Site icon IMLebanon

“دبلوماسية المهل” و”دبلوماسية التيئيس”

 

في العالم اليوم، هناك “آبٌ ضابط الكل” هو الولايات المتحدة الأميركية، أما الآخرون فيحاولون اللحاق بها، مع العِلم أن المنافسة صعبة، إنْ لم نقل غير متكافئة. فروسيا

 

(الاتحاد السوفياتي سابقاً)، أصبحت خارج الحلبة بعدما أنهكتها الحرب مع أوكرانيا، وأوروبا، القارة العجوز، ولا سيما فرنسا، تجرجر أذيال الخيبة والانسحاب من دول أفريقيا الواحدة تلو الأخرى.

 

معظم الدول، في هذه الحال، تلهث وراء الرضا الأميركي، ومَن لا يصدِّق، ليضعْ امامه خارطة المنطقة، من مصر إلى إيران وما بينهما

 

 

لكن الولايات المتحدة لا تُمهِل كثيراً، وكل دولة تعتقد أن واشنطن تضعها في سلَّم الأولويات، إلى أجلٍ غير مسمَّى، تكون مخطئة. واشنطن لم تُمهِل لبنان كثيراً في خريف العام 1982، فحثَّت العهد آنذاك، على السير في مسار التفاوض والاتفاق، لكن ذلك لم يتحقق، خسر لبنان فرصة الاتفاق، من دون أن يربح شيئاً في المقابل. فكانت “دبلوماسية المهل” كارثة على لبنان الذي اعتقد القيِّمون عليه أن الوقت كفيلٌ بتفكيك الألغام، لكن الذي حدث كان العكس، فتراكمت الألغام وتفككت الدولة.

 

 

 

في المقابل، كان على الحدود الشرقية مع لبنان خصمٌ شرس هو الرئيس السوري حافظ الأسد، الذي مارس “دبلوماسية التيئيس” مع كل الموفدين الذين زاروه وتفاوضوا معه، كان، كما يُقال، “يُيَئِّس” مَن يحاوره، والأشهَر بينهم وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر، فكان كل ما يطرحه الأميركيون يرفضه الرئيس الأسد،

 

 

هكذا علِق اللبنانيون بين “دبلوماسية المهل” التي مارسها لبنان، و”دبلوماسية التيئيس” التي مارستها سوريا.

 

اليوم، لبنان عالقٌ بين الدبلوماسيتين، ولو اختلفت الوجوه والظروف، المسؤولون اللبنانيون يُعطون لأنفسهم “مُهلاً” من دون أن يستأذنوا أحداً، وفي المقابل تلعب إيران “دبلوماسية التيئيس”، سواء من خلال المماطلة على طاولة المفاوضات بين عُمان وروما، أو من خلال المناورات في “الخطاب السياسي” لقادة من “حزب الله”، وهذه المناورات يُستشف منها أنها تقول الشيء وعكسه في آن واحد، فمن جهة يعلن استعداده للتحاور في موضوع سلاحه، ومن جهة أخرى يهدد بأن اليد التي ستمتد إلى هذا السلاح ستُقطَع.

 

 

هكذا، بين “دبلوماسية المهل” و”دبلوماسية التيئيس”، سيبقى لبنان في موقع المحرَج، وهذا الإحراج سيضع لبنان في موقع بالغ الخطورة والتعقيد، ويُخشى أن تضيع الفرصة، فيفقد لبنان آخر حظوظ التعافي، وعندها لا ينفع الندم.