Site icon IMLebanon

بين هيلاري وديلما والمرشحات اللبنانيات إلى المجالس البلدية

في وقت تخوض هيلاري كلينتون، المرشحة الديموقراطية لرئاسة أقوى دولة في العالم، معركتها الانتخابية الرئاسية، منطلقةً كجلمود صخر حطّه السيل من علِ، جارفة معها الحزب الجمهوري بأمّه وأبيه، كما فعلت من قبل بمعارضيها في الحزب الديموقراطي، تفرح المرشحات اللبنانيات للمجالس البلدية بصورهنّ تملأ الشوارع وصفحات الفايسبوك، ببذلاتهنّ الرسمية وشعورهنّ المشغولة وماكياجاتهنّ المثالية، كإنجاز ما بعده إنجاز، بغضّ النظر عن فوزهنّ أو عدمه.

لا شكّ في أن هناك تطوّراً ملحوظاً في مشاركة النساء في الانتخابات البلدية الأخيرة، انتخاباً وترشيحاً، على رغم أن حصاد المقاعد النسائية في المجالس البلدية لم يكن كبيراً، ولا يقارن بما فاز به الرجال. وقد يعود ذلك إلى عوامل عدّة، منها افتقار المرأة إلى شبكة علاقات اجتماعية وإعلامية لإيصال صوتها وأفكارها الى مجتمعها، وجدّتها في العمل السياسي والشأن العام وخبرتها المتواضعة في هذين المجالين، وإصرار العائلات والأحزاب على تمثّلهنّ بالعنصر الذكوري، وتعامل الناخبين ورؤساء اللوائح مع المرأة المرشحة على أنها «هذا المخلوق العجيب» المفروض عليهم لإظهار الوجه الحضاري والديموقراطي للانتخابات، أي «لزوم ما لا يلزم» في اللائحة الذكورية الصِرفة. وما يهمّ في كلّ هذا هو خوض غالبية النساء معاركهنّ الانتخابية كأنهنّ ضيفات لذيذات خفيفات الحضور، لا رأس حربة وواجهة لمعركة ضروس.

قد تكون مسيرة ديلما روسيف، رئيسة البرازيل التي أقيلت قبل أسابيع بتهمة التلاعب بأموال الدولة، والانتصارات السياسية التي حققتها، كما الهزائم، مثالاً للمساواة النسائية في المجال السياسي، وصورة عمّا يجب أن تتحلّى به المرأة اللبنانية من شجاعة وإصرار ومسؤولية في تحمّل الحلو والمرّ في السياسة.

وصلت ديلما إلى سدّة الرئاسة عام ٢٠١١، بعد نضال طويل في صفوف حزب العمال اليساري. وقفت في شبابها ضد سياسة القمع التي انتهجها الحكم آنذاك، وأمضت ثلاث سنوات من حياتها في السجن، قبل أن تستعيد حريتها عام ١٩٧٢. ناهضت الديكتاتورية حتى انهيار نظامها، وكانت عماد الدولة الديموقراطية التي قامت على أنقاضها. شغلت مناصب حكومية عدّة، إلى أن انتخبت رئيسة للبلاد. لم تنسَ روسيف أنها امرأة، ولم تحبس دموعها خلال الكلمة التي ألقتها في إطلاق تقرير عن ضحايا الجرائم التي حصلت خلال الحكم الديكتاتوري في البرازيل، كذلك بكت ضحايا غزّة وسحبت سفير بلادها من إسرائيل. وها هي تلملم هزيمة إقالتها لتنهض من جديد.

الكوتا النسائية حصّة تقدّر بالثلث، أيّ ٣٣ في المئة، وهي ضرورية لزجّ المرأة في غمار السياسة اللبنانية، غصباً عن الرافضين والمتأخرين والمراوغين، وحتى غصباً عنها… فتسلك طرق العمل السياسي وتدخل امتحاناته، وتتذوّق انتصاراتها، وتفرح لإنجازاتها، وتتعلّم من هزائمها. وتكون بداية طريق إلى مشاركة حقيقية. الكوتا أولاً، وقبل الاستحقاق النيابي المقبل، كي نتجنّب مجلساً ذكورياً مشوباً بحضور نسائي ضعيف.