Site icon IMLebanon

الكتلة الدستورية

 

توفي الدكتور إدمون ربّاط في العام 1991 عن عمر ناهز السبعة وثمانين عاماً وفي قلبه غصّة أنه لم يلتقِ في حياته المديدة بالعلّامة الدستوري البروفسور محمد رعد، ليتوّج سيرته الأكاديمية والفكرية بهذا الشرف قبل أن يغادر دنيانا ولا حتى حظي بفرصة لقاء الأخ نوّاف الموسوي، صاحب الاجتهادات والإسهامات والمطالعات في الفقه الدستوري وتفسير اتفاق الطائف على حقيقته.

 

من نِعم الله على النوّاب والسياسيين والقادة والرؤساء والإعلاميين والمفكرين والوزراء والمنظّرين وصنّاع الرأي وكتّاب التاريخ وأبناء الصبر الاستراتيجي أنهم عاصروا رجالات اجتمعوا في رجل من وزن الحاج رعد ( 93 كيلوغراماً).

 

الأحياء ألبير منصور، (86 عامًا) بطرس حرب (81) إدمون رزق (91 عامًا) ميشال معلولي ( 94 عامًا) حسن الرفاعي (مائة وعامين) والراحلون مخايل الضاهر وحسين الحسيني ونصري المعلوف وجورج سعادة ممن وُلد الطائف على أيديهم وأيدي من اشتغل في الكواليس، إضافة إلى من كتب عن الطائف من نواف سلام وجرّ…جميع هؤلاء، إن اجتمعت معارفهم ومداركهم على شكل سلّم، بالكاد يصلون إلى قطر بطن الحاج محمد رعد لجهة فهمه الدستور اللبناني، ومواده المتعلقة ببسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها وحل جميع الميليشيات في فترة ستة أشهر.

 

الحاج فهم أن حزبه اللاشرعي حلّة ونسباً غير معني بالميليشيات كأنما تفجير السفارات وخطف الأجانب ومقاتلة حركة “أمل” وتصفية الشيوعيين والاصطدام بالجيش وتعطيل الانسحاب الإسرائيلي غير مرة وتهجير مسيحيي الضاحية، والاغتيالات السياسية أعمال موحى بها من الله، والسلاح هو سلاح إلهي لا تنطبق عليه المواد الدستورية الـ “من فعل البشر” باستثناء مادة مائعة ذات طابع إنشائي تتعلق بحق اللبنانيين بتحرير أرضهم.

 

إن تناولَ ريادة رعد وألمعيته لا تقلل من أهمية جهابذة الدستور الذين ائتلفوا في ما يسمى “كتلة الوفاء للمقاومة الإسلامية في لبنان” وما بياناتهم الأسبوعية بعد مداولاتهم سوى أوراق مرجعية لطلاب الدكتوراه في القانون الدستوري. أول من أمس حملوا على الحكومة اللبنانية لمحاباتها “داعمي العدو الخارجيين واتخاذها القرار الخطيئة حول سلاح المقاومة ضد مصلحة الوطن العليا والمناقض لمقدمة الدستور، ووثيقة الوفاق الوطني، ولبيانها الوزاري ولحق الشعب اللبناني المشروع بالدفاع عن النفس في مواجهة الاحتلال والعدوان”.

 

كلام صحيح مائة بالمائة فمقدمة الدستور أعطت لميليشيا “حزب الله” حصرًا حق خوض الحروب بتوقيتها ووفق حساباتها وحق تصنيع الصواريخ واستيرادها وحق مصادرة الأراضي وحفر الخنادق، وأعطت لمذهب محدد حق إسقاط أي قرار ولو حظي بأكثرية الثلثين.

 

لوهلة تظن أن النواب الملتحين المجتمعين تحت علم أصفر هم نواة الكتلة الدستورية في لبنان.