الاستحقاقات الإنتخابية ونتائجها أمران مفصليان ومن الضروري أن يتنبّه الرأي العام لخطورة التصويت العشوائي الغوغائي وبما أنّ المطلوب إقتراعاً حرّاً يحمل صفات التحرر والنزاهة على الناخبين رفض نظام وفدرالية الطوائف والمذاهب المنتهجة في الجمهورية اللبنانية، كما عليه رفض مبادئ يعتمدها ساسة الأمر الواقع ومنها التعصُّب والتزّمُت، لأنّ الإيمان بالجمهورية اللبنانية يجب أن يكون بتولاً، كما على أي ناخب أو مقترع معرفة حقوقه وواجباته، كما المُشاركة في رسم السياسة العامة التي من خلالها يمكنه عرض ومناقشة آرائه وبلورتها ضمن الأطر الديمقراطية مع كافة المكونات اللبنانية.
لكل ناخب نتوّجه كمركز أبحاث PEAC لنقول له إنّ أي استحقاق إنتخابي هو الشأن الأهم في الحياة الوطنية الديمقراطية الصادقة المتحررة من الطائفية والمذهبية والكيّدية والإقصاء والإرتهان، لأنه القضية المركزية التي تحكم سواها من القضايا في الجمهورية الوطنية، وهو وحده المدخل السليم لأي تغيير ديمقراطي في الأداء السياسي الرسمي الوطني. إنّ الاستحقاق الإنتخابي في الدول المتحضّرة يحمل في كل فصوله المبادئ التي يُعوّل عليها لإنتاج سلطات محلية وسلطات وطنيّة رسمية تُكرّسْ الثوابت السياسية الوطنية والثوابت الإنمائية في المدن والقرى من جهة كما إنه من المفترض صيانة وحدة الشعب ومشروع قيام دولة وطنية عصرية حرّة ذات سيادة تامة وناجزة يُعتمد عليها لإقامة نظام سياسي ديمقراطي يؤمّن مستقبل الناخبين في وطنهم.
على كل ناخب التنبُّه للأنظمة الإنتخابية التي اعتمدتْ سابقاً وراهناً وأغلبيتها كانتْ نِتاج سلطات أحاديّة إقصائية دكتاتورية عميلة رجعية عمِلتْ ضمن توجهات طبقة سياسة محترفة في التضليل والتحريف وهدفها دائماً وأبداً مصادرة السلطة ورهن الوطن وإستباحة كرامات أبنائه وتجيير أرضه للغريب تحت مسميّات خطيرة أنهكت السيادة الوطنية.
على كل ناخب التنبّه لصياغة قوانين تُثبِّتْ نظام المحاصصة عن طرق إذكاء الصراعات والانقسامات والعصبيات بدلاً من صياغة قوانين تسمح بمبدأية تداول السلطة وبالتالي تجديد الحياة السياسية وتفعيل دور المؤسسات الرسمية المدنية والعسكرية وتكريس وحدة الشعب والقرار.
على كل ناخب أن يعلم أنّ أي قانون إنتخابي وأي عملية إقتراع لا يجب أن يأتيا من إلتقاء رغبات أهل السلطة ومصالحهم، إنما منطق العلوم السياسية ومنطق مبادئ المذهب الديمقراطي يؤكدان على أن يكون القانون خاضعاً لمبادئ الديمقراطية وحرية التعبير وحرية الأداء السليم وبتراتبية المعايير التي يضعها القانون ومبدأ تداول السلطة بالآليات الديمقراطية المتعارف عليها لا بمبدأ تشويه الديمقراطية المعتمد حالياً.
على كل ناخب المطالبة بإعتماد مبدأ اللامركزية الإدارية والتي تعتبر من المبادئ التي ترتكز عليها قواعد الديمقراطية والتي من خلالها يتم توزيع الوظائف الإدارية بين الجهاز المركزي والوحدات الإدارية الأخرى عبر مجالس إدارية منتخبة وفقاً للأصول الديمقراطية… وبناء على ما ورد في الدستور اللبناني بات على الناخبين المطالبة بتطبيق مبدأ إعتماد اللامركزية الإدارية دعماً لعمل السلطات المحلية لِما له من إنعكاسات إيجابية على المدن والقرى اللبنانية لا سيما في الظروف التي يعيشها الناخب اللبناني.
على الناخب اللبناني أن يعلم أنّ مطالبته بإعتماد مبدأ اللامركزية الإدارية لا يعني بأي شكل من الأشكال أنه نظام فدرالي أو ما يُعرف بـ«التقسيم المقنّع»، بل هو خطوة تنظيمة المُراد منها نظام إداري للدولة هدفه راحة الناخبين المواطنين وهو بصريح العبارة نظام أكثر عدالة تستند إليه كل الأنظمة الديمقراطية الحديثة ويتضمن الكثير من المبادئ الديمقراطية ذات طابع يحمل التوعية الوطنية الإجتماعية الخُلقية لخلق جيل شجاع مثقف يُدين بالولاء للدولة ومؤسساتها الشرعية ولروحية إنتماء وطني بعيداً عن أفكار التقوقع والعمالة والتعصُّب.
على كل ناخب أن يتدارك خطورة ما يهدف إليه ساسة الأمر الواقع وقد ظهرت أهدافهم للعلن فهم يأخذون المنحى التوظيفي لتحقيق غايات فئوية ومذهبية تقود في الغالب إلى التبعيّة والإرتهان والتسبُّب في إنهيار ركائز الجمهورية. وعلى الناخب أن يعلم أنّ للمُرّشح حقوقه الطبيعية الأساسية وله الأولوّية المطلقة في تراتبية المعايير القانونية وحقوقه هذه غير قابلة للإنتقاص أو التجزئة أو حتى التجيير، وبالتالي إنها تستمّد مشروعيتها القانونية والدستورية من الانتظام العام في المؤسسات الرسمية.
على كل ناخب أنّ يعلم أن الاستحقاقات الإنتخابية ونتائجها أمران مفصليان في الحياة السياسية اللبنانية، والانتخابات بكل فصولها هي أساس العملية الديمقراطية في الأنظمة السياسية، حيث لا ديمقراطية سليمة وصادقة إذا كان القانون الانتخابي قاصراً عن إيلاء الدور الإنمائي للمناطق والقرى والبلدات، أو قاصراً عن إيلاء الدور السيادي لك كناخب لمنظومة سياسية يتمثّلْ فيها بشكل سليم.
على كل ناخب أن يعلم أنّ أي استحقاقا إنتخابيا يستدعي إختيار ممثل عنه على ضوء المشروع الوطني الصرف الإنمائي والسياسي الذي يعتمد على المبادئ الديمقراطية لا الإقصائية، وعلى الناخب التركيز على مرشّح يحمل برنامج وطني إنمائي غير منجرف في آتون الطائفية والمذهبية والارتباط الزبائني وبمؤثرات ومغريات غُبّ الطلب لأن الاستحقاقات الانتخابية تُقاس بنوعية قانون الإنتخاب وبِحُسن الإختيار على أن تكون النتائج كفيلة بتظهير وعي الناخب.
* كاتب وباحث سياسي
