Site icon IMLebanon

توجّه لا زلّة لسان

 

 

يطمح المواطنون في الدول المُتخلّفة أن تتطّور دولهم رُويداً رُويداً، لتُحقّق بعض معالم الحياة السياسية والإجتماعية والمعيشية والإقتصادية والحداثة السائدة في الدول المتطوّرة والمُتقدّمة. وتحاول الدول التي تمتلك بعض هذه المظاهر أن تُحافظ عليها، وأن تُطوّرها للوصول إلى مستويات الدول المُتقدّمة. وحده لبنان يسير عكس هذا المنطق الصحيح، وتأخذه السلطة السياسية باتّجاه الدول الأكثر تخلّفاً على مستويات عدّة، وتسعى لمنافسة هذه الدول في مستويات الإنهيار، فلا تقبل إلّا أن يكون لبنان بمستوى تخلّفها، أو أن ينحدر إلى مستوى أدنى، غير عابئة بما يُطالب به المواطنون اللبنانيون، وما يُطالب به المجتمع الدولي والعالم المُتحضّر.

 

لقد أصبح لبنان في المستوى نفسه مع فنزويلا، من حيث التصنيف الإئتماني الذي خفّضته “موديز” مُجدّداً، ويتظاهر مواطنوه في الشوارع، ويقطعون الطرقات احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي كما يحدث تماماً في مدن العراق على مختلف انتماءاتها. لقد أصبح لبنان كسوريا والجمهورية الإسلامية الإيرانية في المستوى الهابط الذي وصلت إليه عملته الوطنية، ويبدو أنّ المسؤولين يفتشون عن المزيد من الدول التي تعيش أزمات لم تُصبنا بعد، كي يتشبّهوا بها، كما يفتّشون عن كل ذريعة أو سبب، لإثارة المزيد من المشاكل مع الدول التي يُمكن أن تدعم لبنان. وكلّ ذلك تحت عناوين وشِعارات لن تسمح للبنانيين بالبدء برؤية النور في هذا النفق المُظلم.

 

كل هذا التوجّه فاقمه كلام رئيس الحكومة حسّان دياب في شأن زيارة وزير خارجية فرنسا إلى لبنان، لجهة أنّها لم تحمل أي جديد، وأنّه لا يملك جميع المعلومات عن مسار الإصلاحات، وأن ربطه المساعدة بنجاح المفاوضات مع صندوق النقد هو دليل أنّ المجتمع الدولي لا يريد مساعدة لبنان. وقد أتى هذا الكلام ليؤكّد ما كان قد نقله المُنشد علي بركات عن الرئيس دياب تجاه السفيرة الأميركية، بالرغم من نفيه لذلك، ما يؤشّر إلى أنّ ما قاله ويقوله رئيس الحكومة تجاه المجتمع الدولي من انتقادات عدائية، ليس زلّة لسان، بل هو قناعة تسير بها السلطة، محكومة بخيار التوجّه شرقاً، وبعدم الرغبة في إزعاج أو زكزكة قوى الأمر الواقع، خوفاً على مواقع وامتيازات ومُحاصصات ووعود مستقبلية، حتّى ولو أدّى الامر الى سقوط هيكل الوطن فوق رؤوس الجميع.

 

قد يكون بعض اللبنانيين لم ينتبهوا بعد إلى الهاوية التي يذهب إليها لبنان، نتيجة هذه السياسات، وهي هاوية تُهدّد وجوده وهويته، ولا بدّ لهؤلاء أن يُدركوا الحقيقة قريباً، فينتفضوا على من صادر أدمغتهم وجعلهم أتباعاً، وإلا فسنذهب جميعاً إلى نهاية محتومة لن تُفرّق بين لبناني وآخر.