Site icon IMLebanon

الحل يرتبط في الاهتمام بمصلحة الآخر

 

في مقالنا السابق توجّهنا الى الزعماء ليتبنّوا المواطنة في حوارهم مع بعضهم البعض، اي الحوار المبني على المحبة والانفتاح والحرص على مصلحة الآخر للوصول الى افضل الخيارات للبلد، وللحفاظ على وحدة المجتمع وتماسكه.

ولكن هل وصلت الرسالة للبعض؟ هل يعتقدون انهم يستفيدون من سياسة التفرقة وتغذية الحواجز بين مكونات المجتمع اللبناني على قاعدة: فرّق تسد، حيث لم نلحظ تجاوباً من احد حتى من المواطنين.

لذلك نودّ لفت نظر الشعب اللبناني لعدم الانجرار وراء مخطط التفرقة الذي يظن بعض الزعماء انهم يستفيدون منه، ولكنه يخدم أعداء لبنان فقط.
لا تنجرّوا وراء الحقد والكره الذي يزرعه البعض في قلوبكم تجاه الآخر، لأنّ الآخر هو شريككم في الوطن ومصلحتكم مشتركة.
أعداء لبنان يُلهونكم بخلافات وبمخاوف من الشريك الآخر ليخفوا الفظاعات المرتكبة على مدى عقود من النهب والسمسرات والثروات التي تراكمت على حساب المال العام.

فيرفعون شعارات الدفاع عن المسيحي، او الشيعي او السني او الدرزي. هذا الخطاب يؤجّج المخاوف والتفرقة ويخلق مواقف سلبية بين مكونات البلد الواحد، لتصبح مصلحة المسيحي مختلفة عن مصلحة المسلم، وهذا خاطىء ويخالف مبدأ المواطنة. فالمسيحي والمسلم تجمعهما مصالح مشتركة، فعليهما ان يتحاورا على اسس المصالح المشتركة التي تؤدي الى بناء وطن مزدهر ومنتج ويعود بالنفع على الجميع، لا ان تكون العلاقة مبنية على الصراع الخفي والتسابق لِنَهش ما يمكن من مقدّرات الدولة.

لا يوجد شيء اسمه مصلحة مسيحي او مصلحة مسلم، هناك مصلحة اللبنانيين مجتمعين.
ان الحدة والتوتر في خطاب البعض يخلقان رغبة في التقسيم، حيث لم يعد يرى افرقاء الوطن اي قواسم مشتركة مع الطرف الآخر، وهذا خطأ.

 

لأنّ التقسيم يُضعف الدول ويسبّب الانهيار المالي، وكلما صغرت الدولة تصبح عرضة للسيطرة والتلاعب والوهن.
التجارب العالمية تُظهر ان الدول العظمى تميل الى تقسيم دول فيسهل السيطرة عليها وإخضاعها.

والتوجه العالمي لخلق تكتلات ما هو سوى دليل على اهمية التكاتف للوصول الى اقصى النتائج الاقتصادية والاجتماعية. مؤخّراً، قام آلاف البريطانيين بتظاهرات ضد البريكسيت مطالبين بعودة انكلترا الى الاتحاد الاوروبي. وفي استفتاء تبيّن ان نسبة 58.2 % من المقيمين البريطانيين سيصوّتون لصالح العودة إلى مكوّن الاتحاد الأوروبي.

هذا مع العلم انه لم يتم تحقيق اقصى الاهداف من الاتحاد الاوروبي، فلو تحقق ذلك لكان تضاعفَ الازدهار والقوة ولكانت الدول الاوروبية وصلت الى مستويات اكثر تقدماً.
حالياً، يتم التلاعب بنا بسبب ضعفنا الناتج عن عدم تآخينا وتعاضدنا، فيصعب عليّ ان اتصوّر ماذا سيحل بنا لو تقسّمنا فعلياً. اما اذا قمنا بالتقسيم، فالأفضل (على سبيل المزاح) ان نخلق 5 مراكز عنجر أي مرجع لكل قسم، ليتمكنوا من ادارة شؤوننا.

لقد طالبنا من زعمائنا ان يتلاقوا بمحبة وانفتاح، وعسى ان يبرهنوا انهم على قدر من المسؤولية لتقريب مكونات المجتمع وتحقيق تَلاحمه. فيهتم الزعيم المسيحي بمصلحة المواطن الشيعي، والزعيم الشيعي بمصلحة المواطن المسيحي، والزعيم الدرزي بمصلحة المواطن السني…

امّا اذا برهنوا انهم يستفيدون من التفرقة لتقوية زعاماتهم، على الشعب ان يقوم بالمبادرة وان يتقرّب من الآخر، لأنّ محبتكم لبعضكم البعض فيها قوة كبرى. وهي الاساس لبناء وطن مزدهر.

إنّ احد مصائبنا هو التسابق على المراكز، فإذا تم تحديدها والنظر اليها بأنها خدمة عامة يؤديها الشخص ليخدم مجتمعه ويعود بعدها الى عمله السابق، وعدم السماح باعتبارها مهنة دائمة نقوم بتوريثها، وتحديدها بوقت معيّن لمنع استغلالها، فربما نخفّف من التسابق المحموم على المراكز والمناصب. وبالطبع، يجب تحقيق مطلبنا المزمن والرئيسي أي الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة.