اذا كنت تريد أن تعرف حقيقة ما يجري عندك، فاستمع أولاً الى ما يقوله عدوك عنك، وهذا ينطبق على ما تفوّه به نتنياهو رئيس حكومة المتطرفين في اسرائيل، في معرض تفقده لمناورة يقوم بها جيش الاحتلال في منطقة الجولان المحتل. وما أدلى به من حديث يعكس حالة النشوة العارمة في اسرائيل، حكومة وشعباً. قال: أنتم تنظرون الى الهزة الأرضية من حولنا. وأنتم ترون شعوباً ودولاً تشطب. وبينما كانت هذه التصريحات تسجل ذروة في الوقاحة والتشفي وتنطلق من كيان عدواني على المتوسط، تزامنت مع مشهد على المقلب الآخر من العالم، وسجل ذروة في النفاق السياسي، وتمثل بوقوف وزير خارجية أميركا جون كيري مع نظراء له من مجموعة السبع وبينهم وزير الخارجية الياباني أمام النصب التذكاري لضحايا الهزة الأرضية النووية التي ارتكبتها أميركا في مدينة هيروشما اليابانية في أربعينات القرن الماضي. وادعى الوزير الأميركي بأنه شعر بالأسف الشديد، ولكن تظهر الصور أنه وقف مرفوع الرأس وشامخ القامة، بينما ظهر سائر الوزراء رهم يحنون قاماتهم أو رؤوسهم احتراماً لضحايا أول وأكبر مجزرة نووية في التاريخ ضد الجنس البشري!
ما يجري في بعض المنطقة العربية من أهوال اليوم، هو أكثر من هزة أرضية إنه زلزال حقيقي له ارتداداته الآنية والمستقبلية. ومصدر الهزات والزلازل في السياسات الدولية والاقليمية هو تحديداً في هذا النمط من الكلام والسلوك المعبر عنهما ب بالوقاحة العدوانية والنفاق السياسي معاً! والهدف طبعاً من الهزات والزلازل هو اخضاع الدول والشعوب، أو شطبها كما يتمنى نتنياهو!.. ولكن هذا يحدث فقط مع الدول والشعوب فاقدة المناعة، والتي لم تحصن نفسها بوحدتها الداخلية والقومية، وارتضت لنفسها أن تكون تحت الوصاية الخارجية، وتنشد الحماية من أقوياء العالم دون الاعتماد على قواها الذاتية. ودليل ذلك أنه حتى مع القصف النووي الأميركي لليابان، فإن ذلك لم يسفر عن شطب الدولة اليابانية، أو الشعب الياباني!.. وهذه الأمثولة لم يتعلمها العرب حتى الآن، ولذلك كان من السهل أن يتعرضوا للهزات والزلازل، وأن تتعرض دولهم وأنظمتهم الى الشطب، ولكن ليس شعوبهم، بالاستناد الى ظواهر عنفوان شعبي هنا وهناك في الأرض العربية…
لا تنهار الدول بالحروب الخارجية أو الداخلية فقط. وبعض الدول لا يحتاج الى حروب، وانما الى تركه في حيز من الفراغ، ليتحلل ويتعفن على مهل كثمرة فاسدة! وهذا هو النموذج الذي ينبغي على اللبنانيين تحاشيه قبل غيرهم، من دول وشعوب المنطقة!