Site icon IMLebanon

هل تتباطأ الحكومة بخطّة الإنقاذ لاستفادة الماكينات من تقديم الخدمات للناخبين؟!

القانون الانتخابي يحتاج الى تعديلات تطال المقاعد الـ 6 والبطاقة و«الميغاسنتر» وسقف الإنفاق

 

 

انطلقت الماكينات الإنتخابية للأحزاب السياسية في الداخل والخارج، مستفيدة من عدم انطلاق الحكومة الجديدة في تطبيق الخطة الإقتصادية والمالية الإنقاذية التي يُعوّل عليها المواطنون اللبنانيون لاستعادة أنفاسهم والخروج من الأزمة الخانقة التي يُعانون منها منذ سنتين، من خلال خفض سعر الدولار الأميركي وتأمين المحروقات والدواء والسلع الغذائية بأسعار مقبولة. ولهذا فإنّ كلّ ما يحتاجه اللبناني المقيم في لبنان اليوم من الممكن أن تحقّقه له هذه الأحزاب شرط كسب صوته وأصوات أفراد عائلته، سيما وأنّ أي خطوة ملموسة نحو تحسين وضعه الإقتصادي والمعيشي والإجتماعي لم تتخذها الحكومة الجديدة بعد، كونها لا تزال تتحضّر لبدء عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي ولوضع خطّة التعافي الإقتصادية على السكّة الصحيحة.

 

مصادر سياسية مطّلعة تجد بأنّ انطلاق الماكينات الإنتخابية تأخّر بعض الشيء، كون الأزمات المتفاقمة في البلاد هي التي كانت ولا تزال تحتلّ الأولوية في حياة المواطن اليوم، كما أنّها موضوعة بالدرجة الأولى على جدول أعمال الحكومة التي تسعى الى تحقيق الإصلاحات المطلوبة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، قبل دخول البلاد في خضمّ الإنتخابات بشكل كامل.

 

ويجد بعض المراقبين السياسيين في هذا الإطار، بأنّ الحكومة الحالية تتباطأ بعض الشيء بالإنطلاق بخطّة الإنقاذ، بهدف أن تستفيد الأحزاب من خدماتها وتقديماتها للناخبين، خصوصاً وأنّ وزراءها يمثّلون غالبية الأحزاب التي قرّرت المشاركة فيها باستثناء الأحزاب المسيحية أي «التيّار الوطني الحرّ»، «الكتائب اللبنانية» و»القوّات اللبنانية». ويقولون بأنّ حتى قرار عدم مشاركة هذه الأحزاب في الحكومة الحالية، كان مقصوداً وله أهدافاً سياسية، فالغاية من بقاء هذه الأخيرة خارج الحكومة هو للإيحاء بأنّها من «خارج الطبقة السياسية» التي انتفض عليها الشعب في 17 تشرين من العام 2019، مُطالباً بإسقاطها، وتعمل هذه الأحزاب اليوم على الوقوف ليس فقط الى جانب مناصريها ومؤيّديها، بل الى جانب ناخبي الدوائر التي تريد أن تفوز بها، لتُظهر لهم بأنّها بعيدة عن الطبقة التي أوصلت البلاد الى ما يعيشه المواطــنون اليوم من انهيار وفاقة وعوز على الصعد كافة.

 

ولهذا، يلفت العارفون الى أنّه ليس من باب إلّا وتسعى الماكينات الإنتخابية لطرقه لزيادة عدد ناخبيها وحصولها على عدد اضافي من المقاعد في المجلس النيابي، إذا جرى اعتماد القانون الإنتخابي النافذ الرقم 44 الصادر عام 2017، والقائم على النسبية مع اعتماد 15 دائرة وصوت تفضيلي واحد، أو القانون نفسه معدّلاً بفعل تغيّر الظروف وانخفاض القيمة الشرائية لليرة اللبنانية.

 

وذكرت المصادر السياسية بأنّ وسائل جذب الناخبين المقيمين على الأراضي اللبنانية تطال الوعود بتأمين حصول الناخب على البطاقة التمويلية التي تطال في الأساس 500 ألف عائلة فقط، وستشهد عملية شدّ الحبال بين الطوائف والأحزاب للحصول عليها، خصوصاً وأنّ عدد العائلات الأكثر حاجة بات يفوق العدد المحدّد من قبل الدولة. فضلاً عن تأمين قسائم البنزين والمازوت، ونحن على أبواب فصل الشتاء إذ تكثر الحاجة الى التدفئة، لا سيما في المناطق الجبلية الباردة، وقسائم شراء السلع الغذائية من بعض «السوبرماركات»، ودفع الأقساط المدرسية وبدل «الأوتوكار» عن الفصلين الأول والثاني لأولاد الناخبين، فيما يُترك الفصل الثالث للأهالي، إذ تكون عندها قد انتهت العملية الإنتخابية وصدرت النتائج.

 

وفيما يتعلّق بتسجيل الناخبين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية والذي بدأ في دول الخارج في الأول من تشرين الأول الجاري ويستمرّ حتى 20 تشرين الثاني، فأفادت المعلومات أنّه تسجّل حتى الآن أكثر من 3000 ناخب من كلّ من أوستراليا والأميركيتين الجنوبية والشمالية، ومن الدول الأوروبية والعربية والافريقية وحتى الآسيوية. وتتوقّع المصادر نفسها أن يزداد عدد المسجّلين تدريجاً، مشيرة الى أنّه إذا ما تسجّل ألف ناخب يومياً، فإنّ العدد سيصل الى نحو 50 ألف مع انتهاء مهلة التسجيل. أمّا في حال تسارعت وتيرة التسجيل أكثر فقد يصل عددهم الى أكثر من مئة ألف أو 150 ألف ناخب. وتعمل ماكينات الأحزاب السياسية في دول الخارج على تشجيع الناخبين الذين يملكون الجنسية اللبنانية ويستفون الشروط القانونية المطلوبة على تكثيف التسجيل بهدف كسب المعركة الإنتخابية. علماً بأنّ المرشّحين المستقلّين يُعوّلون على أصوات الناخبين غير المقيمين لوصولهم الى الندوة البرلمانية بأعداد غير قليلة، كونهم يستطيعون الإقتراع بحرية أكبر في دول الخارج، من الداخل حيث تلاحقهم الماكينات الإنتخابية وتدخل معهم الى ما وراء الستارة الإنتخابية في أحيانٍ كثيرة.

 

وأشارت المصادر نفسها، بأنّ عدد اللبنانيين المنتشرين في الخارج عددهم كبير جدّاً، نسبة الى عدد الناخبين منهم أو الذين يملكون الجنسية اللبنانية ويستوفون الشروط القانونية ما يؤهّلهم للإقتراع. ففي المكسيك، على سبيل المثال، تضمّ الجالية البنانية نحو 800 ألف لبناني، لا يملك الجنسية اللبنانية منهم سوى 2500. وكذلك الأمر في البرازيل وأوستراليا، حيث يصل عدد اللبنانيين الى أكثر من 12 مليون، من دون وجود إحصاءات دقيقة، لا يملك غالبيتهم الجنسية، ولا يتكلّمون اللغة العربية، لا سيما المغتربين من الجيل الثالث أو الرابع. وهذا الأمر يجعل عدد الناخبين من المغتربين الذين يحقّ لهم التصويت لا يتعدّى المليون، يُضاف اليهم الناخبون المقيمون في الخارج بهدف العمل القديم أو المستجدّ وعددهم لا يتعدّى النصف مليون، غير أنّ أصوات هؤلاء في حال تسجّل نصفهم بإمكانها تغيير مسار بعض المعارك الإنتخابية في بعض الدوائر الحامية.

 

وأوضحت المصادر أنّه على اللبنانيين المقيمين في الخارج أن يُقرّروا أين يريدون الإقتراع، فإذا كانوا يريدون الإنتخاب حيث يقيمون في أي بلد في دول العالم، وليس في لبنان عليهم التسجيل سريعاً، لكي تتمكّن اللجنة المشتركة من وزارتي الخارجية والداخلية من شطب أسمائهم من القوائم الإنتخابية في لبنان للدورة المقبلة في العام 2022. وأشارت الى أنّه في العام 2018 انتخب اللبنانيون في الخارج نوّاب البرلمان الـ 128، كلّ ناخب وفق قيده والدائرة التابع لها. فيما في العام المقبل، ووفق ما ينصّ عليه القانون فإنّ هؤلاء عليهم أن ينتخبوا 6 نوّاب من القارات الستّ، بحسب الطوائف الستّ الأساسية في لبنان، وعلى ما يُفترض أن يُقرّر مجلس النوّاب بشأن القانون الإنتخابي الذي سوف يُعتمد خلال العملية الإنتخابية. ولكن في حال جرى إلغاء هذه المقاعد الإغترابية الستّة، ترشّحاً وانتخاباً، فسيكون على الناخبين غير المقيمين الذهاب لانتخاب نوّاب الداخل، على غرار ما حصل في الدورة الماضية.

 

وذكرت المصادر بأنّه في حال تقرّر اعتماد القانون النافذ لإجراء الإنتخابات النيابية المقبلة، فلا بدّ من القيام ببعض التعديلات البسيطة، وليس الجوهرية عليه، لجهة اعتماد أو إلغاء المقاعد الستّة المخصّصة للمغتربين، واتخاذ القرار بشأن «الميغاسنتر» الذي لم يُطبّق في الدورة الماضية وترجّح عدم تطبيقه أيضاً في الدورة المقبلة، كونه يحتاج الى إمكانات مادية ولوجيستية، ويتعلّق بانتخاب الناخبين في مكان الإقامة وليس في مكان القيد. وتشمل التعديلات أيضاً البطاقة الإلكترونية الممغنطة التي تبلغ كلفتها نحو 100 مليون دولار، وسيجري بالطبع تعليق العمل بها، على غرار ما حصل في الدورة الماضية لعدم إمكانية تأمينها. فضلاً عن ضرورة تعديل سقف التمويل والإنفاق المالي الإنتخابي المحدّد مثلاً بمئة وخمسين مليون ل. ل. في القانون الحالي، لا سيما مع انخفاض القدرة الشرائية لليرة والإرتفاع الجنوني لسعر الدولار الأميركي. على أنّ هذه التعديلات التي تحتاج الى قانون يمكن اتخاذها في جلسة واحدة، مع إمكانية جعل الهوية اللبنانية بطاقة ذكية تحلّ مكان البطاقة الإلكترونية في الدورات الإنتخابية اللاحقة.

 

ولفتت المصادر عينها الى أنّه جرى تفعيل دور هيئة الإشراف على الإنتخابات التي ستُساعد الأمم المتحدة في تجهيز المكاتب والأمور اللوجيستية التابعة لها، وذلك لممارسة عملها الرقابي لضبط التزام ما ينصّ عليه القانون بالنسبة للظهور الإعلامي، ومرحلة الصمت ما قبل يوم الإنتخاب، والإنفاق الإنتخابي. وشدّدت المصادر على أنّ إجراء الإنتخابات النيابية ستجري في موعدها، وفق القانون النافذ والتعديلات التي قد تصدر عن مجلس النوّاب بشأنه، بكلّ شفافية ونزاهية ومصداقية، كما سيجري استخدام مراقبين أوروبيين ودوليين لضمان نزاهة العملية الإنتخابية وعدم حصول الرشاوى الإنتخابية وشراء الأصوات.