Site icon IMLebanon

تاريخ العمل البلدي في بيروت (٢)

 

في نهاية العهد العثماني قسِّمت بيروت دائرتين قبل الإستدراك بأهمية إبقائها موحدة

 

بعد إستقالة محيي الدين آغا بن عبد الفتاح حمادة، أعيد تعيين محيي الدين عمر بيهم العيتاني رئيساً للبلدية سنة 1888، الذي ما لبث أن إستقال إحتجاجاً على رفض التعويض على أصحاب الحقوق المتضررين جراء هدم سوق «الفشخة»، فضلاً عن رفضه لما كان يقوم به أعضاء من المجلس البلدي بفرض رسوم جائرة على الفقراء، فتنحى عن منصبه، وقام بالتعويض على الفقراء الذين غرموا من جيبه الخاص الخاص، سنداً إلى كشف طلبه من أمين صندوق البلدية.

وعقب إستقالة بيهم أعيد إنتخاب حمادة مجدداً سنة 1899، ومن ومن أهم إنجازاته ترتيب ساحة «السور» (رياض الصلح)، وتوسيع الطرق ورشها بالماء، وتبليط سوق الخضار، والإهتمام بالنظافة العامة. وعهد إليه الإشراف على بناء السرايا الجديدة التي عرفت فيما بعد بالسرايا الصغير الشمالي ساحة الشهداء، (بني على أنقاضها في وقت لاحق مبنى «الريفولي»)، وتولى هندسة السرايا مهندس البلدية بشارة أفندي أفتينوس، وتم الانتهاء من تشييده وتدشينه في كانون الأول 1804.

 

أثناء رئاسته مجلس بلدية بيروت أدخل حمادة تحسينات عدة على الطرق وخاصة تلك المتصلة بساحة «البرج»، حيث شرع بتوسيعها وجعل ممر الدواب في وسطها وممر للناس في جانبيها، كما حسن الطريق الممتدة من «باب إدريس» حتى المرفأ، إضافة إلى شق طريق بين «السمطية» ورأس بيروت. وأبرز ما ميز عهد حمادة المباشرة بتوسع «سوق الفشخة» («الشارع الجديد»، وفيما بعد «شارع ويغان»)،نظراً لأهميته وحيويته التجارية، فتم تعيين لجنة تخمين الأراضي والمخازن، إختلفت فيما بعد مع المالكين، مما دفع حمادة إلى الاستقالة من رئاسة البلدية.

‏وفي سنة 1892 إختير محمد عبدالله بيهم العيتاني رئيساً للبلدية، وهو المشهور بكرمه وتشجيعه للعلم وفتح المدارس، فأتم مشروع توسيع طريق «سوق الفشخة» بعد إعادة تشكيل لجنة جديدة للتخمين برئاسة مفتي بيروت عبد الباسط فاخوري. وتم مباشرة العمل في الطريق المذكور في أيار سنة 1894، فأقيم إحتفال كبير وحاشد تحدث فيه رئيس البلدية والمطرانان يوسف الدبس وانطوان قندلفت.

‏وعلى الرغم من إنطلاق أعمال توسيع «سوق الفشخة» العام 1884 إلا أن الاشغال توقفت بضع سنوات بسبب الخلاف على التعويضات، وبالتالي تركيب سكة حديد «الترامواي» إلى أنجز سنة 1907 وأصبح «الشارع الجديد» ليمتد من «باب السرايا» إلى «باب إدريس». وخلال توليه رئاسة البلدية شق بيهم طريق «الدباغة» من «باب السرايا» (جامع الأمير عساف) وصولاً إلى ساحة المرفأ بجوار القلعة البحرية القديمة.‏وقد تكفلت بلدية بيروت وشركة المرفأ آنذاك بتغطية كلفة الطريق.

بعد ذلك تولى عبد القادر القباني رئاسة البلدية سنة 1898 وجرى في أيامه تدشين برج الساعة ساحة «القشلة» (السرايا الكبيرة) وتدشين «السبيل الحميدي» في ساحة «السور» في أيلول من العام 1900،والذي أنشئ بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لجلوس السلطان عبد الحميد، كما تم تدشين المستشفى البلدي في محلة «زقاق البلاط».

ولما جاء العام 1906 انتخب عبد القادر الدنا رئيساً للمجلس البلدي، وفي عهده إحتفل في أيلول من العام 1907 بتدشين «مدرسة الفنون والمهن (الصنايع) التي سميت «مكتب التجارة الصنائع الحميدي» وخص جزء منها للحديقة التي أنشأت في ما بعد وأطلق عليها إسم «حديقة الصنائع» (رينيه معوض حالياً).

‏بعد الانقلاب العثماني على السلطان عبد الحميد سنة 1908، عزل عبد القادر الدنا وكلف لي فحمد إياس بالوكالة البلدية الذي ما لبث ان استقال استقالة بعد مدة قصيرة. وعقب استقالة أياس عين سليم علي سلام «أبو علي» رئيساً للبلدية حتى سنة 1909 1000 وعمد أبو علي سلام إلى تحضير الانتخابات البلدية وإنجازها سنة 1909، حيث فاز برئاستها منيح رمضان، إلا أن الوالي أمر بتقسيم البلدية إلى دائرتين، ترأس الأولى رمضان نفسه والثانية بطرس داغر، غير أن الوالي عاد واستدرك أهمية وضرورة إبقاء بلدية بيروت واحدة موحدة، فبادر إلى توحيد الدائريين، وكانت الرئاسة من نصيب منيح رمضان، الذي أعيد إنتخابه في العام 1913، وذلك تأكيداً على صيغة العيش المشترك بين أبناء المدينة الواحدة.

-يتبع: البلدية في عهد الإنتداب.