عاد التحالف بين القوات والمستقبل الى المربع الاول الذي كان خرج منه الاتفاق الاولي بينهما قبل بضعة اسابيع «لا اتفاق انتخابي» تقريبا، ليعود التحالف الى المرتبة الاولى بين التيار والقوات… لم يفاجىء هذا الموقف احدا من المتابعين الانتخابيين، فكل المؤشرات كانت تدل على ترنح التفاهمات السياسية بينهما في الساعات الاخيرة بعدما قال الحريري ما قاله عن الحاجة الى منجم لمعرفة ما تريده القوات، وبعدما هدأت محركات الوساطات واتصالات وسطاء الانتخابات لدى التيار والقوات فانحصرت لقاءات الرياشي وغطاس خوري فيما انصرفت ماكينات معراب وبيت الوسط الى المهرجانات الانتخابية واعلان المرشحين والبرامج الانتخابية. المؤشرات نفسها يمكن الركون اليها في تسريب اوساط المستقبل لاجواء تفيد بأن القوات تحاول ان «تتشاطر» على المستقبل في التحالفات التي كان يتم نسجها وفي المفاوضات التي حصلت بين الطرفين.
وقد جاء الاعلام القواتي وما تناقله قواتيون في مجالسهم واعلامهه في الساعات الاخيرة ليقطع الشك باليقين بعدما تحدث الاعلام القواتي بأن المفاوضات لامست درجة الصفر تعاون ولم تصل الى نتائج ايجابية في المفاوضات التي حصلت بينهما، حتى ان الاتفاق الذي انجز تحت عنوان المصلحة السياسية وعنوان مواجهة حزب الله في دائرة بعلبك الهرمل تراجع الاتفاق كثيرا الى مرحلة تصفير العدادات، وحيث يشير القواتيون الى ان المستقبل عمد عن قصد لتمييع الاعلان عن لائحة بعلبك – الهرمل في محاولة لادخال التيار الوطني الحر على خط ما يحصل بقاعا.
وبحسب القوات فان التيار عمل على اعداد لوائح مشتركة بين القوات والمستقبل والتيار ليتبين ان هناك محاولة لاقصاء القوات وجعلها خارج التفاهم بفرض شروط في محاولات مستقبلية واضحة لتراجع المستقبل عن تفاهماته مع القوات وتفضيل او تغليب المصلحة للحليف البرتقالي. وعليه في حال سقوط التوافق بين المستقبل والقوات نهائيا كما صار واضحا فان تحالف المستقبل والتيار سوف يسلك طريقا على ما يبدو في اغلب الدوائر فيما الارجح ان القوات ستعود الى الكتائب حيث تقتضي مصلحتها الانتخابية.
سقوط او اهتزاز التحالف بين القوات والمستقبل يعني تثبيت تفاهم الازرق والبرتقالي في معظم الدوائر، ويعني في السياسة ان الحريري لم يلتزم اي اجندة سعودية بل اختار مصلحته الانتخابية ولم يلتزم مطالب تتعارض مع تطلعاته السياسية وثوابته الجديدة التي انجزها مع بعبدا بعد عودته من الاقامة الجبرية في المملكة، كما ان رئيس المستقبل لن يغير او ينقلب على احد من الحلفاء الجدد او على اي تفاهمات سياسية او انتخابية سبق وارساها منذ التسوية الرئاسية
بحسب العارفين فان المستقبل يمارس انصاف الحلول في السياسة اليوم، فالعلاقة بين معراب وبيت الوسط قطعت اشواطا بدون ان يحصل اللقاء المباشر بين الحريري وجعجع وهذا ما عمل عليه الوفد السعودي الذي اجرى محادثات سبقت زيارة الحريري حيث خصصت مساحة مهمة من اهتمامات الموفد السعودي لمعالجة هذه النقطة بالذات وقد تبين للفريق السعودي وفق اوساط مطلعة ان علاقة معراب وبيت الوسط شهدت في الوساطات الاخيرة والجلسات الانتخابية تقاربا في الحد المقبول لكن بدون الوصول الى التحالف في الانتخابات.
وفق ما اتضح فان الانتخابات تسير في الخط السياسي الذي تم رسمه بين المستقبل والتيار وان كان الاختلاف انتخابيا يمكن ان يحصل في دوائر محددة لكن الارجح ان تفاهمات التيار والمستقبل هي الغالبة، فالحريري لا يمكن ان يخرج من «جلباب» الرئاسة والعلاقة العابرة لاي حدود مع التيار، ولكن ترتيب العلاقة مع 14 آذار ليس من ضمن الموانع الحريرية ولكن بالمستوى المضبوط ووفق ما يرضي بيت الوسط فان رئيس الحكومة يبدو وفق الاوساط مرتاحا الى موضوع النأي بالنفس الذي يحكم علاقته بفريق 8 آذار اليوم، فيما العلاقة ثابتة ولا تهتز مع رئاسة الجمهورية وليس في نية الحريري تقويض علاقته برئيس الجمهورية الذي لعب دورا اساسيا في محطات اساسية الى جانب رئيس الحكومة، عدا ذلك فان الحريري يحضر بعد الانتخابات لمشروع رئاسة الحكومة المقبلة وبالتالي فان الدخول في نزاع سياسي مع 8 آذار لن يكون في محله كما ليس جائزا الاستمرار كثيرا في مخاصمة 14 آذار.
من المرجح وفق الاوساط ان يكون الحريري اختار ان يكون على مسافة مقبولة من 8 و14، لكن رئيس الحكومة وفق الاوساط لن يبادر الى تغيير ما رسمه انتخابيا على صعيد التحالفات التي صار مؤكدا ان الحريري الى جانب التيار انتخابيا وهو قام بتوزيع اصواته وتحالفاته مثلما تقتضي مصلحة المستقبل الانتخابية بعدما بات واضحا في الارقام والحسابات الانتخابية ان خسارة المستقبل موثقة بالارقام في ادراج بيت الوسط.
وعليه صار مؤكدا ان زيارة الرياض ولقاءاتها طوت صفحة المئة يوم من الخلاف السياسي مع المملكة لكنها لم ترسم اي خريطة طريق انتخابية تلزم الحريري بالسير بموجبها، فالتفاهم مع التيار الوطني الحر وبعبدا سياسيا قائم وهو خط احمر بالنسبة للمستقبل اما التفاهم بينهما انتخابيا فجار الاعداد له بقوة في عدد كبير من الدوائر التي يوجد فيها الفريقان على تماس في الانتخابات.