Site icon IMLebanon

الفرزلي لـ”نداء الوطن”: أتمنّى تشكيل حكومة جديدة… لكن الظرف غير متوفر

 

 

لا يكفي أن تكون مكونات الحكومة من الوزراء التكنوقراط كي يكون سلوكها غير ملوثٍ بلوثة الطبقة السياسية. إذ مجرد أن يكون شركاؤها في “الحديقة الخلفية”، من “طينة” القوى السياسية، فهذا كفيل بإغراقها في وحول المحاصصة والحسابات الضيقة.

 

وها هي التعيينات الإدارية والمالية تؤجل مرة واثنتين وثلاثاً فقط لأنّ القوى الداعمة لها تصرّ على اللعب بنفس أدواتها، متجاهلة أنّ البلاد شهدت استحقاقاً تاريخياً عبّرت عنه مشهدية 17 تشرين الأول، وبات يستحيل عليها تجاوز اعتبارات الرأي العام وتطلعاته لمعايير بناء الدولة.

 

تجاوزت حكومة حسان دياب المئة يوم من عمرها، لكنها لم تتمكن من تحقيق أي إنجاز يذكر، باستثناء إعلانها التوقف عن سداد اليوروبوند الذي تحوّل لسخرية القدر انجازاً في بلد المئة مليار دولار ديناً عاماً.

 

أما غير ذلك، فلا تزال الحكومة في طور حفر جبل الأزمات بإبرة الامكانات المتواضعة أو بالأحرى المعدومة، وسط معارك تخوضها على كل الجبهات، بما فيها جبهات الحلفاء الذين لا يوفرونها في الانتقادات، لاعتبارات عديدة، أهمها عدم قدرة هذه القوى على التعايش مع حكومة لا تشبههم!

 

أثبتت تجربة الأشهر الثلاثة والنيف، أن “حزب الله” هو الأكثر حماسة وحماية للحكومة، أما بقية الشركاء، وتحديداً رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل فيفضلان العودة إلى زمن ما قبل 17 تشرين الأول، إلى تجربة الحكومات السياسية أو بالحد الأدنى تكنوسياسية، ولا يمانعان في دفع رئيس الحكومة إلى الاستقالة ولو أنهما مقتنعان أن البديل غير متوفر.

 

وتلك بالذات، هي قوة دفع حسان دياب الذي يعرف أن استقالته هي ورقة قوته، وهي في الوقت نفسه مكمن ضعف الآخرين. وطالما أن الظروف غير داعمة لمن سيرثه في الجلوس على كرسي السراي، فهذا يعني أنه باقٍ.

 

ومع ذلك فُتح باب التأويلات حول امكانية انفراط عقد الحكومة، خصوصاً بعد الكلام الذي أطلقه نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الذي يشكل تقاطعاً سياسياً بين بعبدا وعين التينة، حيث اعتبر الفرزلي أنّ “لولا حراجة الموقف ودقة المرحلة لكان رحيل الحكومة هو الاجدى بعدما فقدت كل مقومات بقائها وسعت بنفسها الى استنزاف مضمونها”. وقد تزامن هذا الموقف “الانقلابي” مع تغريدة للوزير السابق غسان عطالله قال فيها إنّه “من غير المقبول لبلد يعاني من كل هذه الظروف الصعبة أن تعمل حكومته بهذه الوتيرة البطيئة وهذا التردد، لا بدّ من جرأة وسرعة في أخذ الكثير من القرارات وبالاخص في موضوع التعيينات وحسابات مصرف لبنان، اذا كنا نريد انقاذ ما تبقى من لبنان”.

 

إذ يبدو وفق المواكبين لعمل الحكومة أنّ “موال” العودة إلى مربع الحكومات السياسية لا يزال في البال، كما أنّ شركاء حكومة دياب، السياسيين منزعجون من تأجيل ملف التعيينات الادارية والمالية، خصوصاً وأنّ رئيس الحكومة يحاول قدر الامكان التخفيف من وطأة المحاصصة لمصلحة تغليب منطق الكفاءة. وهذا ما يدفعه إلى تأجيلها من جلسة إلى أخرى، ويثير بالمقابل نقمة السياسيين الذين يريدونها بأسرع وقت.

 

وفي هذا السايق يؤكد الفرزلي لـ”نداء الوطن” أنّ ما قاله يعبّر عن رأيه الشخصي بالحكومة بعد مئة يوم من ولادتها، ويستهدف مستوى انتاجيتها بشكل خاص.

 

ويشير إلى أنّ جلّ ما فعلته لمواجهة الأزمة المالية – النقدية – الاقتصادية هو اعلان قرار عدم سداد اليوروبوند والاتفاق مع لازارد، التي دعت الى افلاس القطاع المصرفي مع أنّ الأخير غير مفلس، لافتاً إلى أنّ الحكومة لم تتمكن من انتاج حلول عملية حتى أنها عجزت عن وضع أرقام موحدة للخسائر المالية، وهذه مسألة مركزية لا يمكن تجاوزها، إذ كيف للحكومة أن تطل على اللبنانيين بأرقام متناقضة وبورقة غير موحدة، كيف لها أن تقنع اللبنانيين وتطمئنهم وهي لم تفعل ذلك مع النواب؟ ويعتبر أنّ هذا التخبط يخفي غموضاً في الأسباب التي أملت إعلان إفلاس المصارف والدفع باتجاه منح تراخيص لمصارف جديدة، وفي خلفيات العقل السياسي الذي يتحكم بها، مؤكداً أنّ الحكومة غير قادرة على انتاج الأفكار والأحداث، وعاجزة عن اعادة صياغة علاقة لبنان بمحيطه.

 

وإذ لفت إلى أنّ رأيه بالحكومة لا يعني أبداً أن هناك مساعي لتشكيل حكومة جديدة، أكد أنّ التناقضات السياسية والاعتبارات الخارجية قد تحول في الوقت الراهن دون ولادة حكومة بديلة في وقت سريع، “ولو أنّني أتمنى أن تكون هناك امكانية لحكومة جديدة تولد صباح الغد، لكن الظرف غير متوفر”.