يكاد يتفق الجميع على أن قانون الانتخاب المعمول به في دورتي 2018 و2022، لا يعبّر حقيقة عن اتجاهات الرأي والموقف لدى الناخبين اللبنانيين، وإذا كان الرأي متفقا على ذلك، إلا أن كل فريق ينظر إليه من زاويته ومصلحته، وليس وفق مقياس وطني، وفي وقائع نتائج الانتخابات الأخيرة تكشف الأرقام الفوارق الكبيرة بين دائرة وأخرى، إذ نجد دائرة حاصلها أقل من ستة آلاف صوت، وأخرى أكثر من 21 ألف صوت وثالثة أكثر 23 ألفا وهكذا دواليك في الـ15 دائرة انتخابية، مما يؤكد عدم المساواة بين الدوائر الانتخابية من جهة، وبين المرشحين من جهة ثانية، وبين النواب المنتخبين من جهة ثالثة، وفي كل الحالات عدم المساواة بين الناخبين، وأن النسبية في هذا القانون هي نسبية بين أكثريات حزبية وكتل سياسية وطائفية، وليست نسبية حقيقية تعكس حقيقة الواقع السياسي، واتجاهات الرأي العام.
ad
وبشكل عام، فان عملية اختيار النظام الانتخابي تعتبر أحد أهم القرارات المؤسساتية في أي بلد ديموقراطي وتعبيرا عميقا عن واقع الحياة السياسية، كما ان هدف أي نظام انتخابي على المدى الطويل، هو البحث عن الوسيلة الأفضل لبناء مؤسسات متينة بغية تعزيز نظام ديموقراطي يتمتع بقدر كاف من الاستقرار والمرونة، مما يسمح له بالتكيف مستقبلا مع أي تغييرات محتملة قد تشهدها البلاد، ففي الدول عريقة الديموقراطية، تكون الانتخابات حلا لمشكلة او أزمة تعانيها البلاد سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو حتى أزمة وطنية، وبالتالي، لا بد لأي نظام انتخابي من الاعتماد على معايير تضمن انتخاب مجالس نيابية أكثر تمثيلا على الصعيدين السياسي والجغرافي، ما يشكّل انعكاسا دقيقا للخيارات والتوازنات السياسية داخل المجتمع.
الى ذلك، لا بد من تسهيل تنظيم الانتخابات لجميع المواطنين، كوضع بطاقات اقتراع واضحة وفتح مراكز اقتراع في أماكن يسهل الوصول إليها، بالإضافة الى تنقيح اللوائح الانتخابية وغيرها من الأمور اللوجستية التي تسهل عمليات الانتخاب والاقتراع.
وهنا يحتل نظام الاقتراع النسبي أهمية في تشكيل الحياة السياسية، لأنه مبني على مبدأ تمثيل التيارات السياسية المختلفة على مقدار الأصوات المحددة التي تحصدها في صناديق الاقتراع، ويعتمد النظام النسبي اكثر من 80 دولة في العالم، بعضها يحدد عشرة بالمئة، وبعضها خمسة بالمئة وبعضها 2 أو 3 بالمئة وهلّم جرّا.
وفي انتخابات 2022 في لبنان:
– بلغ عدد الناخبين المسجلين 3,967,507 ناخبين.
– بلغ عدد المقترعين 1,951,683 مقترعاً أي بنسبة 49.19%
– بلغ عدد الأوراق الملغاة 57,700 ورقة
– بلغ عدد الأوراق البيضاء 19,308 ورقة
– ويكون عدد المقترعين الصحيح هو: 1,874,675 مقترعاً.
وقد حملت هذه الانتخابات كما انتخابات 2018 مفارقة غريبة إذ فاز مرشح بأقل من مئة صوت، وآخرون بمئات قليلة من الأصوات وبعضهم بألف أو ألفي صوت، في وقت كان هناك مرشحون أو لوائح حصلت على عدة آلاف من الأصوات بقيت خارج التمثيل، لان لم تصل الى الحاصل الانتخابي الذي يقوم على قاعدة تقسيم عدد المقترعين على عدد المقاعد النيابية.
فماذا لو كان لبنان مثلا يعتمد على قاعدة 5 بالمئة المؤهلة للفوز، فهل كان سيفوز نائب ما بعشرات الأصوات؟
وطبقا للنتائج الرسمية للانتخابات، فان عدد المقترعين هو 1874675 مقترعا أي ان خمسة بالمئة منهم تساوي 93 ألف و733 مقترعا، فهل يجوز ان تكون هذه الكمية من الناخبين من دون تمثيل في الحياة النيابية.