Site icon IMLebanon

ضغوط بكركي ووحدة الموقف المسيحي ومُؤازرة حزب الله طيّرت التعيين 

 

لا يختلف إثنان على ان الإتفاق المسيحي الأول من نوعه من فترة طويلة، أعاد خلط الأوراق السياسية في ملف الحاكمية والاستحقاق الرئاسي، وصار واضحا اتفاق القيادات المسيحية تقريبا على كل الملفات الخلافية، من رفض تولي حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئاسة الجمهورية، ورفض تعيين حاكم لمصرف لبنان وتوافق على ان يستلم نائب الحاكم مهام الحاكمية وفقا للقانون . ففي الملف الرئاسي فعل تقاطع «التيار الوطني الحر» والمعارضة فعله «وحصن» البيت المسيحي في الملف الرئاسي، ومنع الفريق الآخر من فرض مرشحه الرئاسي، الجبهة المسيحية نفسها المدعومة بالضغط الذي مارسه الكاردينال مار بشارة الراعي برفضه تشريع الضرورة والتعيينات في غياب رئيس للجمهورية، كلها عوامل أجبرت رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي على التراجع عن خطوة التعيين في حاكمية مصرف لبنان .

 

إنجازات عديدة حققها التضامن والتكاتف المسيحي رئاسيا، ومع ان السبب الأساسي لإتفاق المعارضة مع «الوطني الحر» يعود بالدرجة الأولى الى المرشح سليمان فرنجية، الا ان هذا التقاطع حقق مبتغاه، على الرغم من ان أهداف الكتل المسيحية تقاطعت عند هدف إسقاط فرنجية، ومنعه من الوصول الى قصر بعبدا، حيث لكل فريق مقاربته السياسية. فحزب «القوات» يصر على ان لا خلاف شخصيا مع رئيس «تيار المردة»، لكن قرار عدم انتخابه سببه ان فرنجية من المنظومة السياسية السابقة، فيما تختلف دوافع «التيار الوطني الحر» الذي كان شريكا للطبقة السياسية، عن دوافع القوات.

 

في المحصلة، فان المعارضة نجحت بضم رئيس «التيار الوطني الحر» الى صفوفها للسير بالمرشح جهاد أزعور، مع العلم ان هذا التقاطع لم يبن على قاعدة صلبة بل على مصالح مشتركة. مع ذلك ليس صحيحا ان القوى المسيحية لم تتفق على فرنجية فقط بسبب انتمائه الى محور سياسي، بقدر ما جاء تجمع الكتل المسيحية لحسابات سياسية مختلفة، ولكنها جميعها تتفق على ان الوضع المسيحي ليس بخير ، فلا أحد من الأطراف المسيحية يقبل، في ظل عدم انتخاب رئيس للجمهورية بإستمرار التهميش المسيحي، بأن تقوم حكومة تصريف الأعمال بمهام رئيس للجمهورية.

 

يتساءل المنتقدون لتحالف الكتل المسيحية عما يجمع هذه القوى المتشرذمة من وقت بعيد، مع التشكيك بمشاركة التيار في الحوار الذي يتم التحضير، واحتمال تكويعة محتملة في المستقبل للتيار رئاسيا. والسؤال عن التوافق الرئاسي المشبوه الحاصل اليوم، كما يقول منتقدوه، فرئيس «القوات» ورئيس «الكتائب» لم يتفقا يوما مع رئيس التيار، وأجمعا ان عهد الرئيس ميشال عون أوصل لبنان الى جهنم، فيما نواب «التغيير» لم يسقطوا شعارات «الثورة» ضد باسيل والمطالبة بمحاسبته، ويلتقون معه اليوم حول مرشح رئاسي. والسؤال الأساسي حول سر الإتفاق المسيحي على مرشح رئاسي كان وزيرا للمالية في حكومة سابقة، ومع ذلك فإن التوافق المسيحي أكسب المسيحيين نقاط رابحة، فعطل مصادرة القرار المسيحي وتسلل حكومة تصريف الأعمال الى صلاحيات الحكومة.

 

حزب الله يقيم توازنا وسط العواصف السياسية والتجاذبات، فلا يريد الانجرار في طروحات تستفز المسيحيين، على الرغم من تمسكه بمرشحه الرئاسي، إلا ان الحزب رفض تعيين حاكم للمصرف المركزي والتمديد لرياض سلامة، بالذهاب الى معادلات أخرى تتعلق بدور المقاومة وسعيه في مسألة الخيمتين الى فرض التراجع «الإسرائيلي» عن ضم الغجر.