Site icon IMLebanon

الفساد ومحاربته… من “الفان رقم 4”

 

 

 

على عَجَل، حَمَلت ما تيسّر من أغراضي (الهاتف والمسبحة) وقصدت مستشفى الجامعة الأميركية في منطقة الحمرا، بعدما أخبرني جارنا “أبو عمر” بأنّ صديقنا المشترك “أبو مصطفى” قد خضع لعملية قسطرة للقلب بشكل طارئ.

وصلت المستشفى، ورأيت “أبو مصطفى”، فعدته واطمأننت إلى صحته، ثمّ هممت بالعودة. لكنّني اكتشفت أنني نسيت محفظتي في المنزل.

 

ضربت يدي على جيبي فلم أجد فيها سوى 100 ألف ليرة، وهي لا تكفي لعودتي بـ “السرفيس”. قلت في سرّي سوف أستقل “الفان رقم 4” باعتبار أنّ تسعيرته هي 100 ألف ليرة بالتمام والكمال (هكذا أذكر).

 

أوقفت أوّل فان مرّ في شارع الحمرا وكان فارغًا كليًا، ما خلا السائق. ففتحت الباب وجلست بقربه.

كان يضع ندبية لسيدنا الحسين عليه السلام، على الرغم من أنّ ذكرى عاشوراء قد انقضت وانفضت منذ أسابيع…

 

سألته فور جلوسي كي لا “نتبهدل” إن كانت التسعيرة ما زالت بـ 100 ألف. فقال: “نعم يا حاااج”.

 

 

هنا قاطعته بالقول: “اتكل على الله”.

 

في الطريق، صادف فانًا آخر عند تقاطع مصرف لبنان، فصرخ فيه: “ما في حدا… روح… سالكة”.

 

 

 

سألته: “وشو هي يلي سالكة يا معلم؟”. فقال: “هذه كلمة سرّ بيننا. “سالكة” تعني أن لا حواجز لقوى الأمن الداخلي في شارع الحمرا.

 

ثم أردف “على قطع النفس”، وبلا توقف: أنا لست أكيدًا أنها “سالكة”، فهذا السائق سوري وأريده أن يقع بشباك الدرك. 40 سائقًا سوريًا يحتلون الخطّ ليل نهار، ولا يتركون لنا أيّ راكب في الطريق”.

 

سألته: “وما عدد الفانات يا رعاك الله؟”. قال: “هي 240 فانًا بلا السائقين السوريين. لا يكلّون ولا يملّون… من السادسة صباحًا وحتى الـ 11 مساءً”.

 

تفتق في ذهني سؤال آخر أكثر عمقًا، فتوجهت إليه به: “وهل كل من يحلو له العمل على هذا الخط، يستطيع العمل أم هناك كلمة سرّ أخرى؟”.

 

ضحك ثم ردّ: “لا لا… عليك أن تدفع لتعمل. 700 ألف ليرة ندفعها للموقف الذي يديره ابن المقداد بشكل غير شرعي قرب الجامعة اللبنانية… ولك أن تحسب الرقم الذي يحصده بالنيابة عن الدولة”.

 

سألته مجددًا: “ومن يغطي ابن المقداد؟”، التفت صوبي وابتسم وقال: “ولو يا حاج؟ بدها سؤال؟ جماعة الإستيذ… مين بيقدر يشيلو لابن المقداد؟ كلو “فيفتي/فيفتي””.

 

فهمت السالفة مباشرة، وكنا قد وصلنا إلى منطقة قصقص. فأوقفته ونزلت ثم دخلت سيرًا على الأقدام إلى “قلعة السُنّة” الطريق الجديدة، مستدركًا أن الإصلاح ليس مهمة سهلة على الإطلاق، ولن يبصر النور إن لم يبدأ من خطّ “الفان رقم 4” وكل من يحميه ويحمي ابن المقداد إيّاه.