إيران لوقف المالكي كي لا يتابع الشكوى، وذلك حرصاً من إيران على بشار.
واستمرت العمليات الإرهابية ضد الاميركيين بتوجيه من المالكي وبشار وبإشراف إيران.
الى ذلك، أطلق المالكي وبشّار من سجون البلدين المتطرفين ووجّهوهم لمحاربة الوجود الاميركي في العراق.
البيئة الحاضنة
ولا شك في أنّ القضية المحورية التي هي فلسطين والإحتلال الاسرائيلي وتشريد شعب فلسطين والتنكيل به يومياً… هذا كله خلق بيئة حاضنة تحت ستار الجهاد… بعدما فُقدت الثقة بالأنظمة وقدرتها على تحرير فلسطين، فصار الأمل معقوداً على المتطرفين تحت شعارات مختلفة.
دور ولاية الفقيه
وجد الاميركيون أنّ أفضل طريقة لراحة إسرائيل هي بخلق فتنة سنّية – شيعية.
من أجل هذا الهدف جاءوا بآية الله الخميني من فرنسا الى إيران وبمشروع ولاية الفقيه ومخطط الفتنة الكبرى في المنطقة.
والغزو الاميركي للعراق استفادت منه إسرائيل أولاً التي ارتاحت من الجيش العراقي الذي دفع ثمن عدم سقوط دمشق في حرب 1973.
وكان أوّل عمل نفذته أميركا في العراق حلّ الجيش العراقي وتسريح مليون ضابط وعسكري متروكين لمصيرهم… فاختل الامن في العراق الى حد الفلتان.
والمستفيد الثاني إيران التي وجدت في ذلك كله فرصة سانحة للإنتقام من العراق لسببين:
الأول- إيران تعتبر أنّ سقوط الامبراطورية الفارسية هو بسبب الإسلام.
الثاني- يعتبر الايرانيون أنّ صدّام أعلن عليهم الحرب وجاء الوقت للإنتقام من العراق الذي أصبح تحت السيطرة الإيرانية، والدليل الأكبر على ذلك أنّ الاميركي ادعى أنّه جاء الى العراق لتحقيق الديموقراطية… فكانت انتخابات أسفرت عن كتلة نيابية كبرى لمصلحة أياد علاوي في رئاسة الوزارة، فتواطأ الاميركي والإيراني على إبعاده والمجيء بنوري المالكي الذي حقق لهم أهدافهم: ضرب أهل السُنّة… ومن خلاله تقسيم العراق الى ثلاث دويلات.
وإلى ذلك، شهد عهد المالكي الفساد الكبير ونهب ثروة العراق الكبرى.
وقد حقق المالكي ثروة بالمليارات كما اكتشفت حكومة العبادي الحالية أنّ المالكي كان يقبض مرتبات 50 ألف رجل أمن غير موجودين.
ثم كان تزويد سوريا بالنفط ومشتقاته، وإعطاء النظام السوري أموالاً لشراء معدات عسكرية ليقتل بها شعبه ويكمل الهلال الشيعي الذي كان عاهل الأردن عبدالله الحسين أوّل من تحدّث عنه.
وهدف آخر أيضاً هو تحقيق حلم الدولة الايرانية وتخصيص 17٪ من موازنة العراق لها.
الموصل
من هنا نجد أنّه منذ بداية الحرب السورية أخذت تتجمّع، عن طريق تركيا، عناصر المتطرفين الذين جاءوا في سبيل الجهاد، والبيئة الحاضنة موجودة وعنوانها الإقتتال السنّي – الشيعي.
وهذا الذي أدّى الى سقوط الموصل بسهولة، لأنّ البيئة الحاضنة في الموصل كانت مهيّأة لهكذا أحداث بسبب تنكيل حكومة المالكي بأهل السُنّة.
وفي سوريا حدث أمر مماثل، وأعلن «داعش» دولته التي تضم قسماً كبيراً من سوريا وآخر من العراق.
»داعش» يسيطر على نصف سوريا
كيف استطاع «داعش» أن يصل الى السيطرة على نصف سوريا؟
1- بسبب البيئة الحاضنة.
2- منابع النفط.
3- المكاسب التي حققوها في الموصل حيث وضعوا يدهم على 500 مليون دولار إضافة الى سيطرتهم على منابع النفط العراقية، هذا النفط الذي يبيعونه من البلدان العربية من خلال تركيا.
عملية القطيف
أخيراً العملية في القطيف (تفجير الجامع) هي رسالة موجهة الى طهران، وهذه مجرد بداية وكأنها تقول لإيران: إنّ سياستكم وتصرفاتكم ستنتهي بالقضاء على الشيعة في العالم.
المثل الشهير المعروف «بعد خراب البصرة»، ونقول لإيران: إنّ مشروعكم لن يفتت العالم العربي وحده، بل سيقضي على إيران التي سيكون نصيبها من التفتيت كبيراً.
إنّ الفرصة الأخيرة لإيران لا تزال قائمة كي تعيد حساباتها وتعرف أنّ هذا المشروع (الهلال الشيعي والسيطرة على العواصم العربية والذي أسقطته السعودية من خلال «عاصفة الحزم») هذا المشروع سينقلب على إيران ذاتها… مذكرين خامنئي بقوله الشهير: «إذا سقطت دمشق، ستسقط طهران».
ولسنا نرى بداً من أن نقول: الله يستر لبنان.
عوني الكعكي