تستعدّ البلدات الكبرى في قضاء الضنية، لا سيما: سير، بخعون والسفيرة لخوض غمار الاستحقاق الانتخابي وسط انقسامات حادة يختلط فيها السياسي بالعائلي، بعدما فشلت كل المساعي التوافقية التي بذلت وتحديداً في عاصمة القضاء سير. هنا في سير، تضاربت مصالح الأفرقاء، وقفزت إلى الواجهة تصفية الحسابات مع رئيس البلدية المنتهية ولايته أحمد علم على ما دونه من اعتبارات. في المقابل، تخوض القوى السياسية في بخعون (كبرى بلدات القضاء) معركة الحفاظ على العرف في الشكل، وتبدو سياسية بامتياز في المضمون، وتستخدم فيها مختلف الأسلحة وفي مقدمها الأموال.
أما «السفيّرة» فتغرق في تفاصيل العائلات والأفخاذ والفروع، مسبّبةً انشقاقات وخلافات يعود بعضها إلى استحقاقات سابقة، برغم محاولة تجميلها سياسياً وإنمائياً من خلال تبني ابن البلدة النائب السابق، ورئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية أسعد هرموش، لإحدى اللوائح.
وتتجه الأنظار إلى عاصمة قضاء الضنية، سير، مسقط رأس النائب أحمد فتفت، بعد فشل كل محاولات التوافق على تشكيل لائحة تتمثل فيها معظم المكونات العائلية الرئيسية. وكان الرئيس نجيب ميقاتي وبتمنٍّ من بعض عائلات البلدة، وفي محاولة لتقريب وجهات النظر والوصول الى صيغة توافقية، تجنّبها خوض معركة يعمل على التوصل إلى توافق منعاً لتداعيات سلبية، كانت عاشتها سير على مدار السنوات الست الماضية على خلفية الانتخابات السابقة، والتي أفضت الى فوز اللائحة المدعومة من رئيس البلدية الحالي احمد علم بكامل اعضائها الـ 15 على حساب اللائحة المدعومة من تيار المستقبل وفتفت.
وبدأت جهود الأفرقاء الذين كانوا يسعَون للتوافق لحصر المواجهة في إطار التنافس الإنمائي وعدم إعطائها اي بعد سياسي أو حزبي والحدّ من تبادل الاتهامات وترويج الشائعات، ومنها تلك المستنسخة من الانتخابات السابقة والتي كانت تتهم رئيس البلدية علم بالولاء لحزب الله ومعاداة تيار المستقبل. ودحض علم خلال الاتهامات في مهرجان انتخابي للإعلان عن لائحته التي تحمل اسم «سير أحلى بكتير»، عبر التأكيد ان المواجهة هي ضد الحرمان وتهميش سير ومصادرة قرارها.
ويعزز هذه الجهود ايضاً، اعلان مصادر مقربة من النائب فتفت الوقوف على الحياد في هذا الاستحقاق، تزامناً مع موقف الرئيس ميقاتي الذي نأى بنفسه مؤخراً عن مواصلة مساعيه بعد بروز عراقيل عدة.
وامام هذا الواقع تبدو عروس المصايف سير التي تضم اكثر من ستة آلاف ناخب مقبلة على معركة حامية بدأ التسخين لها والتهويل بنتائجها، الا انه رغم الخلاف القائم، ثمة ايجابية سجلت وتمثلت بتبني المرشحيّن المسيحييّن ضمن لائحة علم على اللائحة المنافسة لضمان تمثيلهما.
اما في بخعون كبرى قرى القضاء بعدد السكان والناخبين فتتقاطع الاعتبارات العائلية مع السياسية في الانتخابات البلدية، وزادت هذه الاعتبارات من وزنها وثقلها، بعد زيادة عدد أعضاء المجلس البلدي فيها الى 18 مقعداً، ورفع عدد المخاتير فيها الى ستة، بينما يقارب عدد الناخبين فيها المسجلين على لوائح الشطب 7500 ناخب.
وحافظت بخعون، مسقط رأس النائب قاسم عبد العزيز والنائب السابق جهاد الصمد، ومنذ عقود على عُرف يقضي بأن يكون رئيس البلدية من أحد فروع آل محيش، ونائبه من آل الصمد، وأن يكون امين صندوق البلدية من آل جبارة، مقابل أن تدعم بقية العائلات مرشح آل الصمد في الانتخابات النيابية، إلاّ أن هذا العرف خرقته العائلات الاخرى مراراً، عندما ترشح أكثر من شخص فيها للانتخابات النيابية، ابرزهم النائب قاسم عبد العزيز.
وبين تمسك البعض بالعرف وإصرار الآخرين على المضي في تعديله أو نسفه، تخوض البلدة معركتها بين لائحتين مكتمليتن واحدة مدعومة من النائب السابق جهاد الصمد، وأخرى مدعومة من النائب قاسم عبد العزيز وتيار المستقبل، وسط تسجيل حضور عدد كبير من المغتربين ومن المقيمين خارج البلدة.
أما في بلدة السفيرة فيخوض النائب السابق هرموش معركته بمباركة تيار المستقبل في مواجهة لائحة مدعومة من العائلات، وسط ارتفاع حدة التنافس بعد الإعلان عن لائحتين مكتملتين، ووسط محاولة كل فريق حشد مناصريه من كل المناطق التي يتوزع أهالي السفيرة فيها، استعداداً للمعركة التي يتوقع أن تكون من بين أقسى المعارك في القضاء من دون أن ننسى تحكّم العشائر في تفاصيل حياتها اليومية.