Site icon IMLebanon

عفو انتخابي»… بدلاً من تعليق المشانق

 

في الوقت الذي كانت شرائح واسعة من اللبنانيّين تأمل أن يتمّ خلال العهد الجديد تعليق المشانق والتشدّد في تطبيق أحكام القضاء، خاصة بعد تفاقم جرائم القتل وحالات الإستهتار بالحياة الإنسانيّة في لبنان إلى درجة بلغ معها مجموع جرائم القتل خلال العام 2016 الأسبق 134 جريمة، وخلال العام 2017 السابق 124 جريمة، أي بمعدّل جريمة كل ثلاثة أيّام، بموازاة إكتشاف خلايا أمنيّة وإرهابيّة وخلايا تعامل مع العدوّ، إضافة إلى تفلّت للعصابات ولمروّجي المُخدرات، تتواصل التحضيرات خلف الكواليس لتمرير مشروع عفو يشمل آلاف المُجرمين بجرائم مُختلفة من مُختلف الطوائف والمذاهب!

وفي هذا السياق، كشفت أوساط مُطلعة أنّ العمل كان قائمًا حتى الأمس القريب لأن يشهد العقد التشريعي العادي لمجلس النواب الذي يبدأ هذا العام في 20 آذار، تصويتاً بالإيجاب من جانب أغلبيّة النوّاب الحاليّين، على مشروع عفو عام جديد سيطال مجموعة مُختلفة من الجرائم، مُشيرة إلى أنّ الخلافات السياسيّة التي طرأت في الأسابيع القليلة الماضية إنعكست سلبًا على هذه المساعي، علمًا أنّ العقبات التي تقف بوجه إقرار قانون العفوالمذكور، تتمثّل في بعض التفاصيل الصغيرة، وخُصوصاً في الإتفاق على الفئات التي سيتم إستثناؤها من العفو، حيث تُوجد ضُغوط كبيرة لإستثناء الجرائم المُصنّفة تحت خانة «الإرهاب» منه، علماً أنّ الخلافات المُتبقية تتمحور حول تحديد الفئات والأعمال التي تندرج تحت خانة «الإرهاب». وأضافت الأوساط نفسها أنّ القانون المذكور لن ينحصر باللبنانيّين بل سيشمل عدداً من السوريّين والفلسطينيّين أيضًا، حيث يبلغ العدد الإجمالي للمُستفيدين منه أكثر من ستّين ألف شخص. ولفتت الأوساط نفسها إلى أنّه من المُرجّح أن يصدر قانون العفو إستناداً إلى المادة 150 من قانون العقوبات، الأمر الذي من شأنه إسقاط كل عُقوبة أصليّة كانت أوفرعيّة عن المُستفيدين من القانون، ما سيجعلهم يستعيدون حُقوقهم المدنيّة كاملة.

وأوضحت الأوساط المُطلعة أنّ أبرز المُستفيدين من قانون العفو، هم:

أوّلاً: مطلوبون بجرائم مُخدرات وممنوعات وبتأليف عصابات مُسلحة وبحوادث إطلاق نار وبتسويق «شيكات» بدون رصيد وبمقاومة رجال الأمن بالشدّة والسلاح، علماً أنّ عدد هؤلاء هوالأكبر بين الجهات التي ستستفيد من العفوالعام، ويُقدّر بنحو45000 شخص أغلبيّتهم الساحقة من منطقة البقاع، ولوأن جرائم البعض منهم ثانويّة. وسيكون المخرج بأن يتم إستثناء كبار تُجّار ومروّجي المُخدرات لما لهم من تأثير سلبي على المُجتمع اللبناني.

ثانيًا: اللبنانيّون الذين فرّوا إلى الأراضي الفلسطينيّة المُحتلّة بعد تحرير الجنوب في العام 2000، وهو عفو سيشمل نحو5000 شخص. وسيكون المخرج باستثناء من تعامل مع قوّات الإحتلال الإسرائيلي وتورّط بشكل مُباشر في أعمال أمنيّة ضُدّ اللبنانيّين.

ثالثاً: المجموعات التي تورّطت في مواجهات مُسلّحة على الأراضي اللبنانيّة، وسيكون المخرج بفصل ملفّات هؤلاء بعضها عن بعض، بحيث لا يتم إستثناء كل «الإسلاميّين المُتشدّدين» دفعة واحدة من قانون العفو، وإلا لن يوافق «تيّار المُستقبل» على تمرير هذا القانون. وبالتالي سيتم الإبقاء على من ثبتت إدانتهم بالتورّط بأعمال إرهابيّىة واضحة، وبمعارك مُباشرة مع الجيش من عبرا مرورًا بعرسال وطرابلس وُصولاً إلى بحنين وغيرها من المناطق، داخل السجون، بحيث يشمل العفو «إسلاميّين» لم تثبت إدانتهم في أي من هذه الأعمال، واعتقلوا بسبب مُعتقداتهم.

رابعاً: على الرغم من إستثناء جرائم القتل العاديّة من العفوالعام، فإنّه لا يُمكن للأحكام القضائيّة إلا أنّ تتأثر خلال مُجريات المُحاكمات نتيجة إرتدادات قانون العفووحتميّة مُقارنتها من جانب مُحامي الدفاع عن المُتهمين بهذه الجرائم، ما يعني أنّ فئة رابعة ستستفيد بشكل غير مُباشر من قانون العفو المُرتقب.

من جهة أخرى، علّقت مصادر سياسيّة مُطلعة على مسألة العُفوالعام الجديد المُنتظر بالقول إنّ هذا الأمر يعني أنّ الكثير من المُستفيدين سيتمكّن من الإقتراع في الإنتخابات النيابيّة المُقبلة وكأنّ شيئًا لم يكن، وهوأحد الأهداف الرئيسة لإقرار العفو عشيّة الإنتخابات ـ كما هومُتوقّع، بحيث تصب أصوات هؤلاء وعائلاتهم إلى جانب الأحزاب السياسيّة التي عملت على إقرار القانون. وقالت إنّ إنهاء ملفّات مطلوبي البقاع وبعض سُكان الضاحية الجنوبيّة هو مطلب يدعمه «الثنائي الشيعي» و«حزب الله» بشكل خاص، بينـما مطلب عودة الفارين إلى الأراضي المُحتلّة يرفع لواءه «التيار الوطني الحُرّ»، في حـين يعمل «تيّـار المُستقبل» على إخراج أكبر عدد مُمكن من «الإسلاميّين المُتشدّدين» من خلال مُحاولة فصل ملفّاتهم عن تهمة الإرهاب، وإدراجها هؤلاء المُتورّطين تحت خانة «مُغرّر بهم».

وختمت المصادر السياسيّة كلامها بالقول إنّه في حال إرضاء «المُستقبل» المدعوم بقوّة في مطلب العفو عن «الإسلاميّين» بالتحديد، من قبل العديد من الجهات الأخرى في الطائفة السنّية، من مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان نُزولاً، فإنّ قانون العفو سيسلك طريقه إلى التنفيذ قريبًا. وأضافت أنّ هذا الأمر سيؤمّن دفعاً قوياً لأحزاب السُلطة خلال الإنتخابات النيابيّة، بينما سيُشكّل ضربة معنوية قويّة لذوي الضحايا من كل الفئات. وأضافت أنّه في حال الإصرار على إستثناء كل الإسلاميّين من العفو، فإنّ هذا القانون سيبقى مُعرقلاً وسيتمّ تأجيل مسألة حسمه إلى ما بعد الإنتخابات.