Site icon IMLebanon

بين نظريتي «التعليمات السعودية» «والدفاع عن النفس» تصعيد كبير!

عادت في الأيام القليلة الماضية لغة التراشق الإعلامي الحاد إلى لبنان، مع بروز التصعيد الواضح في خطابات ومواقف مسؤولي كل من «تيّار المُستقبل» وحزب «القوّات اللبنانيّة» إزاء «حزب الله»، في مُقابل تصعيد مُواز من قبل قوى سياسيّة وشخصيّات إعلامية محسوبة على «محور المُقاومة»، على كل من «المُستقبل» و«القوّات»، مع بروز عدم دخول «حزب الله» فيه. فما الذي يحدث؟

بحسب مصادر سياسيّة قريبة من قوى «8 آذار»، إنّ الرسائل السُعوديّة العلنيّة الأخيرة التي دعت إلى الإختيار بين الإصطفاف إلى جانب «حزب الله» أو ضدّه، ترافقت مع لقاءات وإتصالات سُعودية مع عدد من المسؤولين في «المُستقبل» و«القوّات» وفي قوى «14 آذار» السابقة، منها خرجت إلى الإعلام ومنها بقيت بعيدة عن الأضواء، وتضمّنت دعوات صريحة ومُباشرة إلى العودة إلى اللغّة المُتشدّدة إزاء «حزب الله». وحملت هذه الرسائل – بحسب المصادر نفسها، تحذيرات من أنّ مُواصلة سياسة المُهادنة الأخيرة نحو «الحزب» سيُؤدّي إلى توسيع قبضته أكثر فأكثر على مفاصل السُلطة، وسيدفع بالحُكم اللبناني إلى أحضان النظام السوري مُجدّدًا، تحت عناوين حياتيّة وإقتصاديّة وزراعيّة وغيرها. وتابعت المصادر نفسها أنّ الرسائل السعوديّة إلى قيادات قوى «14 آذار» السابقة شدّدت على أنّ المرحلة الحالية هي الأخطر، لأنّه في الأشهر القليلة المُقبلة سيتحدّد مصير أكثر من ملفّ إقليمي عالق منذ سنوات، ما يَستوجب الجُهوزيّة التامة للتصدّي لمحاولات «الحزب» تحويل ما وصفته هذه الرسائل بالتغييرات الميدانية الجزئيّة في سوريا، إلى إنتصارات سياسيّة كاملة على الساحة اللبنانيّة. وكشفت المصادر السياسيّة القريبة من قوى «8 آذار» أنّ «حزب الله» لن ينزلق إلى الجدل السياسي والإعلامي الحالي، ولن يردّ إلا بما هو مُقتضب وعند الضرورة القُصوى، وذلك لأنّ الهدف من الحملات المُتجدّدة على «الحزب» يتمثّل بإعادة شدّ عصب جُمهور قوى «14 آذار» التي تفرّقت أحزابًا وجماعات مُتباعدة ومُتنافسة، و«الحزب» لن يُشارك بالتأكيد في عمليّة إعادة لمّ شمل هذه القوى، ولا في إعادة توحيدها تحت عنواني مُعاداة «حزب الله» والنظام السوري!

في المُقابل، وبحسب مصادر سياسيّة قريبة من تحالف قوى «14 آذار» السابق، لا علاقة للملكة العربيّة السعوديّة بالتصعيد السياسي والإعلامي الأخير من قبل بعض الجهات السياسيّة ضُدّ «حزب الله»، مُعتبرة أنّ الإتهامات بتلقّي رسائل وتعليمات وحتى أوامر بالتصعيد من الجانب السعودي هي فبركات إعلاميّة تدخل في إطار الحرب النفسيّة. ولفتت المصادر نفسها إلى أنّ «تيّار المُستقبل» عاد إلى اللغة التصعيديّة ضُد «الحزب» في إطار حقّه المَشروع بالدفاع عن النفس، وبخاصة ردًّا على مُحاولات تحميل قيادات «المُستقبل» مسؤوليّة وفاة العسكريّين المخطوفين على يد تنظيم «داعش» الإرهابي، والسعي إلى مُحاكمة بعض الشخصيّات المُنتمية إلى «التيار» أو المُقرّبة منه. وإذ ذكّرت بأنّ جلسات الحوار الثنائي بين «تيّار المُستقبل» و«حزب الله» مُتوقّفة منذ أشهر، أوضحت هذه المصادر أنّ ما يجمع «المُستقبل» و«الحزب» يتمثّل في المُشاركة في إدارة الحُكم في لبنان وفي الحفاظ على الإستقرار الداخلي، مُحذّرة من أنّه عندما يُصبح الكلام عن تغيير الحكومة وعن إزاحة الرئيس سعد الحريري مُجدّدًا عن الحُكم مُباحًا، فإنّ «المُستقبل» لن يبقى صامتًا أو يقف مكتوف الأيدي، لأنّ الحُكومة خط أحمر تمامًا كموقع رئاستها. ولفتت المصادر السياسيّة القريبة من تحالف قوى «14 آذار» السابق إلى أنّ عودة «القوات» إلى التصعيد السياسي والإعلامي ضُد «حزب الله» جاءت بعد تفسير التهدئة التي قامت بها «القوّات» في الأشهر القليلة الماضية في غير معناها الحقيقي، حيث رأى فيها البعض ضُعفًا وتراجعًا عن إلتزامات وتموضعات سياسيّة واضحة، بينما كانت تهدف في الواقع إلى تأمين إنطلاقة هادئة للعهد الرئاسي الجديد لا أكثر.

أوساط سياسيّة مُستقلّة توقّعت من جهتها أنّ يشهد لبنان تصعيدًا في المواقف الإعلاميّة وفي الخطاب السياسي العام في الأسابيع والأشهر القليلة المُقبلة، وُصولاً حتى موعد إجراء الإنتخابات النيابيّة المقبلة في أيّار 2018 ? كما هو مُفترض. وقالت إنّ هذا الأمر هو جزء من حملات إستنهاض الكوادر والتحفيز على التصويت، ودرجة إحتدامه ستكون مُرتبطة بشكل كامل بالتحالفات الإنتخابية التي ستنشأ، بحيث ستزداد الأمور حدّة في حال كانت التحالفات الإنتخابيّة ستنطلق من قواعد تحالفات قوى «8 و14 آذار» السابقة، والعكس صحيح. وختمت الأوساط نفسها أنّ سقف هذا التصعيد الحالي والمُرشّح للتصاعد في المُستقبل سيبقى مضبوطًا، حيث أنّ مفاعيل التسوية التي أتت بالحكومة الحالية لا تزال سارية المفعول، وهي لن تنته إلا عند صُدور نتائج الإنتخابات النيابية المُقبلة التي ستُعيد خلط الكثير من الأوراق والتوازنات الداخليّة.

 ل، وهي لن تنته إلا عند صُدور نتائج الإنتخابات النيابية المُقبلة التي ستُعيد خلط الكثير من الأوراق والتوازنات الداخليّة.