Site icon IMLebanon

بو صعب عن خلافه وباسيل: “أنا مثل السكة ما بغيّر”

 

قبل أسابيع اتصل الوزير السابق نقولا صحناوي من مجلس الحكماء في «التيار الوطني الحر» يطلب الإجتماع بنائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب عند الجنرال ( رئيس الجمهورية السابق ميشال عون) «بناء على رسالة بعث بها باسيل تتهمه بعدم التزام قرار التكتل». أي أنّ المطلوب التحقيق معه بناء على الآلية التي ينص عليها النظام الداخلي للتيار. اعتذر بو صعب عن عدم الحضور لأنّ «موضوع الآلية التي تتحدث عنها لا يعنيني». في إشارة ضمناً إلى رفضه سابقاً الخضوع كالنواب الآخرين لآلية الإنتخاب الداخلية تمهيداً لترشّحه للنيابة.

 

كان لافتاً حضور بو صعب عشاء هيئة قضاء المتن في «التيار الوطني الحر»، حجز لنفسه مكاناً بعيداً عن الطاولة الرئيسية حيث الجنرال ميشال عون فبقي على مسافة من رئيس «التيار» جبران باسيل، لكنه سمعه يغمز من قناته وآخرين بقوله للتياريين «أنتم القاعدة الصلبة للتيار التي لم تهزمها الصعاب والأزمات. هذا التيار هو للمناضلين وللمضحّين والمقاومين. قد يمرّ فيه أصحاب مصالح ومتسلقو مناسبات وقانصو مواقع، لكن اذا لم تكن طينتهم طينة نضال ومقاومة فهم لن يستمروا في التيار». أنهى باسيل كلامه فغادر بو صعب الذي لم يعتبر نفسه معنياً وحده بما تناهى إلى مسامعه.

 

منذ ما بعد جلسة الإنتخاب الرئاسية لم يعد باسيل يفوّت مناسبة إلا ويصوب فيها على بو صعب وعدد من النواب ممن يتهمهم ضمناً بالتغريد خارج سرب «التكتل». لم يعد خافياً أنّ بين باسيل وبو صعب خلافاً خفياً يحاذر الطرفان إخراجه إلى العلن. منذ الإنتخابات النيابية لم يعد بو صعب يلتزم حضور اجتماعات الهيئة السياسية والمجلس السياسي بينما أبقى على حضور اجتماعات «التكتل» إلى أن وقع الخلاف على المرشح الرئاسي. اللقاء الأخير الذي جمعه مع باسيل كان في جلسة انتخاب الرئيس ليفترقا بعدها فيكون بو صعب من حصة الرئيس عون ويبقى مستهدفاً بكلام باسيل وإنتقاداته.

 

الجلسة محطة افتراق

 

كانت جلسة الإنتخاب المحطة التي فرّقتهما فذهب كل في وجهته حتى لم يعد للعلاقة الشخصية وزن وحضور. عقب الجلسة توعد باسيل معارضي توجهه والمتخلفين عن التزام التصويت للمرشح جهاد أزعور بالمحاسبة. شخصت العيون يومها باتجاه آلان عون وابراهيم كنعان وبو صعب. ابن ضهور الشوير الذي تغلب علمانيته على انتمائه الطائفي هو النائب المشاغب، كثير الحركة. من خارج رغبة «التيار الوطني» ورئيسه ترشح لمنصب نائب رئيس المجلس النيابي، وأراد أن يشق حيثية لمكانته النيابية، فسار على درب من سبقوه إلى منصبه بأن تحوّل رجل المبادرات والباحث عن حلول وفتح خطوط التواصل مستفيداً من نجاحه في مفاوضات الترسيم بين لبنان واسرائيل بوساطة المندوب الأميركي آموس هوكشتاين.

 

لم يخدع بو صعب رئيس «التيار» ولم يغشه ولا هو «خائن»، كما وصف. وتقول مصادره إنه سبق أن أبلغ الى باسيل بصريح العبارة «لن أسير بخيار أزعور». وحين قابل الرئيس ميشال عون لم يتردد في تبرير معارضته ليعاجله عون بالسؤال: ما العمل بعدما أعلن باسيل التزام التصويت لأزعور؟ اقترح عليه تأجيل الجلسة فأيّده، لكن رفض التأجيل كان أقوى من رغبة عون.

 

خرج بو صعب عن توصية رئيس «التكتل» الذي ينضوي تحت لوائه «وسار في خيار يتوافق مع اقتناعاته»، ومن قال «إنّ كلمة باسيل لا تعارَض وقراره ملزم، ولو كان رئيس التيار الذي ينتمي اليه والتكتل النيابي؟». في التبرير الممكن أنّ النظام الداخلي للتيار لم يلزم الأعضاء بقرار الرئيس. يمكن تسجيل سابقة من هذا النوع يوم رفض ادغار معلوف التصويت على قرار العفو عن رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، وتغيّب الرئيس عون عن حضور الجلسة النيابية.

 

داخل كل الأحزاب يحصل أنّ عضواً يخرج عن قرار الحزب في شأن ما يعاكس اقتناعاته، وهكذا حصل. عبّر بو صعب عما يقتنع به وأصرّ عليه، هو الذي رفض الترشح للنيابة لولا إصرار باسيل، فكان جوابه «لا أريد الترشح لأن لي استقلاليتي التي قد تتعارض ومصلحتك»، فتم التوافق على أن تكون له استقلاليته ليفاجأ بعدها «أن التوافق تم لمحاربته في الإنتخابات».

 

ويوم رشح بو صعب نفسه لمنصب نائب الرئيس، صدم عندما تبلغ أنّ باسيل طالب بدعم النائب جورج عطاالله، وأبلغ «حزب الله» أنه غير معني بترشيح أيّ اسم، لكن إصرار بو صعب وعدد من النواب داخل «التكتل» فرض معادلته كمرشح و»هذا الفريق لا يزال على خلافات يومية معه حتى اليوم».

 

حديثاً تناهت إلى مسامعه انتقادات حادة في حقه يرددها عدد من المقربين لباسيل باعتبار أنّ نائب الرئيس «كبر راسه»، ولدى مفاتحته تنصّل باسيل من قائليها رغم كونهم من الحلقة الضيقة المحيطة به. توالت بعدها المواقف التي عارض فيها نائب رئيس مجلس النواب باسيل وتوجهاته منذ واقعة تأخير الساعة، وقوله رداً على سؤال في الإعلام «لا اوافق على الكلمات التي استعملها باسيل»، وقبلها موقفه من تعيينات حراس الأحراج، قال أيضاً «لا أوافق».

 

«لم يتغير» بوصعب الذي «لم يلتزم قرار التيار في أي من المراحل» سواء في الإنتخابات النيابية في الدورتين الماضيتين أو غيرهما من المحطات، لكن ربما لم يعد باسيل يتحمله، وهذا لسان حاله حين يفاتح بالأمر فيكون جوابه «أنا ما تغيرت»، هو المتهم بأنه كان السبّاق إلى المعارضة وأفسح المجال للآخرين للإقتداء به.

 

من الواضح أنّ بو صعب مصر على موقفه، تقول مصادره. وزير التربية السابق الذي لم يطلب شيئاً لنفسه، رفض باسيل توزيره في الحكومة الثانية لأنّه «فاتح على حسابه»، فجاءت تسميته وزيراً للدفاع برغبة من الرئيس عون، تحول إلى عبء بعدما «صارت حالته متكررة داخل التيار». اقتناعه بنهج وفكر عون «لم يتغير»، لكنه «باق على استقلاليته واقتناعاته بدليل إصراره على رفض ترشيح أزعور الذي رشحه باسيل ثم تراجع عنه».

 

«أنا مثل السكة ما بغيّر» يقول بو صعب في معرض الردّ على المستفسرين، وهو المصر حين يترشح لمنصب «أن يكون على حجمه أو يحجم عن استلامه». علاقته بباسيل ليست على خير وليس معروفاً ما سيكون عليه مستقبلها عشية التحضير لإنتخابات «التيار» الداخلية.