Site icon IMLebanon

“اللقاء المسيحيّ” على السّكة وتحذير من إنقاذ “الحزب”

 

عند كلّ أزمة وطنية أو سياسية أو خلاف بين الأحزاب المسيحية، تُطالَب بكركي بالتدخُّل والعمل على جمع المتخاصمين، لا سيما المسيحيين منهم. لكن التجارب السابقة الفاشلة في إنتاج حلول عبر طاولات الحوار تجعل البطريركية المارونية تتريّث قبل الدخول إلى هذا المضمار مجدداً. لذلك، إضافةً إلى معارضة البعض للحوار المسيحي – المسيحي في الموضوع الرئاسي، آثرت بكركي عدم دعوة الأقطاب الموارنة إلى الاجتماع للتوصُّل إلى اتفاق، على غرار الاتفاق الرئاسي عام 2015.

 

في هذه المرحلة من الفراغ الرئاسي، استعاض البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عن طاولة الحوار بعقد لقاءات تشاورية انفرادية مع القادة الموارنة وغيرهم من الشخصيات والأحزاب، للتوصُل إلى مقاربة رئاسية تنتج رئيساً وفق الآليات الدستورية والانتخابية. لكن، بعد ثلاثة أشهر على الشغور، ائتمن رؤساء الطوائف المسيحية وممثلوهم في لبنان، إثر لقائهم في بكركي، الأربعاء الفائت، الراعي، على «دعوة النواب المسيحيين إلى اللقاء في بكركي، وحضّهم على المبادرة معاً، ومع النواب المسلمين، سريعاً، لانتخاب رئيسٍ للجمهورية».

 

على الأثر، وُضع البحث في هذا اللقاء على السكة، وتواصل المطران بولس صياح مع قيادات مسيحية لـ»استمزاج» الآراء حيال هذا اللقاء، بحسب ما تفيد مصادر مطّلعة. وإذ تشير مصادر نيابية مسيحية، إلى أنّ هذا اللقاء قد يُعقد خلال الأسبوع المقبل، تفيد معلومات أنّ هذا الموعد لم يُحسم بعد، علماً أنّ الراعي يتمنّى عقده اليوم قبل الغد ويعمل على ذلك. وعلى رغم أنّ بكركي تدرك أنّ هذا اللقاء لن يوصل إلى اسم الرئيس المُنتظر، إلّا أنّها ستطرح الأمور مباشرةً وبصراحة، وستخاطب كلّ نائب ينتمي إلى كتلة تعطّل الاستحقاق، وتحمّله مسؤوليته التاريخية، فهو مُنتخب من الشعب لكي يمثّله ويقوم بدوره وواجباته الدستورية، وليس لكي يعطّل الانتخاب ونصاب الجلسات. كذلك يعتبر الراعي أنّ كلّ نائب يمكنه أن يؤدّي دوره ويضغط على كتلته لكي توقف مسلسل التعطيل. وإذ لم تحدّد بكركي الإطار النهائي لشكل اللقاء، إلّا أنّه متى عُقد سيكون «شبه استدعاء للنواب لوعظهم».

 

على المستوى النيابي، سبق أن شُكّلت لجنة منبثقة عن «اللقاء الماروني» الموسّع الذي عُقد في بكركي في 16 كانون الثاني 2019. لكنّ أيّاً من الخطوات التنفيذية في أي ملف لم تنتج عن اجتماعات هذه اللجنة. لذلك لا يُعوّل البعض على أي نتائج من الحوار رئاسياً إذا عُقد. وعلى مستوى المشاركة في هذا اللقاء، كان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل أوّل من سارع إلى الترحيب في «تغريدة» ببيان القمة الروحية. وسيشارك نواب «التيار» في أي لقاء في بكركي، مهما كان شكله، و»سنقول ما لدينا».

 

كذلك على مستوى الكتل المسيحية الكبرى والأساسية، لن يرفض «المرده» وحزب «الكتائب اللبنانية» دعوة بكركي إلى لقاء. أمّا حزب «القوات اللبنانية»، وعلى رغم تقديره للقمة الروحية، وبمعزل عن قراره بالمشاركة أو عدمه، والذي سيتّخذه عندما تُوجّه بكركي دعوة رسمية إليه، إلّا أنّ له وجهة نظر محتلفة بالنسبة إلى أي لقاء أو حوار رئاسي، انطلاقاً من أسباب موجبة أساسية تتعلّق بالتزام الدستور والآلية الانتخابية وأنّ الخلاف ليس مسيحياً – إسلامياً، وأنّ معطّل الاستحقاق الرئاسي هو فريق «حزب الله» وحلفائه ومن بينهم المسيحيون، كذلك انطلاقاً من حرص «القوات» على عدم ضرب دور بكركي أو إظهارها أنّها فشلت في التوصُّل إلى حلّ رئاسي مسيحياً. هذا في حين أنّ التداول بين «القوات» وبكركي مفتوح، إن عبر الاتصال الدائم بين رئيس الحزب سمير جعجع والبطريرك أو عبر اللقاءات بين موفدي جعجع والراعي، المُعلنة والبعيدة من الأضواء.

 

في الصورة الرئاسية، إنّ الفريق المسيحي المعارض تبنّى مرشحاً ويشارك في كلّ الجلسات الانتخابية ويقترع للمرشح نفسه. في المقابل، الفريق المسيحي الحليف لـ»حزب الله»، يشارك في تعطيل الانتخابات الرئاسية، وتكمن مشكلة هذا الفريق المسيحي، أي رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية وباسيل، داخل فريقه السياسي، فالأول مرشح «الثنائي الشيعي» الذي يتمسّك به على رغم معارضة أكبر كتلتين مسيحيتين له، والثاني على خلاف مع «حزب الله» بسبب هذا الترشيح، وفي الوقت نفسه لم يجرؤ حتى الآن على مواجهة «الحزب» بترشيح اسم آخر بل لا يزال يهدّد بترشيح نفسه للرئاسة. وبالتالي، إنّ المواقف معلنة، فما الذي سيقّدمه فرنجية أو باسيل على طاولة الحوار؟ لذلك، ترى جهات سياسية مسيحية معارضة، أنّ طاولات الحوار تحمّل المسيحيّين خطأ مسؤولية الشغور الرئاسي، خصوصاً أنّ هناك من يريد تصوير أنّ بكركي فشلت، وبالتالي ضرب دورها وتأثيرها في العناوين الكبرى. فحتى لو تمكّنت البطريركية من جمع المسيحيين، فلن تتمكّن من الوصول إلى أي نتيجة، لأنّ هناك فريقين مسيحيين مرتبطان بـ»حزب الله» الذي يريد رئيساً يُطمئن «سلاح المقاومة» فيما البلد يحتاج إلى رئيس سيادي إصلاحي. وبالتالي إنّ محاولة حرف الأنظار عن هذه الإشكالية، تنقذ «حزب الله» وتنقل مسؤولية التعطيل إلى مكانٍ آخر، فيما أنّ «الحزب» يصادر مع حلفائه المسيحيين وغير المسيحيين موقع رئاسة الدولة.