Site icon IMLebanon

القرارات الحاسمة أبعد من القاهرة وشرم الشيخ… إنها عند ديمبسي وسليماني

أجندات حافلة، ومواعيد محشورة، من الدورة العاديّة لمجلس جامعة الدول العربيّة على مستوى وزراء الخارجيّة، الى القمّة الإقتصاديّة في شرم الشيخ، الى القمّة العربيّة، الى وجوه جديدة تشارك، فيما تغيب أخرى، الى ملفات محشوّة بالتحديات، الى قرارات تبقى حبراً على ورق، في إنتظار الظروف المؤاتية.

 

لا خوفَ على النصاب، فهو مؤمَّن، ولا على الحضور الذي تستوجبه اللياقات في ظلّ ملك جديد، ورئيس آت من المؤسسة العسكريّة ليحافظ على هدوء النيل، وثالث نقلته الديموقراطيّة من ثورة الياسمين الى القصر المنيف، ورابع جاء به العراق متطابقاً وتجاعيده الأمنيّة والسياسيّة، وتقاسمات المصالح الأميركيّة – الإيرانيّة على ضفاف دجلة والفرات.

ولكي «يكتمل النقل بالزعرور» سارع الأمين العام نبيل العربي الى دعوة الرئيس عبد ربه منصور هادي ليشارك في هذه الوليمة، فيما اليمن هو الطبق الرئيس على الطاولة.

وعلى الطاولة أيضاً الكثير من المقبّلات والمغريات، لكنّ الحدث يبقى خارج الأمكنة والمواعيد العربيّة. لقد خطفه الأميركي بالتنسيق مع الإيراني، وأعلنا بالتكافل والتضامن حال طوارئ إستوجبت حبس الأنفاس. الجميع يحبس أنفاسه. إتفاق او لا إتفاق. ضبط للملف النووي، او إنفلات للغرائز؟ الجميع يراجع حساباته، كيف ستكون عليه الأمور في حال التوصل الى التوقيع؟ وكيف ستندفع في حال العرقلة والتأجيل؟

لا شك في أنّ الزفّة ستكون عامرة عند أصحاب الجلالة والفخامة والسمو خلال إجتماعاتهم وتنقلاتهم ما بين القاهرة ومنتجع شرم الشيخ، لكنّ العرس سيكون حتماً في مكان آخر، ووفق الإخراج الذي يرتأيه جون كيري ومحمد جواد ظريف.

تحاول السعوديّة أن تكون نقطة الجذب ومحور الحراك، لكنّ التحديات ضاغطة. عليها أن تحمي مؤسسة القمّة من الإختراق الحوثي، الإيراني، و«الداعشي»، الإسرائيلي. من زمان تطالب تل أبيب بتحويل الجامعة منظمة إقليميّة تضمّها مع التركي والخليجي، بالإضافة الى العرب الآخرين لمواجهة التمدّد الإيراني، فهل آن الأوان لعقد مثل هذا القران؟

وعليها أيضاً أن تأخذ في الإعتبار أنّ القوّة العربيّة المشترَكة لا تصنعها النزوات بل الإرادات، ولا الأطر القانونيّة، بل العملانيّة. إتفاق الدفاع العربي المشترَك مُبرَم منذ العام 1950 فماذا نُفّذ منه؟ ومَن هو القادر الذي يملك زمامَ المبادرة ليرفع الغبار عنه من دون موافقة مسبقة من الولايات المتحدة وإسرائيل؟ وعليها أيضاً وأيضاً أن تأخذ في الإعتبار أنّ الهلال السنّي لا تكتمل «طرّته» بحضور مَن يحضر من أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.

فنهاك الجنرال الإيراني الى الطاولة، وإن لم يحضر شخصيّاً، فإنّ ملائكته حاضرة، والى جانب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي سيكون شبح الملك عبدالله الحوثي، والى جانب الرئيس العراقي سيكون شبح الحرس الثوري، أمّا المقعد السوري فستشغله قرقعة السلاح بين معارضات معتدلة وأخرى متطرِّفة، من دون تجاهل الإيراني، والكردي، وحزب الله… طيف الجنرال سليماني سيكون حاضراً داخل قاعة القمّة، فيما حضوره العملاني سيكون في ساحات الوغى لتثبيت معالم الهلال الشيعي، سواء أبرم الإتفاق مع المجموعة (5+1) او بقيَ معلّقاً.

وحده لبنان سيكون في المكان والزمان، لكن لن يحمل النكهة. سيشعر الرئيس تمام سلام بالدفء داخل القاعة، ومن حوله رؤساء الوفود المشارِكة، لكنّ الملوك والرؤساء والأمراء العرب سيستشعرون غياب الرئيس اللبناني العربي المسيحي الذي يضفي على نسيجهم شيئاً من التنوّع. وهذا الغياب او التغييب ليس بالقليل، إنه تحدٍّ يُضاف الى قائمة التحدّيات المطروحة على القمّة.

يحمّل السفير الأميركي ديفيد هيل اللبنانيين مسؤولية الفراغ، لكنّه يعرف تماماً أنّ طيف سليماني ليس فقط في صنعاء، او بغداد، او دمشق، إنه في بيروت أيضاً. ويعرف أنّ إدارته تستكمل ترسيم حدود المصالح مع طهران على خريطة الشرق الأوسط، بإشراف الجنرالين مارتن ديمبسي وقاسم سليماني، وحضور «حزب الله» في كلّ من العراق وسوريا، وبمباركتهما.

ويعرف أنّ الصراع لم يعد حول الملف النووي بل حول باب المندب، والنفط، ومعابره وممرّاته. ويعرف أكثر أنّ ملء الفراغ في القصر الجمهوري لا يحتاج الى أكثر من همسة أميركيّة في آذان الدول المعنيّة، إذا عزمت إدارة البيت الأبيض… ولكن أنّ يكون ذلك وهي المنهمكة بتقاسم جبنة المنطقة مع طهران.