ليست المرة الاولى التي يدعو الرئيس نبيه نبيه بري الى الحوار لمعالجة ملفات اساسية وحساسة. لكن في كلمته بالذكرى الـ47 لتغييب الامام السيد موسى الصدر جاءت دعوته الى الحوار التوافقي حول موضوع حصر السلاح في اطار استراتيجية امن وطني لتصويب مسار قرارات الحكومة في جلستي 5 و7 آب، والسعي الجاد الى تفاهم حول هذا الملف الدقيق والحساس .
تكلم الرئيس بري، كما فعل في كل المراحل، كرجل دولة سعى ويسعى الى التعامل مع الاستحقاقات والازمات بروح المسؤولية الوطنية وبروح الدستور اللبناني المبني على التوافق والتفاهم لا على التفرد والتحدي .
ورغم تعاطي البعض مع مثل هذه المبادرات على “طريقة عنزة لو طارات”، لا يختلف اثنان على الموقف المعتدل الذي اتسمت به كلمته، وعلى انه يفترض ان تلاقي مبادرته مواقف ايجابية من الجميع لا سيما من داخل الحكومة .
وفي ضوء هذه الكلمة التي وجهها الرئيس بري قبل ايام قليلة من جلسة مجلس الوزراء المقررة يوم الجمعة المقبل لمناقشة خطة الجيش حول حصر السلاح، يطرح السؤال حول اجواء هذه الجلسة ونتائجها وتداعياتها .
للاجابة على هذا السؤال لا بد من رصد المواقف والاجواء التي سبقت الجلسة. وفي هذا المجال تؤكد مصادر سياسية مطلعة ان الورقة الاميركية، التي سبق وتبنتها الحكومة اللبنانية بسرعة فائقة، صارت ساقطة بعد ان دفنتها “اسرائيل” بالتعاون والتكافل مع الاميركي نفسه .
ورغم التصريح التجميلي للرئيس نواف سلام واصراره على انكار الواقع الذي انتهت اليه الورقة المذكورة بتأكيد الالتزام ببنودها، ترى المصادر ان الحكومة في جلستها يوم الجمعة مدعوة لمناقشة خطة الجيش في ضوء فشل زيارة الموفد الاميركي توم باراك الاخيرة، وبالتالي التوقف عن مسلسل تقديم التنازلات المجانية لواشنطن وتل ابيب .
وتقول المصادر “صار مؤكدا ان الحكومة اللبنانية استعجلت كثيرا في تبني ورقة باراك التي تخلى عنها الاميركيون انفسهم بعد ان اطاحها رئيس وزراء العدو نتنياهو، وانها مدعوة يوم الجمعة الى عدم تكرار خطأها بتقديم خطة حصر السلاح بروزنامة زمنية الى الاميركي والاسرائيلي مجانا”.
واليوم فرضت مبادرة الرئيس بري للحوار التوافقي نفسها بقوة على الاتصالات والمداولات الناشطة قبل جلسة الجمعة، لكن مواقف واجواء الاغلبية في مجلس الوزراء حتى الان تبدو ضبابية وباردة، على حد مصدر نيابي مطلع .
وامس اجتمع رئيسا الجمهورية والحكومة في بعبدا وناقشا الوضع قبل جلسة الجمعة والتحضير لها لا سيما بعد الموقف الذي صدر عن الرئيس بري في ذكرى الامام الصدر. ولم يصدر عن الاجتماع اي معلومات بشأنها، ربما لافساح المجال اما الاتصالات لتفادي الاسوأ، او حرصا على عدم صدور موقف مستعجل يحسب على انه رد على مبادرة بري .
وتتوقف الاوساط المراقبة عند الاجواء والمواقف التي سجلت قبل وبعد كلمة الرئيس بري، مشيرة الى ان هناك شيئا من التباين داخل مجلس الوزراء، غير موقف وزراء الثنائي الشيعي المعروف، حول كيفية التعاطي ومناقشة تقرير خطة الجيش حول جمع السلاح في جلسة الجمعة .
وتشير الاوساط، استنادا الى المواقف المعلنة والاجواء التي سربت مؤخرا، الى ان الرئيس سلام يريد التعاطي مع جلسة الجمعة كما جرى في جلستي 5، و7 آب، وكأن شيئا لم يكن، ودون الاخذ بعين الاعتبار حساسية الوضع والنتائج السلبية الناجمة عن زيارة باراك الاخيرة .
وتضيف بان هناك فريقا وزاريا متشددا تقوده “القوات اللبنانية” يدفع باتجاه اتخاذ قرار حازم لتنفيذ خطة نزع سلاح حزب الله قبل نهاية العام الحالي دون الاخذ بعين الاعتبار موقف الثنائي الشيعي .
وتشير الاوساط الى ان هناك فريقا معتدلا مثل نائب رئيس الحكومة طارق متري ووزراء اللقاء الديموقراطي وبعض الوزراء المحسوبين على الرئيس عون يرغبون في ان تناقش خطة حصر السلاح بروح حوارية وانفتاح مع وزراء امل وحزب الله داخل مجلس الوزراء وليس خارجه، والتوصل الى تفاهم حول خطة حصر السلاح بيد الدولة بمرونة ومن دون تداعيات تهدد الاستقرار والسلم الاهلي. واضاف وقبل ثلاثة ايام من موعد الجلسة صار شبه مؤكد حتى الان ان وزراء الثنائى الشيعي سيشاركون فيها لمناقشة خطة الجيش. وقد اعلن وزير المال ياسين جابر في حديث لقناة الحدث السعودية امس انه سيحضر الجلسة. واشار زميله الوزير فادي مكي الى ان وزراء الثنائي سيشاركون فيها .
وعن احتمال خروجهم من الجلسة كما حصل في 5 و7 آب، قال “لكل حادث حديث”.
ولا تستبعد مصادر مطلعة ان يتكرر سيناريو ما حصل في جلستي 5 و7 آب في جلسة الجمعة، مشيرة في الوقت نفسه الى ان هناك حديثا احتمال انتهاء الجلسة المذكورة من دون اتخاذ قرار حازم، واستئناف النقاش في جلسة لاحقة الاسبوع المقبل، مع العلم ان هناك ضغوطا اميركية لاستعجال اقرار الحكومة خطة تنفيذ حصر السلاح (والمقصود نزع سلاح حزب الله) في جلسة الجمعة .
وحول ردود الفعل المحتملة من قبل ثنائي امل وحزب الله، تقول مصادر مطلعة ان فكرة اللجوء الى الشارع تراجعت لكنها لم تسقط من الحسابات، مشيرة الى انه بانتظار الاتصالات الجارية واجواء جلسة مجلس الوزراء وما ستنتهي اليه من الصعب اعطاء جواب حاسم عن هذا السؤال.